القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الأحد 24 تشرين الثاني 2024

لأنه وعد بلفور هي معركة أمّة

لأنه وعد بلفور هي معركة أمّة

بقلم: أحمد الحاج علي

لو كان احتلال فلسطين بجهد صهيوني فقط لربّما أمكن الحديث عن مواجهة مع الصهيونية محصورة بالفلسطينيين، وقواهم الذاتية. لكن، ولأنه كان هناك وعد بلفور، كتطبيق لطموح ومشروع غربي، فإن المعركة أصبحت بين مشروع استعماري غربي ومشروع أمّة تريد قيامة حضارتها من جديد.

من المعروف والثابت تاريخياً أن وعد بلفور سبقته وعود غربية كثيرة، ودعوات لهجرة اليهود إلى فلسطين، أشهرها على الإطلاق دعوة نابليون بونابرت عام 1799 يهود العالم للاستيطان بفلسطين، وتكمن هذه الأهمية في أنها ترافقت مع وصول نابليون إلى أسوار عكا، أي أصبح متاحاً عملياً تطبيق هذه الهجرة. وإن كان جزء من هذه الدعوات مرتبطاً بتأثر بعض مطلقيهابالتوراة، كما يصف الرئيس الإسرائيلي الأول حاييم وايزمان دوافع رئيس الوزراء البريطاني لويد جورج، إلا أن كل تلك الدعوات رأت أن زرع كيان في وسط المنطقة، يفيد المصالح الاستعمارية من عدة وجوه.

فقد رأى العالم الغربي أن وجود مثل هكذا كيان يفصل مصر عن بلاد الشام، ويُفشل أية فكرة وحدوية بين العرب والمسلمين. خاصة وأن صدّ الحملات الصليبية وطرد المغول من بلاد الشام، كان من خلال جيوش مسلمة انطلقت من مصر. فاختيار موقع فلسطين لم يكن عبثاً. كما أن وجود هذا الكيان، قد يخفف أعباء استعمارية عن الغرب في منطقة لا يمكن الاستغناء عنها أبداً، إن كان لأسباب حضارية، أو لأسباب اقتصادية مثل وجود ممرات مائية دولية أو مع اكتشاف البترول في المنطقة خلال القرن العشرين.

فوعد بلفور لم يكن وعداً بريطانياً فقط، بل هو التزام غربي كامل. فخلال تنفيذ خطة "دالت" لتهجير الفلسطينيين من مدنهم وقراهم، كان لا يتوقف إرسال السفن المحملة بالأسلحة التشيكية لعصابات الهاجاناه، بدعم وتمويل من الاتحاد السوفياتي الذي كان أول من اعترف بالكيان الصهيوني تلته الولايات المتحدة. وظلّت بريطانيا الداعم الأول لهذا الكيان في نشأته الأولى، ثم أخذت مكانها فرنسا بعد عام 1956، ليكون لها اليد الطولى في مساعدة الكيان الصهيوني في صناعة القنبلة النووية، ومدّه بالسلاح والعتاد، أبرزها طائرات الميراج الذي كان لها دور حاسم في نكسة عام 67. وبعد ذلك تعمّقت العلاقات الأميركية الإسرائيلية لتتجاوز المساعدات التي قدّمتها الولايات المتحدة للكيان الصهيوني أكثر من 130 مليار دولار.

خلاصة القول، إن (إسرائيل) تحظى بعناية ومساندة ورعاية الدول الغربية، مهما بلغت الفروقات الأيديولوجية والسياسية فيما بين هذه الدول، كما أن وعد بلفور لم يكن وعداً بريطانياً فقط، لأن تنفيذه تولته معظم الدول الغربية. لذلك فإن مواجهة هذا الكيان هي مواجهة للمشروع الاستعماري الغربي بأكمله، ومن هنا فإن تحشيد الأمة في هذه المعركة لا يجب الاختلاف حول أهميته.