كيف تتعامل
حماس مع الحملة الإسرائيلية ضدها؟
د. عدنان أبو
عامر
كان واضحاً أن
اتهام "إسرائيل” لحماس بالمسئولية عن خطف المستوطنين الثلاثة في الخليل مساء 12/6،
سيفتح صفحة جديدة من الصراع ببينهما، حتى دون أن تعلن مسئوليتها عنها.
وخرجت
التهديدات الإسرائيلية تباعاً ضد حماس حتى كتابة هذه السطور، بدأت بحملة اعتقالات
واسعة النطاق طالت أكثر من 200 من مختلف مستويات كوادر الحركة في الضفة، بمن فيهم
نواب المجلس التشريعي ووزراء سابقين وأساتذة جامعات، بجانب العناصر الميدانية
التنفيذية، وأكثر من 50 أسيراً فلسطينياً محرراً في صفقة التبادل الأخيرة مع حماس،
وحصل "المونيتور" على قائمة حصرية بأسماء معظم من تم اعتقاله.
ومن بين
المعتقلين: الوزيرين السابقين وصفي قبها وخالد أبو عرفة، والنواب: أحمد الحاج علي،
حسني البوريني، عبد الرحمن زيدان، فضل حمدان، محمد طوطح، إبراهيم سالم، وعدد كبير
من الطلاب والناشطين، ونشرت الجيش الإسرائيلي شريط فيديو يظهر اعتقال الشيخ حسن
يوسف أبرز قياديي حماس
حماس من جهتها
"حذرت من هذه الحملة، لأنها تجاوز لكل الخطوط الحمر التي لا يمكن السكوت
عنها، وسيكون لها تداعيات خطيرة لا حدود لها".
• الاعتقال والإبعاد
مسئول ميداني
في حماس من الضفة لم تطاله حملة الاعتقالات بعد، قال في اتصال هاتفي
"للمونيتور": "الاعتقالات الإسرائيلية لقيادات حماس عبثية وغير
مجدية على الصعيد الأمني، ولن يمنح "إسرائيل” طرف خيط يوصلها لمنفذي عملية الخليل،
لكن هدفها الأساسي معاقبة حماس، وتوجيه رسالة ردعية إليها، عبر التسبب بإحداث
زعزعة في البناء التنظيمي للحركة، وفقدان التواصل بين عناصرها في مدن الضفة".
وأضاف:
"الأهم في الحملة ضد حماس رغبة "إسرائيل” بإرضاء جمهورها الغاضب عليها لأنها
لم تستطع حماية المستوطنين الثلاثة، ولذلك يحاول الجيش قلب الطاولة لإيصال رسالة
لحماس مفادها أن احتجاز المخطوفين هو عبء عليها، وليس إنجازا لها، رغم أن الحركة
لم تتبنى العملية رسمياً".
لكن "إسرائيل” تقدمت
خطوة بمعاقبة حماس بحديثها عن إمكانية إبعاد عدد من قياداتها في الضفة إلى غزة.
وهو ما دفع
حماس "للتحذير من إقدام "إسرائيل” على إبعاد أي من قياداتها لغزة، مهددة
بمواجهة أي قرار من هذا النوع بخطوات تصعيدية على الأرض لمنعها".
مسئول سياسي في
حماس من غزة، أعرب عن تخوفه في حديث "للمونيتور" من سيناريو إسرائيلي قد
يتحقق في الأيام القادمة، مفاده "أن يقوم الجيش الإسرائيلي بترحيل العشرات من
قيادات حماس من الضفة، بصورة قسرية لقطاع غزة من معبر إيريز على الحدود مع
إسرائيل، ثم يتركهم داخل القطاع، ويغلق المعبر"!
وأضاف:
"صحيح أن حماس أفشلت عملية الإبعاد لجنوب لبنان عام 1992، حين نفت "إسرائيل” أكثر
من 400 من قياداتها هناك، وتمكن معظمهم من العودة للأراضي الفلسطينية المحتلة، لكن
الظروف اختلفت اليوم، لأن غزة والضفة كيان سياسي واحد، وسيكون من الصعوبة إجبار
"إسرائيل” على إعادة قيادات الضفة لمنازلهم بالقوة، ما يعني تحول غزة بنظر العالم
لبؤرة معادية لأنها تضم قيادات متهمة بمحاربة إسرائيل".
