القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الجمعة 22 تشرين الثاني 2024

كارثة الجائحة واللاجئين الفلسطينيين


علي بدوان

لاجئو فلسطين في الشتات، وتحديدا في الدول المضيفة الثلاثة (سوريا + لبنان + الأردن) ومعهم اللاجئون في قطاع غزة حيث نسبة اللاجئين في القطاع إلى عموم السكان تقترب من 75%، والضفة الغربية حيث نسبة اللاجئين إلى عموم السكان تقارب نحو 38%، بحاجة ماسة لرفد وكالة الأونروا بالمساعدات العينية والمالية. المساعدات المتعلقة بمكافحة فيروس (كوفيد 19).

فالمعطيات المتوافرة تؤكد أن تأثيرات مأساوية على الناس وسبل عيشهم بدأت تأخذ مفاعيلها بعد أشهر من انتشار تلك الجائحة. كما تؤكد أن الانتشار الأفقي لهذا الوباء/الجائحة (كوفيد 19) ما زال مستمرا في مخيمات لبنان على وجه الخصوص، وقد بدأ انتشاره أيضا في قطاع غزة بالرغم من حالة الإغلاق والحصار التي يشهدها القطاع منذ 13 عاما تقريبا. وقد قدم عدد من الدول ومن المتبرعين مساعدات للوكالة مؤخرا لمكافحة الجائحة، فقد ساهمت جمهورية الصين الشعبية بتقديم المساعدات اللوجستية والعلاجية اللازمة والمتوافرة حتى الآن في الصين الشعبية، كذلك ألمانيا الاتحادية التي وصلت قيمة تبرعاتها للوكالة بشكل عام منذ بدايات العام 2020 لنحو 156 مليون يورو، إضافة لتبرعات مالية تخص هذا الغرض، وقد جدد الاتحاد الأوروبي التزامه بدعم لاجئي فلسطين من خلال مساهمة قدرها 30.6 مليون يورو من الصندوق الائتماني الإقليمي للاتحاد الأوروبي "مدد” تم تقديمها للوكالة يوم 23/9/2020. وستدعم المساهمة المقدمة للوكالة لاجئي فلسطين المقيمين في سوريا. يأتي هذا كجزء من مساهمة أكبر بقيمة 43.2 مليون يورو تغطي دعم اللاجئين الفلسطينيين في الأردن ولبنان، إلى جانب تمويل الخدمات الحيوية، يشمل هذا الدعم الآثار التي أحدثتها أزمة "كوفيد-19″ على اللاجئين الفلسطينيين من سوريا، وتأتي هذه المساهمة تماشيا مع نداء الوكالة الطارئ للأزمة الإقليمية السورية لعام 2020 والأهداف الاستراتيجية للنداء العاجل للاستجابة لفيروس "كوفيد-19.

لذلك فإن مواجهة واحتواء العواقب الصحية والاجتماعية والاقتصادية المترتبة على انتشار تلك الجائحة في مجتمع لاجئي فلسطين، تتم الآن حيث تعمل وكالة الأونروا على توسيع استجابتها الإنسانية لمعالجة آثار (كوفيد-19) على لاجئي فلسطين عبر أقاليم عمليات الوكالة الخمسة، لكنها بحاجة لتدخل المجتمع الدولي لمساعدة الوكالة ورفد إمكاناتها العينية والمالية.

وعلى الرغم من الحاجة الماسة أمام تلك الحالة الوبائية، إلا أن الجهات المعنية بالأونروا، أغلقت بعض العيادات في قطاع غزة، وتم الاكتفاء بخطوط الهاتف في توزيع الأدوية على أصحاب الأمراض المزمنة، وهو ما يتم الآن في المخيمات الفلسطينية في لبنان، ونسبيا في سوريا، حيث يراجع كاتب هذه السطور عيادات الوكالة في سوريا، ويحصل على العلاجات المتوافرة للأمراض المختلفة بالاتصال، وبالاستلام الخارجي دون الخضوع لعملية الفحص السريري، وحتى الولوج إلى العيادات. وفي مثل هذه الأوضاع يفترض أن هناك خططا في العيادات الموازية للوكالة، بالنسبة للأمراض العادية أو المزمنة أو تطعيم الأطفال أو التحويلات إلى المستشفيات لإجراء عمليات جراحية لمن هم بحاجة إليها نتيجة أوضاع طبية معينة.

لقد انعكست الحالة الصحية العامة للاجئي فلسطين جراء انتشار جائحة "كوفيد 19″ على أوضاعهم الاقتصادية، خصوصا مع توقف أعمال المياومة، والعديد من الورشات الإنتاجية، والدورة الاقتصادية بشكل عام، وبالتالي في تراجع مستويات الداخل والمعيشة. وفي هذا السياق، حتى في الداخل في "إسرائيل” فقد عبّر 55% من المواطنين العرب عن خشيتهم من أن دخلهم لا يكفي لإنهاء الشهر، كما عبَّرَ 39% من أبناء 65 عاما فما فوق عن تخوف كهذا. جاء ذلك في استطلاع شامل نشرته دائرة "الإحصاء المركزية الإسرائيلية” يوم الأحد الواقع في 26/7/2020. ووفق المعطيات المتوافرة، والمنشورة بوسائل الإعلام "الإسرائيلية” مؤخرا، فقد بلغ مجمل الإصابات بفيروس كورونا المستجد في التجمعات العربية في الداخل، أي "إسرائيل” نحو 31349 حتى منتصف أيلول/سبتمبر 2020 الجاري.

إن مجتمع لاجئي فلسطين في مناطق عمليات الوكالة الخمس، هو المجتمع الأكثر تضررا من بين أبناء فلسطين، وحتى في المنطقة العربية، نتيجة الواقع الراهن لأحوال مجتمع اللاجئين الفلسطينيين، خصوصا في لبنان وسوريا في ظل أزماتها، وقطاع غزة، بالرغم من حالة الإغلاق التي يشهدها القطاع أصلا منذ سنوات طويلة كما سبق وذكرنا أعلاه. ونتيجة الشح في الموارد الحياتية التي بات اللاجئون من أبناء فلسطين يعيشون تحت وطأتها يوما بعد يوم.

وعليه، إن من واجبات المجتمع الدولي مد يد المساعدة، والسخاء، بتقديم المساعدات الإضافية للوكالة، والاستجابة لنداءات الطوارئ التي أطلقها المفوض العام للأونروا خلال الشهرين الماضيين، حتى يمكن تطويق ومحاصرة انتشار جائحة "كوفيد 19″. وهنا يأتي دور جامعة الدول العربية في حث المجتمع الدولي على مد يد المساعدة للوكالة وزيادة إسهاماتها في ميزانيتها العامة، وخصوصا ما يتعلق بمكافحة جائحة "كوفيد 19″. وذلك انطلاقا من واجبات الوكالة كما جاء في قرار قيامها عام 1949 وفق القرار 302 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة، لرعاية مجتمع لاجئي فلسطين إلى حين عودتهم إلى أرض وطنهم التاريخي.