كيف تواجه حماس
العمليّة البريّة الإسرائيليّة؟
بقلم: عدنان
أبو عامر
كما تخوفت "إسرائيل”،
أعلنت حماس مساء 20/7 خطف الجندي "شاؤول أرون" خلال الاشتباك فجر نفس
اليوم مع قوة إسرائيلية بحي التفاح شرق غزة في اليوم الثاني من العملية البرية،
وأكد "أبو عبيدة" الناطق باسم القسام أن الجندي المأسور صاحب الرقم
العسكري "6092065"، من لواء "غولاني" لنخبة الجيش الإسرائيلي.
مسئول إعلامي في حماس رفض بحديث خاص "للمونيتور" التعقيب على وفاة
الجندي، وقال "هذه مسئولية كتائب...
كما تخوفت "إسرائيل”،
أعلنت حماس مساء 20/7 خطف الجندي "شاؤول أرون" خلال الاشتباك فجر نفس
اليوم مع قوة إسرائيلية بحي التفاح شرق غزة في اليوم الثاني من العملية البرية،
وأكد "أبو عبيدة" الناطق باسم القسام أن الجندي المأسور صاحب الرقم
العسكري "6092065"، من لواء "غولاني" لنخبة الجيش الإسرائيلي.
مسئول إعلامي
في حماس رفض بحديث خاص "للمونيتور" التعقيب على وفاة الجندي، وقال
"هذه مسئولية كتائب القسام، وليس أي جهة أخرى، لأن ترويج "إسرائيل” للخبر له
هدف استخباري بأن تؤكد حماس الخبر أو تنفيه، بحيث تحصل "إسرائيل” على معلومات
مجانية دون دفع ثمن بإطلاق أسرى فلسطينيين، مقابل كل معلومة حول مصير الجندي
المختطف لدى القسام".
وأضاف رافضاً
الكشف عن هويته: "من الصعب ربط موضوع أسر الجندي بشروط التهدئة الحالية، وإلا
ستطول المواجهة، سيكون توافق بين الأطراف على ترحيل موضوع الجندي لما بعد وقف هذه
الحرب المجنونة".
وهكذا توقّع
الفلسطينيّون أن يتدحرج العدوان الإسرائيليّ الذي بدأ يوم 7 تمّوز/يوليو 2014 ضدّ
غزّة، إلى عمليّة بريّة، على الرغم من التردّد الذي أبدته "إسرائيل”، مع الجهود
لمنع وصول الأمور مع حماس إلى هذه المرحلة، وهو ما تطرّق إليه
"المونيتور" في مقال سابق.
• الخسائر الباهظة
وهو ما أكّده
رئيس المكتب السياسيّ لحماس خالد مشعل، في حواره الحصريّ مع
"المونيتور"، حين قال: "إذا فرض علينا الاجتياح البريّ
الإسرائيليّ، فكتائب القسّام قادرة على التصدّي له".
سأل
"المونيتور" عدداً من المسؤولين الميدانيّين في حماس من غزّة حول
توقّعاتهم في شأن شنّ "إسرائيل” العمليّة البريّة، لكنّ معظمهم استبعد حدوثها،
"لأنّ نتنياهو شخصيّة متردّدة، ويعلم أنّ الوصفة السحريّة لسقوطه في
الانتخابات المقبلة أن يعود جنوده من أرض المعركة في غزّة محمولين بنعوش سوداء
جثثاً مقتولة". لكنّهم قالوا إنّ " تنفيذ عملية "معبر صوفا"
جنوب قطاع غزة فجر الخميس 17/7، من خلال محاولة تسلل13 مسلح فلسطيني عبر نفق إلى
داخل "إسرائيل” دفع نتنياهو إلى اتّخاذ قرار العمليّة البريّة".
لكنّ الخبير
العسكريّ الفلسطينيّ اللواء المتقاعد واصف عريقات قال لصحيفة الرسالة التابعة
لحماس في غزّة إنّ "تأنّي "إسرائيل” بالحرب البريّة، يعود لإدراكها لحجم
الخسائر في صفوف الجيش، والخشية ممّا تخفيه المقاومة من مفاجآت مثل كمائن الموت
والاختطاف، وطبيعة غزّة الجغرافيّة وكثافتها السكّانيّة، ولأنّ المقاومة في غزّة
تجيد قتال الشوارع، وفنون الاختفاء والتمويه، وسرعة توجيه الضربات للخصم".
