قرارات ترامب وتداعياتها
على القضية الفلسطينية
أكرم عبيد
من يعتقد ان قرارات
الرئيس الامريكي ترامب بخصوص القدس والقضية الفلسطينية جديدة فهو واهم لان الادارات
الامريكية السابقة لم تختلف عن ترامب سوى بالأسلوب الفج اليميني العنصري المتطرف الذي
لم يملكه أي رئيس امريكي قبله او ادارة في تاريخ الصراع العربي الصهيوني.
لذلك كانت الادارة
الامريكية وما زالت الشريك الاستراتيجي الاول لسلطات الاحتلال الصهيوني في العدوان
على شعبنا وشرفاء امتنا والذي تجلى بشكل عملي ومباشر من اخلال بعد جريمة اعلان الرئيس
الامريكي ترامب القدس عاصمة للكيان الصهيوني المصطنع في فلسطين المحتلة بتاريخ 6 /
12 / 2017 بالإضافة لقرار نقل السفارة الامريكية من ارضنا المحتلة عام 1948 الى القدس
المحتلة عام 1967هذه الجريمة التي شجعت مجرمي الحرب الصهاينة على اتخاذ عدة قرارات
وقوانين خطيرة خلال شهر او ما يزيد قليلا تستهدف اهم ملفات القضية الفلسطينية وفي مقدمتها..
اولاً: ” ملف الاستيطان
” صوت حزب الليكود الصهيوني العنصري اليميني المتطرف بالإجماع على مشروع قرار يدعو
لضم كل المستعمرات الصهيونية في الضفة الغربية المحتلة بشكل عام وفي القدس المحتلة
بشكل خاص بتاريخ 31 / 12 / 2017 ويدعو القرار الاجرامي الصهيوني القيادات الصهيونية
الليكودية اليمينية العنصرية المتطرفة المنتخبة للعمل من اجل السماح بالبناء الحر بالمستعمرات
الصهيونية وفرض القوانين السيادية الصهيونية عليها وهذا يعني ان سلطات الاحتلال الصهيونية
تعمدت اعلان الحرب على الشعب والارض والمقدسات في فلسطين المحتلة لاستثمار جريمة الرئيس
الصهيوني الامريكي بحق القدس المحتلة.
ثانيا: ” ملف القدس
” لقد صادق ما يسمى الكنيست الصهيوني في الأول من كانون الثاني / 2018 على مشروع قانون
خاص بالقدس المحتلة يسمى "قانون القدس الموحّدة” بادرت الأحزاب اليمينية العنصرية المتطرفة
بقيادة تجمع الليكود في ” الكنيست ” وينصّ على أنه لا يمكن نقل القدس الشرقية إلى الفلسطينيين
إلا بموافقة ما لا يقلّ عن 80 نائباً، ووافق الكنيست عليه بالقراءتين الثانية والثالثة.
والقانون الجديد
سيمنع أية إمكانية لتقسيم القدس وتسليم أجزاء منها للأجانب – المقصود للفلسطينيين ابنائها
الاصليين – في حال التوصّل إلى تسوية سياسية مزعومة في المستقبل.
وهذا القانون الاجرامي
التهويدي الصهيوني يعني بصريح العبارة أن الانسحاب من القدس المحتلة سيكون من الآن
فصاعداً خاضعاً لقانونين متوازيين: الأول القانون الذي أقرّ حديثاً. والثاني، ما يُعرف
باسم قانون الاستفتاء العام الذي يقضي بأنه في حال توصّلت أي حكومة صهيونية محتلة إلى
اتفاق مع الفلسطينيين يقضي بالانسحاب من مناطق خاضعة لسيادة سلطات الاحتلال الصهيوني
فإن هذا الاتفاق سيحتاج في الكنيست إلى أغلبية عددية من 80 نائباً من أصل 120 نائباً
وفي حال وافق عليه أقل من 80 نائباً، يتم التوجّه إلى استفتاء عام، وهذا القانون خاص
في القدس ومُرتفعات الجولان العربية السورية المحتلة.
ويأتي قرار تقليص
تمويل «وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين» (الأونروا) كامتداد لمخطط يهدف إلى
تصفية القضية الفلسطينية، باعتباره مدخلاً لإنهاء مشكلة اللاجئين الفلسطينيين عبر إبقائهم
حيث هم.
