القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الإثنين 25 تشرين الثاني 2024

«قانون النكبة» الجديد

«قانون النكبة» الجديد

بقلم: هشام منور

لم يمضِ إحياء الفلسطينيين، ومعهم كل أحرار العالم وشرفائه، لذكرى النكبة بنحو عادي أو متساوق مع الاحتفالات التي تجري في كل عام؛ فحراك الربيع العربي في أكثر من بلد، والانتخابات الرئاسية المصرية، واتفاق الحركة الأسيرة مع سلطات سجون الاحتلال على فك إضراب آلاف الأسرى الفلسطينيين، كلها عوامل أعطت لمعنى الاحتفال طعماً خاصاً ومميزاً.

حزب «إسرائيل بيتنا» اليميني أبى إلا محاولة «التنغيص» وزيادة آلام الشعب الفلسطيني في هذا اليوم الحزين، يوم ذكرى النكبة؛ فقد طرح مشروع قانون جديد على جدول أعمال الكنيست يهدف إلى منع الجامعات الإسرائيلية من السماح بإحياء ذكرى النكبة، وذلك في أعقاب إحياء هذه الذكرى في جامعة تل أبيب.

ورأت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية أن مشروع القانون الجديد يقضي بوقف إعطاء ميزانيات لجامعات تسمح بإحياء ذكرى النكبة أو مراسم مشابهة داخل حرمها الجامعي «وتتعارض مع مبادئ إسرائيل». وأضافت الصحيفة أن مشروع القانون الجديد يأتي مكملاً لما يعرف بـ»قانون النكبة»، الذي سنّه الكنيست العام الماضي، وينص على توقف حكومة «إسرائيل» عن تمويل مؤسسات وهيئات تحيي أو تشارك في إحياء مناسبات فلسطينية، وخصوصاً ذكرى النكبة.

وأفادت الصحيفة بأن وزير التربية والتعليم الإسرائيلي، غدعون ساعر، بحث في الأيام الأخيرة إمكانية منع منح ميزانيات لجامعة تل أبيب، عقاباً لها على سماحها بإحياء طلاب عرب ويهود لذكرى النكبة. وتبين للوزير أنه لا يستطيع سلب ميزانيات في هذا السياق؛ لأن الجامعة لم تؤيد إحياء الذكرى. لكن من شأن مشروع القانون الجديد أن يسمح بوقف ميزانيات عن الجامعة.

مشروع القانون الجديد ينص على تخويل وزير التربية والتعليم، الذي يتولى رئاسة مجلس التعليم العالي أيضاً، بوقف الميزانيات لجامعات يجري فيها نشاط مؤيد للفلسطينيين داخل حرمها، حتى لو لم تؤيد إدارة الجامعة مضامين هذه الأنشطة. وبلور مشروع القانون الجديد رئيس لجنة التربية والتعليم في الكنيست، أليكس ميلر، من حزب «إسرائيل بيتنا»، الذي بادر إلى طرح «قانون النكبة» العام الماضي.

ويلقى مشروع القانون الجديد تأييداً من جانب أعضاء كنيست آخرين من التحالف ومن كتلة «الاتحاد الوطني» المعارضة. ويأتي مشروع القانون هذا في سياق سلسلة القوانين العنصرية والمعادية للديموقراطية التي قدمها ويسعى إلى تقديمها أعضاء كنيست من الأحزاب المشاركة في تحالف حكومة بنيامين نتنياهو اليميني.

وفي أعقاب ضغوط اليمين الإسرائيلي، قررت إدارة جامعة حيفا، في اللحظة الأخيرة، إلغاء النشاط لإحياء ذكرى النكبة الفلسطينية بمبادرة طلاب عرب ويهود، وذلك على أثر انتقادات شديدة وجهها اليمين الإسرائيلي لإدارتي جامعة تل أبيب والجامعة العبرية في القدس اللتين سمحتا بنشاط مشابه. وأعلن رئيس جامعة حيفا إلغاء النشاط قبل ثلاث ساعات من إجرائه، على الرغم من أن الطلاب المنظمين للنشاط حصلوا على تصريح من الجهات ذات العلاقة، ومن بينها دائرة الأمن في الجامعة.

وكان مقرراً عرض مسرحية للممثل سليم ضو عن النكبة والحكم العسكري الذي كان مفروضاً على الأقلية العربية في إسرائيل منذ عام 1948 وحتى عام 1965. ونقل الموقع الإلكتروني لصحيفة "هآرتس” عن الدكتور إيلان صبان، من كلية الحقوق في جامعة حيفا، قوله إن "إدارة الجامعة لم تلتفت إلى الأهمية والقدوة التي تعطيها في الفترة الحالية للمجتمع الإسرائيلي. ويحزنني أن أرى مؤسسات أكاديمية أخرى تُبدي شجاعة لا أجدها في مؤسستي”. وأضاف أن قرار الجامعة يبين "ضيق الأفق وعدم التعاطف مع الأقلية والنفاق”.

تأثير الأحزاب اليمينية على الجامعات الإسرائيلية تزايد مع إقدام إدارة جامعة حيفا على حذف الاسم العربي من شعارها الجديد الذي أصدرته في الأسابيع الأخيرة في مناسبة إتمام أربعين عاماً على إنشائها، واكتفت باللغتين العبرية والإنجليزية.

ومن خلال فحص أجرته صحيفة هآرتس، تبين أن الجامعة تسعى منذ فترة إلى شطب اللغة العربية من شعارها الرسمي، على الرغم من أن العنوان كان مصوغاً باللغة العربية منذ فترة زمنية طويلة.

عملية الشطب أثارت غضباً عارماً وسط محاضرين كثيرين في الجامعة، حيث توجه البروفيسور روبين شنير، عميد كلية العلوم الإنسانية إلى رئيس الجامعة البروفيسور أهارون بن زئيف لمناقشته في الموضوع. وفي أعقاب ذلك، عقد رئيس الكلية شنير، قبل أسبوع اجتماعاً لمجلس الكلية، وأجمع خلاله المشاركون على ضرورة إعادة اللغة العربية للشعار، حيث توجه شنير مع مجموعة أخرى من المحاضرين مرة أخرى إلى رئيس الجامعة، لكن بلا جدوى.

ونقلت الصحيفة عن إدارة الجامعة ادعاءها أنه مثل باقي الجامعات في "إسرائيل”، تستعمل الجامعة في نشراتها الرسمية وشعارها اللغة العبرية فقط، وهذه السياسة متبعة منذ أعوام طويلة، ولم يطرأ عليها تغيير.

فهل يكون حصار الأكاديميين وطلاب الجامعات أسلوباً جديداً لتذكير الفلسطينيين باغتصاب أرضهم التي أثبتوا من خلال إحيائهم لفاعليات النكبة أنهم لم ينسوها أصلاً!؟

المصدر: مجلة العودة العدد الـ57