فقد اطّلع
"المونيتور" على كرّاس تدريبيّ تداوله مقاتلو القسّام قبل اندلاع الحرب،
جاء فيها: "مع اختلال موازين القوى العسكريّة لصالح "إسرائيل”، فإنّ المقاومة
ستستخدم لمواجهة العمليّة البريّة، الصواريخ الموجّهة المضادّة للدروع بكثافة،
وبقدرات نوعيّة".
وأضاف الكرّاس:
"هاجس الجنود الإسرائيليّين سيكون شبكات الأنفاق التي توفّر حركة للمقاتلين
وإعداد كمائن، حيث تكون العبارة الأكثر تداولاً للجنود المتوغّلين بريّاً
"انظر، تحت قدمك توجد حفرة". ومع الاقتراب من الأماكن السكنيّة ستبرز
وحدات القنّاصة التابعة للقسّام، وسيواجه الجيش مئات العبوات والقنابل المموّهة في
كلّ ممرّ وطريق. وكلّما تقدّم أكثر داخل مناطق غزّة السكنيّة، ستكون الأفضليّة
لمقاتلي حماس، لأنّهم أصحاب الأرض، ويمكنهم رصد آليّات الجيش الإسرائيليّ".
وقد أشار
العميد المصريّ والخبير العسكري صفوت الزيّات في حديثه إلى قناة الجزيرة أنّ
"الجيش الإسرائيليّ يحاول خلق منطقة آمنة على مشارف غزّة، لخشيته من منظومة
الصواريخ المضادّة للدبّابات التي تمتلكها حماس، متوقّعاً تركيز العمليّة البريّة
على مدرّعات سريعة، تدخل وتخرج بسرعة لتحقيق صورة ترضي إسرائيل".
أعلنت كتائب
القسّام في بيانات لها أنّها "نفّذت عمليّات ميدانيّة لعرقلة التقدّم البريّ
نحو عمق غزّة، آخرها فجر الأحد 20 تمّوز/يوليو 2014، عبر استدراج قوّة إسرائيليّة
حاولت التقدّم شرق حيّ التفّاح في مدينة غزّة، إلى كمين محكم، حيث ترك مقاتلوها
الدبّابات تدخل حقل ألغام من عبوات برميليّة عدّة، وبعدما تبعتها ناقلتا جند داخل
الكمين، فجّر المسلّحون حقل الألغام بالقوّة، ممّا دمّرها بالكامل، وأسفرت
العمليّة عن مقتل وإصابة 14 جنديّاً اسرائيليا، وقد بلغ عدد القتلى لدى الجيش
الاسرائيلي 25 جندياً. وفي ظل عدم توفر إحصائيات دقيقة لقتلى القسام، لكن
التقديرات التي حصل عليها "المونيتور" من أوساط مطلعة في حماس تقترب من
50 قتيلاً و100 جريحاً، سواء خلال الاشتباكات مع الجيش الإسرائيلي، أو الاغتيالات
عبر سلاح الجو."
ونجح مقاومون
من كتائب القسام فجر الجمعة 18/7 بالتسلل عبر أحد الأنفاق خلف مواقع الجيش
الإسرائيلي شرق رفح وخان يونس جنوب القطاع، ونجح عناصرها بدخول تلك المناطق
لاستطلاع أماكن تمركز القوات البرية، ونسف وتخريب منظومات الاستخبارات التي قام
الجيش بنصبها مؤخرا لرصد الحدود. زعمت كتائب القسام أن ستة جنديا اسرائيليا قتل
خلال العملية بينما قالت "إسرائيل” أن اثنان جنديا قتل.
• حرب العصابات
وفي وقت سابق
ظهر يوم 19 تمّوز/يوليو 2014، عاش مندوب "المونيتور" مع سكّان المنطقة
الوسطى من غزّة أجواء حرب حقيقيّة بين المقاتلين والجيش الإسرائيليّ، حيث علم
بعدها من كتائب القسّام أنّها نفّذت عمليّة تسلّل خلف خطوط الجيش في المنطقة، وأنّ
اشتباكات عنيفة دارت في المكان.
