لا يا سماحة المفتي!!
بقلم: الشيخ علي اليوسف/ لاجئ نت
قام مفتي مصر بزيارة مريبة إلى المسجد الأقصى المبارك، صدمت العالم العربي والإسلامي، واخترقت الثورة العربية الكبرى التي لا تغيب القدس عن أدبياتها وشعاراتها وتوجهاتها، حصلت الزيارة بتاريخ 18 نيسان الماضي.
وهي تحمل بين طياتها كثيراً من التساؤلات، لماذا الزيارة؟!، ماهي أهدافها؟ لماذا بهذا الوقت؟! لمصلحة من؟! ماذا قدمت للقدس ولفلسطين؟! ما هو الموقف الشرعي منها؟ وغيرها من الأسئلة التي تدور بأذهان الشرفاء من أبناء هذه الأمة.
يجد المراقب والمتابع للقضية الفلسطينية بأن خيار التسوية سقط شعبياً وسياسياً بعد سنين طويلة من المفاوضات العبثية، التي جلبت الدمار والشر لفلسطين وللأمة، ولم تقدم أي مصلحة تذكر لأبناء فلسطين، بل على العكس تماماً، تصاعدت عمليات التهويد، وقضم الأراضي، وسحب هويات المقدسيين، وبناء المستوطنات والجُدُر، واعتقال المجاهدين في الضفة الغربية، وملاحقة الجمعيات الإسلامية، وأئمة المساجد، والناشطين الأحرار.
وفشلت الرباعية في محاولاتها اليائسة لتركيع غزة وأبطالها، فذهبت شروطها أدراج الرياح، وتكسرت مؤامراتها على صخرة غزة الصلبة. واندلعت ثورة الحرية والكرامة في تونس مع البطل أبو عزيزي وامتدت إلى مصر واليمن وسوريا والأردن، وباقي الدول تغلي كالمرجل.
في هذه الظروف الخطيرة والحساسة جاءت زيارة مفتي مصر إلى القدس الشريف، لتطعن المقاومة البطلة في الظهر بخنجر مشبوه، ولتعطي خدمة واضحة للعدو الصهيوني الذي سارع إلى الإشارة بها وبصاحبها، وليقف أهل القدس المجاهدون في وجهها وعلى رأسهم المجاهدان البطلان الكبيران الشيخ رائد صلاح رئيس الحركة الإسلامية والشيخ عكرمة صبري خطيب المسجد الأقصى المبارك، وكذلك القوى الوطنية والإسلامية في عالمنا العربي والإسلامي، ولم نرى مؤيدين لهذه الزيارة إلا من رضي لنفسه الركوب في قطار أوسلو البائس الخرب!
غريبة هي هذه الزيارة! والأغرب منها أن تجد لها أبواقاً تحاول أن تنفخ في الحياة، ولكن عبثاً يفعلون!
في الجانب السياسي، الذي يقرأ ألف باء السياسة يدرك أنها خطوة تهدف إلى التطبيع، وتلميع صورة الصهاينة، وتمييع الموقف الجهادي المناهض للاعتراف بالكيان الصهيوني،
وفي الجانب الشرعي، رَفَضَ رجال الأزهرـ الذي ينتمي إليه المفتي ـ هذه الزيارة ، وطالب مفتي مصر السابق الشيخ نصر فريد واصل بعزل جمعة من منصبه لكون زيارته تمت بإذن الاحتلال الصهيوني الذي يسيطر على القدس، وكذلك الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، وجموع علماء الأمة من باب درء المفاسد مقدم على جلب المصالح، فكيف بنا إذا لم يكن هناك أي مصلحة تذكر من هذه الزيارة؟ بل كيف بنا إذا كانت كلها مفاسد؟!
ولماذا يتغافل مفتي" نظام مبارك"، عن زيارة غزة المحاصرة ليساهم في كسر حصارها، أليست أولى من زيارة القدس في ظل الحراب الصهيونية؟ فالقدس بحاجة إلى العلماء المجاهدين الذين يستنهضون الأمة لتحرير المسجد الأقصى المبارك وكل فلسطين، وليعلنوا الجهاد ضد المحتل الغاصب.
وأذكِّر المفتي بما صنع سيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه عندما بعثه النبي صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية ليفاوض قريشاً فقال الصحابة الكرام لقد خلص عثمان الكعبة فطاف بالبيت العتيق، فرد عليهم النبي صلى الله عليه وسلم بقوله:" ما كان لعثمان أن يطوف بالبيت ونحن محصورون". ولما رجع عثمان، سأله الصحابة، "هل طفت بالبيت"، فقال بئس ما ظننتم بي، والله لو بقيت في مكة عاماً كاملاً، لا أطوف بالبيت حتى يطوف به رسول الله صلى الله عليه وسلم.
هكذا " يا سماحة المفتي" رفض سيدنا عثمان بن عفان أن يطوف بالكعبة على جلالة البيت العتيق، والسبب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ممنوع من زيارته والطواف به. فكيف تسمح لنفسك أن تزور المسجد الأقصى ويُمنع منه خطيب المسجد الأقصى الشيخ عكرمة صبرى الذي يسكن بالقرب من المسجد الأقصى، وكذلك يُمنع الشيخ المجاهد رائد صلاح وآلاف مؤلفة من أهل القدس وفلسطين وملايين العرب والمسلمين، فهل يسمح الصهاينة لجموع الثورة العربية وعلماء العزة والكرامة أن يشدوا الرحال إلى الأقصى، ويقولوا كلمة الحق في قلب القدس الشريف؟!
عجباً ، كيف سولت لك نفسك أن تقوم بهذه الخطوة العمياء؟! ندعوك إلى أن تكون صادقاً مع الله ومع أمتك، وارجع إلى سيرة العلماء الأحرار، والصحابة الأبرار، واجعل من سيدنا عثمان بن عفان قدوة لك، واعلم بأن الرجال مواقف، فكم من رجلٍ يُعدُّ بألفِ رجلٍ، وكم من ألفٍ تمرُ بلا عداد!