ثالثاً: ”ملف اللاجئين
وتصفية الأونروا” بعدما تخلص الرئيس الامريكي من ملف القدس تعمد تصفية ملف اللاجئين
وحقهم بالعودة للأرض التي شردوا منها بقوة العصابات الصهيونية المسلحة فأبلغت الادارة
الامريكية الامم المتحدة تجميد المبلع الذي تتبرع به للأونروا والبالغ حوالي 125 مليون
دولار كان من المفترض تسليمه في بداية كانون الاول من هذا العام وهذه الخطوة تعتبر
ابتزاز سياسي رخيص يستهدف تصفية القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني وفي مقدمتها
حق العودة والتعويض الى فلسطين كل فلسطين.
رابعاً: ” ملف
الاسرى والمعتقلين ” في الثالث من كانون الثاني/ 2018 / صادق ما يسمى الكنيست الصهيوني
بالقراءة التمهيدية على قانون عقوبة الإعدام لمنفّذي العمليات الفدائية التي تؤدي لمقتل
مستوطنين او جنود صهاينة من جيش الاحتلال. وإن الكنيست صادق على قانون فرض عقوبة الإعدام
على منفّذي العمليات بالقراءة التمهيدية بتصويت 52 عضواً مع مقابل 49 ضد. وتقدّم بمشروع
القانون حزب ما يسمى "إسرائيل بيتنا” بعد اتفاق بين رئيس الحزب أفيغدور ليبرمان ورئيس
حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو.
خامساً: صادق ما
يسمى ” الكنيست ” الصهيوني بالقراءة التمهيدية، مساء الأربعاء 24 / كانون الاول
2018 على مشروع قانون يفرض قيودا على إعادة جثامين الشهداء الفلسطينيين الذين يقتلون
خلال عمليات ضد المحتلين الصهاينة.
وهذا ما يثبت بالدليل
القاطع ان اتفاقيات اوسلو الاستسلامية منحت سلطات الاحتلال الصهيوني المزيد من الوقت
لزرع الاستيطان الصهيوني ومصادرة المزيد من املاك ابناء شعبنا الخاصة والعامة كمقدمة
لتهويدها واعلان ” القدس عاصمة للدولة اليهودية” المزعومة وهدم المسجد الاقصى وبناء
ما يسمى الهيكل الثالث المزعوم.
لا شك إن أية قراءة
موضوعية لمُجريات الأحداث منذ وعد ترامب مروراً بقرار الليكود الصهيوني وليس انتهاءاً
بقوانين الكنيست المزعومة الباطلة التي لم تمثل في حقيقتها سوى جرائم حرب بحق شعبنا
لفرض المزيد من تهويد الارض وتكريس الاحتلال الصهيوامريكي وهذا يعني بصريح العبارة
ان من يمتك القوة ممكن ان يفرضها على الاخرين في ظروف ما لكن قوة الحق ستبقى واضحة
ساطعة للجميع مهما طال ليل الغزاة المجرمين المحتلين.
صحيح ان الرئيس
الصهيوامريكي ترامب تفرد وتجرأ واعلن القدس المحتلة عاصمة للكيان الصهيوني المحتل وشجع
قيادات الكيان الصهيوني على اتخاذ المزيد من القرارات التهويدية في ظل مواقف بعض القيادات
الفلسطينية والعربية والاسلامية، ما زالت في حدود الاعلام كالطلقات الخلبية لكن معظمها
وخاصة بعض الانظمة العربية المتصهينة شريك اساسي لإنجاح هذه المؤامرة لفتح بوابة التطبيع
مع العدو الصهيوني المحتل وفرض المزيد من الضغوط على شعبنا بالقوة بالرغم من معرفتهم
الاكيدة بان هذه القرارات تعتبر مخالفة لمقرّرات الشرعية الدولية التي تُجيز الحق للشعب
المحتل في مقاومة الاحتلال وعدم المسّ بوضعية القدس باعتبارها تحت الاحتلال ومن ثم
عدم جواز القيام بأية أعمال من شأنها تغيير الوضع القائم فيها.
