القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الأربعاء 27 تشرين الثاني 2024

قراءة في تفاهمات وقف إطلاق النار

قراءة في تفاهمات وقف إطلاق النار

الكاتب: سعيد وليد الحاج

كان هناك تخوف (له ما يبرره حسب البعض) أن تكون زيارة أمير قطر، وما أعقبها مباشرة من عدوان على القطاع، مع تسابق الكثير من سياسيي المنطقة على زيارة غزة، أن يكون هذا كله في إطار خطة لتطبيق وضمان هدنة طويلة الأمد، ربما يريد من وضعها جرَّ حركة حماس بعد مدة من الزمن إلى وقف المقاومة تماماً والانخراط في عملية سياسية (مفاوضات غير مباشرة ربما) مع الكيان الصهيوني.

لكن التفاهمات التي وقعت عليها قوى المقاومة مع دولة الاحتلال (بشكل منفرد وغير مباشر بالتأكيد)، ثم المؤتمر الصحافي الذي عقده رئيس المكتب السياسي لحركة حماس الأستاذ خالد مشعل ورئيس حركة الجهاد الإسلامي الدكتور رمضان شلح حملا مضامين وتأكيدات تنفي هذا التخوف تماماً.

ربما كان للتخوف فعلاً ما يبرره، خاصة عندما بدا أنَّ المقاومة فاجأت القريب قبل البعيد باستعداداتها، وظهر للجميع منذ اليوم الأول أنها عصية على الهزيمة العسكرية أمام آلة القتل الصهيونية. وهو ما جعل الحل الوحيد الممكن لبعض الأطراف هو محاولة استيعاب حماس حين استعصى كسرها.

لكن التفاهمات التي وقع عليها الطرفان برعاية مصرية و"شهادة" أمريكية، تضمنت الحديث عن وقف متبادل لإطلاق النار، بمعنى أنه لا مدة زمنية قد حددت ولا إجراءات مستدامة، بل كان الحديث عن الجولة الحالية من العدوان على القطاع، إضافة لإنهاء حقبة الحصار المفروض عليه.

كما أن تصريحات مشعل وشلح في المؤتمر الصحافي تجاوزت التحدي لتصل إلى حدود التهديد. فقد ركز القائدان على معاني المرحلة الجديدة والمعادلة الجديدة والاستمرار في التسلح والاستعداد، إضافة إلى حديث "أبي الوليد" عن إغلاق ملف الأسرى، مما يوحي بإمكانية أن تكون المقاومة قد استطاعت فعلاً أسر الطيارين.

الآن وبعد ان انصاعت دولة الاحتلال لشروط المقاومة، تكون الصورة قد انجلت وأصبح بإمكاننا حصر وتعداد المنتصرين والمنهزمين في هذه الحرب المصغرة.

فمن بداهة القول أن المقاومة وعلى رأسها حماس وذراعها الضارب كتائب القسام ومعها الشعب الفلسطيني كانوا أول المنتصرين، لكن ينبغي ألا نغفل ما حققته مصر الثورة من إنجاز يحسب لها، وهي تعيد صياغة دورها الإقليمي وحضورها في الملفات المختلفة. وإذا كانت دولة الاحتلال خسرت كثيراً وربما انتهى عمر نتنياهو الافتراضي سياسياً، فإن النهج التفاوضي الذي أصر عليه محمود عباس ومجموعته أيضاً في وضع لا يحسد عليه، وهو يلفظ آخر أنفاسه.

إن كان من حقيقة صاغتها المواجهة الأخيرة، فهي أن الوضع بعدها لم يعد أبداً كما كان قبلها، وأنها انعطافة تاريخية بكل ما للكلمة من معنى في الصراع مع الصهيونية. ودون حاجة للمبالغة في تقدير نتائج هذه الجولة، التي ستتبعها ولا شك جولات اخرى، ربما يمكن تلخيص ما حصل بقول الرسول صلى الله عليه وسلم الشهير: "اليوم نغزوهم ولا يغزوننا"، والتعبير عنه بقول السيد مشعل مقتبساً الآية الكريمة: "وإن عدتم عدنا".