«كلية سبلين».. مشاكل وتحديات
بقلم: يوسف أحمد*
مع تزايد نسبة البطالة بين صفوف الشباب الفلسطيني في المخيمات، وارتفاع نسبة التسرب بين الطلاب، خاصة الذين ينهــون المرحلة الإعدادية والثانوية نتيجة انسداد أفق التعليم الجامعي أمام الطلبة الفلسطينيين، ونتيـجة لحاجة «الأونروا» لمعلمين لمدارسها، التي بدأت تتزايد أعدادها في المخيمات، عملت «الأونروا في العام 1961 على إنشاء مركز سبلين للتدريب المهني الذي خرج أولى دوراته السنوية (لسنة واحدة) في العام 1963، ودورات السنتين في 1964، ثم أضيف إليه قسم فني ودار للمعلمين. ومنذ ذلك الوقت استمر المركز في تخريج دفعات كبيرة، عديدة ومتتالية من ذوي الاختصاصات الفنية والمهنية المختلفة. ونظراً للمستوى التعليمي المتقدم للمعهد، فإن الكثير من شركات دول الخليج العربي كانت تقبل بكثافة على التعاقد مع طلبة ومتخرجي «كلية سبلين». وقد وصل الكثير من هؤلاء إلى مراكز جيدة في إدارة بعض تلك الشركات والبنوك.
وعلى الرغم من الـدور الكبــير الذي لعــبه المركز، الذي يعتبر أحـد أبرز مراكز التــّدريب المهني والتّقني للاجئين الفلسطينيين في لبنان، و«أكثرها شهرة وتقدّماً»، وتخريجـه لآلاف الطلبة، إلا أنه في السنوات الأخيرة، بدأ يلمس تراجعا وتقليصا في عدد دوراته، حيث يتقــدم للمـركز أكثر من ألف طالب سنوياً، يقبل منهم «فقط» نحو ثلاثين في المئة. وتعاني دورات المركز منذ سنوات، من عدم إدخال التطورات الحديثة عليها وعدم تماشي البعض منها مع متطلبات سوق العمل، والتطور التكنولوجي الذي بدأت تعرفه الشركات والمصانع المهنية. وبقيت العديد من الــدورات تعتمد على الأساليب والأدوات التعليمية التقليدية، ولم يتم تزويد المعهد بأي معدات وتجهيزات منذ عدة سنوات، والأدوات والتجهيزات المتوفرة في الدورات لم تعد صالحة أو متناسبة مع طبيعة التطور واحتياجات السوق. وترك ذلك أثراً كبيراً على صعيد المستوى المهني العلمي للمعهد، وأضعف موقعه ومكانته في أوساط المصانع والشركات داخل لبنان وفي الدول العربية والأجنبية.
وإلى جانب ذلك، هناك إشكالية أخرى تتعلق بالتخصصات حيث تغيب التخصصات والدورات الملائمة للفتيات، وخاصة اللواتي ينهين المرحلة المتوسطة، وكذلك هناك غياب للدورات والتجهيزات المتخصصة بالأشخاص المعوقين، خاصة أن تلك الشريحة تعاني من إهمال شديد والمؤسسات والمراكز التي تتلاءم واحتياجاتهم. فلا بد من رعاية جدية وسياسة تطويرية حقيقية من أجل الارتقاء بمكانة الكلية، خاصة أن متابعتها والإشراف عليها باتا من صلاحية مكتب خاص يشرف عليه المدير العام لـ «الأونروا»، بعدما تم فصلها عن دائرة التربية والتعليم في الوكالة. وتلك الخطوة يجب أن تنعكس اهتماماً أكبر ورعاية أفضل، ويأتي في المقدمة ضرورة الإسراع في تأمين التجهيزات الحديثة المطلوبة، وتطوير المناهج ومواءمتها مع برامج التعليم المهني والتقني الرسمي، وإعادة تقويمها بما يتناسب مع التغيرات الجذرية التي طرأت على مفاهيم ذلك النوع من التعليم، وطرائقه، ووسائله، وأهدافه الاستراتيجية، وإنجاز دورات التأهيل للمعلمين بهدف مواكبة المعدات وممارسات العمل الجديدة.
وذلك إلى جانب متابعة «الأونــروا» ودائرة التربية والتعليم لتأمين الحصول على معادلة لشهادة «معهد سبلين» من قبل الدولة اللبنانية، بما يضمن الاعتراف بالشهادة الصادرة عن المركز واعتبارها معادلة للشهادات المماثــلة لها، ويسـاعد الطلبة على استكمال دراستهم وفتح الأفق لمجالات عمل جديدة لمتخرجي المركز. ويتطـلب الإقبال على «كلية سبلين» ودوراتها التقـنية والمهنية العمل على زيادة قدرتها الاستيعابية، وتوفير التمويل المطلوب لافتتاح مراكز ومعاهد في جميع المناطق اللبنانية، خاصة أن المئات من الطلبة الذين لا يتم قبولهم يضطرون للذهاب مباشرة إلى سوق العمل، بسبب أوضـاعهم وظروفهم المعيشية والاقتصادية الصعبة، التي لا تمكنهم من الالتحاق بالمعاهد الخاصة، بسبب ارتفاع أقساطها، والتي تضاهي في كثير من المعاهد أقساط الجامعات الخاصة، بالإضافة إلى ضرورة العمل على توفير فرص العمل للمتخرجين، من خلال بناء الصلة والعلاقات مع المؤسسات والمراكز والشركات.
رئيس «اتحاد الشباب الديمقراطي الفلسطيني ـ أشد»
المصدر: جريدة السفير