لذلك تعمدت الادارة
الامريكية اثبات جديتها في اعلان القدس عاصمة للكيان الصهيوني خلال زيارة نائب الرئيس
الامريكي مايكل بنس لفلسطين المحتلة والقاء خطابة العنصري اليميني الديني الانجيلي
المتطرف فيما يسمى الكنيست الصهيوني وزايد خلاله على مجرمي الجرب الصهاينة واعتبر القدس
عاصمتهم الابدية منذ احتلالها عام 1948 لذلك حضر المجرم الصهيوامريكي بنس ليؤكد جريمة
اعلان سيده في البيت الاسود الامريكي من خلال البرنامج الزمني لنقل السفارة الامريكية
مع نهاية العام 2019.
وبالرغم من ذلك
تعمدت الادارة الامريكية من خلال هذه القرارات توجيه عدة رسائل للداخل الامريكي اولاً
وللخارج بدءا من سلطة معازل اوسلو الى حلفائها من الانظمة العربية المتصهينة الى الروس
ومحور المقاومة والصمود وغيرهم، للحد من انتصاراته المتلاحقة في سورية والعراق والبنان
واليمن ولرفع معنويات عصاباتهم الوهابية التكفيرية المدحورة ومموليها من انظمة الردة
المتصهينة لتحقيق ما يسمى صفقة القرن.
اما الرسالة الرئاسية
للداخل الامريكي المأزوم بسبب سلوك الرئيس الامريكي العنصري فتعمد الهروب من ازمته
الداخلية بجريمة اعلان القدس عاصمة للكيان الصهيوني لكسب ود اليمين العنصري الامريكي
المتطرف بدعم ومساندة اليمين الصهيوني المتطرف للاستقواء على ازمته في الداخل الامريكي.
اما الرسالة الثانية
فهي للروس اولاً وحلفائهم في محور المقاومة المنتصر ثانياً لتؤكد لهم ان لا حل في سورية
الا بموافقة الادارة الصهيوامريكية وعصاباتها المهزومين تحت ضربات الجيش العربي السوري
وحلفائه.
اما الرسالة الثالثة
فهي كانت لعملائهم الصغار في سلطة معازل اوسلو وبعض الانظمة العربية والاسلامية التي
تؤكد ان المفاوضات انتهت بنهاية وشطب ما يسمى ملفات الحل النهائي، القدس تم اخراج ملفها
من التداول بموجب هذه القرارات وكذلك ملف الاستيطان وقضية اللاجئين التي اصبحت على
نار صهيوامريكية حامية من خلال التضييق المالي على الأونروا، كما يحصل في قطاع غزة
المحاصر وفي لبنان وسورية والاردن هذه هي الملفات الاساسية للقضية الفلسطينية، ماذا
بقي غيرها لتفاوض عليه سلطة العار في اوسلو والتي ما زال رئيسها المزعوم يراهن على
المفاوضات التي اغتالها اليمين الصهيوامريكي لذلك كان الرهان على المفاوضات وتقديم
التنازلات المجانية بالرعاية الامريكية مهزلة العصر وكذوبة لم يشهد التاريخ مثيلا لها
وهذه النتيجة ماثلة تفقأ عيونكم..
وبالرغم من هذه
المهزلة والمسرحية الاستعمارية المتكررة بفصولها الاجرامية لن تمر كما تشتهي الرياح
الصهيوامريكية، لأننا نعيش اليوم عصر انتصارات محور المقاومة الذي اقلقهم لا بل افقدهم
توازنهم كما افقدهم الامل بتحقيق ولو الحد الادنى من مشاريعهم الاستعمارية القديمة
الجديدة وها هي ايام الغضب الفلسطيني تتلاحق بالرغم من اجرام سلطات الاحتلال حتى بحق
الاطفال الصغار، وليس الكبار فقط بعدما اصبحت الميادين تشتعل تحت اقدام جنود الاحتلال.
وها هي قيادات
محور المقاومة والصمود تلتقي وتخطط لإنهاء ملف الارهاب في سورية والعمل قائم على قدم
وساق لتطوير التنسيق بين اطراف المحور وخاصة الطرف الفلسطيني صاحب المصلحة الاساسية
في مواجهة العدو الصهيوني المحتل للاستعداد لخوض معركة ام المعارك على ارض فلسطين،
وقد يكون اعلان المجرم الصهيوامريكي ترامب ضررا على شعبنا، لكن ربما ضارة نافعة قد
تنعكس على اصحابها وبالا ودمارا لوضع بداية النهاية للغدة السرطانية الصهيوامريكية
في المنطقة والتخلص من شرورها الشيطانية الى الابد.