وشرح مخاطر
الإبعاد المتوقع لقيادات حماس بالضفة بقوله: "التأثير الأكثر سلبية على حماس
أن الإبعاد يفرغ الضفة من القيادات الميدانية والسياسية، والخوف أن تبقى الحركة في
حالة فراغ قيادي فترة من الزمن، وإسرائيل تحاول توظيف عملية الخليل لتمرير مخطط
لتصفية الحركة بالضفة، وسيكون الإبعاد القرار الأقسى ضد حماس، لأنه سيترك عشرات
الآلاف من العناصر الميدانية دون قيادة سياسية ومرجعيات تنظيمية".
• امتصاص الضربة
"المونيتور" تحدث في مقال سابق عن
مخاوف حماس من تصدير "إسرائيل” لتبعات عملية الخليل عليها في غزة، بحملة عسكرية
كبيرة ضدها قد تطال اغتيال بعض قياداتها.
وحصل
"المونيتور" على ورقة تقدير موقف داخل حماس، تم إعدادها في الأيام
الأخيرة، جاء فيها: "الحركة لديها قناعة تامة بوجود إجماع إسرائيلي على أن
الإجراءات العقابية ضدها في الضفة تتجاوز عملية الخطف في الخليل، لأن الجيش يقوم
بعملية عسكرية واسعة ومتدحرجة لضرب قواعدها ووجودها السياسي، تحت غطاء محاولة
الوصول لمنفذي العملية، وتعتزم "إسرائيل” استغلال الفرصة العسكرية حتى النهاية،
واستغلال الأجواء الدولية لتنفيذ عمليات تمشيط دقيقة لفترة طويلة، وقمع قواعد
حماس".
ولم يقتصر رد
حماس على الحملة الإسرائيلية ضدها على البيانات والتصريحات، بل تعداه لعقد لمؤتمر
صحفي في غزة يوم 17/6 حضره "المونيتور" مع عدد من الأجنحة المسلحة،
تقدمتهم كتائب القسام، التي "وجهت تهديدا لإسرائيل، بأنها لن نقف مكتوفة
الأيدي أمام انتهاكات "إسرائيل” ضدها في الضفة".
لكن النقاش
السائد داخل حماس، كما ورد في ورقة تقدير الموقف الداخلية التي حصل عليها
"المونيتور"، "لا يذهب باتجاه افتعال مواجهة عسكرية حامية مع
"إسرائيل” في هذه المرحلة، على الأقل في غزة، حتى لا يتم منحها فرصة لتصدير
إخفاقها الأمني وعجزها العسكري في عملية الخليل إلى غزة، إلا إذا تم فرض المواجهة
عبر اغتيال شخصية كبيرة".
وقالت حركة
الجهاد الإسلامي إن "أي استهداف إسرائيلي للفلسطينيين في الضفة سترد عليه بكل
قوة، ولن تكون بعيدة عن دائرة الرد والمواجهة، لأن "إسرائيل” وجدت في عملية الخليل
مبررا جديدا لتصعد اعتداءاتها ضد الشعب الفلسطيني".
الملفت في
الوضع الميداني في غزة أنه يشهد رشقات صاروخية متبادلة بين "إسرائيل” ومجموعات
مسلحة، بحيث يسقط عدد من الصواريخ في مدن "إسرائيل” الجنوبية، فيما يرد الطيران
بقصف عدد من الأهداف في غزة.
أخيراً.. فإن
الأجواء التي تخيم على حماس في غزة هذه المرحلة، وفقاً لما ذكره مسئول منها
"للمونيتور" يتمثل "بعدم الرد بقوة على حملة "إسرائيل” ضدها في
الضفة، وامتصاص غضبها عقب فقدان المستوطنين الثلاثة، وأي رد من غزة يتجاوز صواريخ
قليلة غير مؤثرة، قد يدخلها في مواجهة كبيرة مع إسرائيل، وهنا تسعى حماس لتحشيد
الرأي العام الفلسطيني خلفها مع القوى المسلحة، الذين أبدوا رغبتهم بالانضمام
إليها في أي معركة قادمة مع إسرائيل، مذكرا بالمقولة السائدة أن غزة تشبه الرمال
المتحركة، كل ساعة هناك جديد".
المونيتور،
20/6/2014