وفي وقت لاحق،
اعترف الجيش الإسرائيليّ بمقتل ضابط وإصابة 5 آخرين، في هذه العمليّة.
وقد أعلن الجيش
الإسرائيلي مساء 20/7 أن 18 جنديا من لواء غولاني للمشاة قتلوا في المعارك الجارية
بين قوات الجيش والمسلحين في حي الشجاعية بمدينة غزة، ولا يزال 150 جنديا جريحا
يعالجون في مختلف المستشفيات، 7 منهم حالته خطيرة.
وفي وقت لاحق
من هذه الاشتباكات، نفذ الجيش الإسرائيلي مجزرة رهيبة فجر 20/7 بحي الشجاعية أسفرت
عن مقتل أكثر من 70 فلسطينياً وإصابة 200 آخرين بنيران المدفعية الإسرائيلية.
حاول
"المونيتور" الوصول إلى مناطق الاشتباكات بين الفلسطينيّين والإسرائيليّين،
لكنّ رائحة الموت كانت تنتشر على طول حدود غزّة الشرقيّة، وتواصل مع بعض العائلات
المقيمة هناك، للتعرّف على السلوك العسكريّ بين الجيش والمسلّحين.
وقال فلسطينيّ
يقطن أقصى شرق مخيّم البريج وسط غزّة، يدعى محمود، لـ"المونيتور" في
اتّصال هاتفيّ: "اتّصل بنا الجيش لإجبارنا على إخلاء منازلنا، وألقت علينا
الطائرات منشورات تحذّرنا. لكنّنا بقينا، ولم نغادر، وسمعنا أصوات الاشتباكات على
بعد عشرات الأمتار، بين المقاتلين والجنود، تقترب من الالتحام المباشر وجهاً
لوجه".
وعلم
"المونيتور" من مصدر مطّلع في غزّة أنّ "القوّات الإسرائيليّة تجد
مقاومة عنيفة من مقاتلي حماس المتحصّنين في مواقع حدوديّة حدّدوها سلفاً، وفق خطّة
ترمي إلي مباغتة الإسرائيليّين في عمليّات دفاعيّة وهجوميّة لإنزال الخسائر فيهم،
في حرب استنزاف يصعب على الرأي العام الإسرائيليّ تحمّلها".
وكان
"المونيتور" قد تحدّث في تحليل سابق عن اعتماد كتائب القسّام في مواجهة
الغزو البريّ الإسرائيليّ، على "وحدات المرابطين".
قال أسير محرّر
من الضفّة الغربيّة، من مقاتلي حماس السابقين هناك تمّ إبعاده إلى غزّة، رفض الكشف
عن هويّته لـ"المونيتور" إنّ "كتائب القسّام تستفيد في تصدّيها
للحملة البريّة من الخبرة القتاليّة في الضفّة خلال عمليّة السور الواقي عام 2002،
باتّباع تكتيك محترف لمواجهة عمليّات الاجتياح، يعتمد على نصب الكمائن للجيش، من
خلال فتح ثغرات في البيوت الموجودة على مشارف غزّة الحدوديّة، حيث يكمن المقاتلون
للجنود داخل البيوت، كي يفاجئوهم. وهناك طريقة مبتكرة تتمثّل في تفخيخ مواسير
وصنابير المياه، حيث يتمّ تفجيرها، وتكون عادة بمستوى رأس الجنديّ
الإسرائيليّ".
وختم بالقول:
"الطرق التي تسلكها الدبّابات معروفة في مناطق عبسان وبني سهيلا في خانيونس،
والبريج والمغازي وجحر الديك في المنطقة الوسطى، والشجاعيّة في محافظة غزّة، وبيت
حانون وبيت لاهيا شمال غزّة، وهي مناطق ضيّقة محدودة المعابر والمداخل. وهذا يفيد
المقاومة للاستفادة من أهميّة هذا المعطى الميدانيّ لوضع خطّة التصدّي للتوغّل
البريّ، بتفخيخ المداخل، وزرعها بالعبوات الناسفة، ونشر مقاومين يحملون قذائف
"آر بي جي" لإعاقة تقدّم الآليّات، وحصرها داخل مصيدة العبوات
الناسفة".
المصدر: المونيتور