القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الإثنين 25 تشرين الثاني 2024

كتير سلبي إنو.. العنصرية" تصير كوميديا حرة"

كتير سلبي إنو.. العنصرية" تصير كوميديا حرة"

بقلم: ريما شري

ليس من المفاجئ أن تقوم قناة الـ"MTV" اللبنانية ببث مشهد عنصري مسيئ للاجئين الفلسطينيين خلال برنامجها الكوميدي "كتير سلبي"، فلم تقصر هذه"القناة في السابق في تفجير طاقاتها الإبداعية الفائضة"عبر بث عنصرية كوميدية ضد السوريين والفلسطنيين والعاملات الأجنبيات في لبنان، مختبئة تحت غطاء حرية التعبير والكوميدية الهزلية الخلاقة"التي لا تخفي أي نوايا حقيقية على أرض الواقع.

إن مفهوم قناة الـ"MTV" للقضية الفلسطينية المعقدة، بسيط جداً على ما يبدو، "إلى حد انه يدعي للسخرية" والتهكم. فالمشهد التمثيلي الذي بثته القناة مؤخراً يلخص معاناة ومشاكل "الشعب الفلسطيني في لبنان مقارنة مع معاناة اللبنانيين في بلدهم الأم" فيقول الفريق الموهوب مستهلاً كلاً من"تعابيره المتتالية بعبارة "كتير سلبي" (بالإشارة إلى أن معنى كلمة سلبي في "اللهجة اللبنانية الدارجة يدل على شيء مثير للضحك أو الغرابة)":

"كتير سلبي.. ان الجميع يتحدث عن حقوق الفلسطينيين في لبنان ولكن لا أحد يتحدث عن حقوق اللبنانيين".

"كتير سلبي..أن معظم شبابنا هاجر ومعظم أمهاتنا تبكين"من شوقهن لأبنائهن.. بينما ملف توطين الفلسطنيين أصبح موضوع على نار حامية وربما أصبح"أمر واقع "على رؤوسنا".

"كتير سلبي..إذا لم تعد فلسطين للفلسطنيين، ولكن السلبي أكثر"إذا لم يعد لبنان"فقط للبنانيين".

"كتير سلبي.. أن نناقش حق الفلسطينيين في تملك شقق خاصة في لبنان في الوقت الذي لا يملك فيه اللبناني ثمن شقة".

"كتير سلبي.. أن يحمل لبنان هم الفلسطيني فقط، في حين أن معظم الدول العربية الأخرى لا تريد أن تدفع فلسا واحدا لأنهم لا ينتمون إلى نفس "الطينة".

هذه هي العبارات التي وردت في هذه الفقرة المفترض أن تكون كوميدية ومسلية. قضايا الشعب الفلسطيني ومعاناته التي خلفها الإحتلال الإسرائيلي وتشرده عبر عقود طويلة أصبحت تلخص بفقرة كوميدية لا بل وتستعرض بالمقارنة مع حقوق اللبنانيين المسلوبة نتيجة "الدلع الفائق" الذي يتلقاه"المواطن الفلسطيني في لبنان!".

من الواضح أن القضية الفلسطينية وتواجد الفلسطينيين اللاجئين في أي من البلدان العربية أصبح بمثابة "كبش المحرقة" لأي مشكلة يواجهها أبناء البلد المستضيف. فهل من العدل أن يكون كبش المحرقة هوأكثر شعب مقهور ومستضعف من قبل كافة أنحاء العالم؟ هل ضاقت أعين فريق إعداد الـMTV على ما تبقى من حقوق يستفيد منها الفلسطينيون اللاجئون في لبنان ليقضي عليها هو الآخر؟ وهل تناسى أن اللاجئ الفلسطيني مازال يطالب بأبسط حقوقه المدنية في لبنان ويلاقي تأجيلات وعرقلات مستمرة تحول دون تحقيقها مثل حق العمل والتملك، وحق الرعاية الصحية والتعليم، والسعي لتحسين العلاقة بين الحكومة اللبنانية واللاجئين، وإزالة الحالة الأمنية حول المخيمات وبالأخص مخيم نهر البارد وتسريع الإجراءات الرسمية للاجئين الفلسطينيين، ومنح فاقدي الأوراق الثبوتية مستندات تسمح لهم بالتنقل، والقائمة تطول.

إن المقطع التي بثته قناة الـMTV والذي كان فقرة عابرة في مستودع سخريتها لكل ما هو "غير لبناني"، لم يكن صداه عابراً ومسلياً للمشاهد العربي المحترم كما كان انعكاسه قاسياً على بطل المسرحية، أي اللاجئ الفلسطيني في لبنان. فقد أثار المشهد جدلاً واسعاً وصل إلى فلسطين المحتلة، ما دفع عددا كبيرا من الناشطين والمثقفين والمواطنين"في العالم العربي والعالم الى توقيع عريضة تطالب إدارة المحطة بتقديم اعتذار للشعب الفلسطيني اللاجئ في لبنان.

ولكن لا بد من الإشارة أو التنبيه من أن قناة الـMTV قد تقوم أيضاً ببث مشهد جديد يسخر من هذه الحركة تعبيراً منها على جرأتها وعلو سقف حريتها والدفاع عن خفة دم عميقة تفهم بسطحية من قبل معظم المشاهدين، كما برر أحد المسؤولين فيها من قبل. فعندما بثت القناة تقريراً يسخر من العاملات الأجنبيات ونشأت حركة احتجاجية وإنسانية تضامناً مع حقوق العاملات الأجنبيات، سخرت القناة نفسها من الناشطين الحقوقيين الذين أخذوا على عاتقهم الدفاع عن حقوق"هؤلاء العاملات.

فهل ستنجح هذه الحملة الجديدة ضد الـMTV في "إلغاء العنصرية الجارحة" من مفهوم الكوميديا الخاطئ التي تتبناه هذه القناة؟ وهل ستستفيد من هذه التجربة وتعي أنه من السلبي جداً أن لا يكون هناك فرصة ومثال جميل للتعايش المشترك بين اللبنانيين والفلسطينيين في لبنان؟ فهذا هو أقل ما يمكن تقديمه لهذا الشعب الطيب على أي حال.

المصدر: القدس العربي