كلمة على هامش
المواجهة
بقلم: لمى خاطر
مواضيع متعلقةتفعيل صندوق
إقراض الطالب بالجامعات الفلسطينية الهلال الإماراتي يستقبل دفعة من أطباء الامتياز
الثورة المصرية ومرسي والقضية الفلسطينية
ثمّة أمر مشترك في جميع
مواجهاتنا مع أجهزة السلطة من اقتحام واعتقال وملاحقات، وهو تعمّد ضباط المخابرات التركيز
على قضية "المرأة المتمرّدة التي لا يقدر زوجها وأقاربها على تكسير رأسها".
وهم بطبيعة الحال يستخدمون
ذلك في محاولة لاستفزاز رجولة الرجال (زوجي وأقاربي وأقاربه) حين يكررون أمامهم مقولات
من طراز: "لو كنتم رجالاً لما سمحتم لامرأة أن تجلب لكم وجع الرأس هذا"،
"ولو كنتم رجالاً لأدبتموها"، "ولو كنتم رجالاً لما سمحتم لها بأن تقول
وتفعل ما تريد"، "ولو أنها زوجتي لكسرت رأسها".
هذا النمط من التخلّف والوقاحة
تكرر عشرات المرات منذ أوّل مواجهة لنا مع السلطة؛ لأن هؤلاء المتخلّفين لم يستوعبوا
بعد معنى الرجولة الحقّة، وأنها لا تكون بفرد العضلات على النساء والاستقواء عليهنّ
لاتقاء غضبة زعران الأجهزة الأمنية، مع أن مجتمعنا طافح بالنماذج السلبية التي تقمع
نشاط المرأة ورأيها، إن كان سيترتب عليهما أذى وملاحقة لدى السلطة أو الاحتلال.
وهنا، إلى جانب تسجيل احتقاري
أشباه الرجال وممسوخي الفكر وعديمي الشهامة، أسجّل دائماً تقديري الوافر لزوجي الغالي،
واعتزازي الكبير به، ليس فقط لشجاعته وتحمّله ضريبة مواقفنا دونما تذمّر، بل لأنه يقدّم
في كلّ مرة ترجمة عملية لمحبته ورجولته وعطائه، إلى جانب فهمه دور المرأة صاحبة الرسالة
وتقديره إياها، ومنحها مساحةً لا يحدّها الخوف وعُقَد المجتمع؛ لتؤكد مواقفها وتمضي
في طريقها الذي اختارته.
هذا المثال المتقدّم من
الشهامة يندر أن نجدَ كثيراً منه، ليس فقط بسبب ما يترتب عليه من أثمان، بل كذلك لأن
ثمة عقداً نفسية واجتماعيةً لدى كثير من رجال المجتمع تحول بينهم وبين دعم المرأة صاحبة
الرسالة ومساندتها، كما أنها تؤدي تلقائيّاً إلى الوقوف في طريقها وقمعها، مع أننا
نجد في المقابل نماذج كثيرة لنساء يصبرن ويتحملن الضريبة التي تترتب على مواقف أزواجهن
أو أبنائهن، مع فارق أن هذه الحالة يراها المجتمع (في الأغلب) واجباً على المرأة لا
مواقف تستحق التقدير.
كلمة أخيرة لمحمود
عباس:
بدل أن تلقي خطاباً في يوم
المرأة تبدي فيه مرونة زائدة تجاه المواقع التي يجب أن تشغلها المرأة في المجتمع، وتدعي
وقوفك إلى جانب حقوقها؛ عليك أولاً أن تعلّم قادة وعناصر أجهزتك الأدب، الأدب مع المرأة
حين تكون خصماً سياسيّاً لهم، ومع الرجال في محيطها.
وإن كان لابد لهم من مواجهتها
فلتكن مواجهة أخلاقية على أقل تقدير، أما الإساءة لها من منطلق كونها امرأة، وللرجال
في محيطها، على طريقة أجهزتك الأمنية؛ فهي مؤشّر انحطاط فكري ونفسي كبيرين، ومؤشّر
كذلك على أن رجالك في الأصل لا يتعاملون مع المرأة إلا كجارية أو جزء من المتاع، وهو
أمر يبدو مفهوماً من سلطة تقول ولا تفعل، وتفعل كل ما يشينها ويهينها.
المصدر: فلسطين أون لاين