لاجئون فلسطينيون من سورية: «خرجنا بحثاً عن الأمن فعشنا حياةً بلا استقرار» (1/2)
بقلم: إبراهيم أبو أمين
خاص/ لاجئ نت
كان الفلسطيني في سورية موقع غبطة من إخوانه اللاجئين في أماكن اللجوء الأخرى، فالبيئة الحاضنة للاجئين الفلسطينيين في سورية وقوننة أوضاعهم مبكراً هناك شكلت لهم الرافعة القوية والمناخ المناسب لممارسة نشاطاتهم السياسية والأدبية والاقتصادية، انعكست نتائجها على مجمل نواحي حياتهم، وصبغت المجتمع الفلسطيني في سورية بصبغة الاستقرار التي فقدتها معظم أماكن تواجد اللاجئين الفلسطينيين في الدول المضيفة لهم، فالفلسطيني السوري لم يسبق له أن جرب التشرد واللجوء والتهجير لأكثر من مرة كما هو الحال بالنسبة للفلسطيني اللبناني أو الأردني، لذلك كانت الواقعة التي نزلت به نتيجة الأحداث في سورية عظيمة.
يتناول هذا التقرير شرحاً لمعاناة بعض اللاجئين الفلسطينيين القادمين من سورية إلى لبنان، من خلال آراء الذين قابلناهم:
لم أتخيل في حياتي أن أبيت يوماً بلا طعام!
قال (م.ع) بأسى: «لم أتوقع يوماً أن أحتاج إلى شيء، فقد جعل الله رزقنا في سورية ميسراً، ولم أتخيل أن نبيت يوماً من دون خبز أو ينقطع عن بيتنا الطعام، ولم نشعر يوماً أننا لا نملك مالاً، فجأة وجدنا أنفسنا لاجئين من جديد!! لا نجد طعاماً أو خبزاً أو مالاً، لقد تعبت النفوس وزارنا ضيف ثقيل هو مرارة العيش».
عن أسباب مغادرته مخيم اليرموك، حدّثنا (م. ع): «كانت قلوبنا تحترق عندما يصاب طفلنا بالذعر نتيجة ركوبه في الأرجوحة أو على ظهر الحصان، فكيف ترانا عندما يقوم الطيران بقصف بيوتنا وحاراتنا؟ فصراخ أطفالنا يوم القصف أشعل في قلوب الآباء والأمهات من أبناء هذا الجيل ناراً هي ذاتها التي اكتوت بها قلوب آبائنا وأجدادنا يوم احتلال فلسطين، فكان الخروج بحثاً عن الأمان لهؤلاء الأطفال والنسوة اللواتي لم نعد نأمن عليهن الطريق».
وسأل: «لم نعلم إلى أين نتوجه؟ المهم أن نخرج خصوصاً بعد أن شاعت بين الناس قصة إنذار الناس للخروج خلال ساعتين من صباح اليوم التالي للقصف. خرجنا إلى بلدة قريبة من دمشق إلا أن صوت القصف والاشتباكات ظل قريباً، فما كان لنا إلا الفرار إلى لبنان. إلا أننا لم نفتقد سوى أصوات الانفجارات والقصف لأن المعاناة التي وقعت بها كانت أكبر وأشد مرارة، لم أفكر وأنا في سورية أين سأسكن لو خرجت إلى لبنان؟ فلا وقت للتفكير! ووجدت نفسي على قارعة الطريق هنا لا أجد مسكناً يأويني، فلولا فضل الله علينا أن يسّر لنا منزلاً غير مفروش للأجرة بالقرب من مدينة صيدا بقيمة 400 دولار شهرياً، لنمنا في الشارع».
وعن تأمين المساعدات، آسف (م.ع) وهو يقول: «لم ينتهِ الأمر هنا، بدأت رحلة البحث عن الفراش اللازم لينام عليه الأولاد، فدلّني من سبقني إلى الجمعيات والمؤسسات التي تقوم بتوزيع المساعدات على النازحين من سورية؛ إلا أننا كنا نفاجأ بقلة المساعدات فأسرتي المكونة من ثمانية أشخاص تلقينا فرشتين وحرامين وسلة غذائية؟! رغم قساوة الطقس وشدة البرد. فما كان لنا إلا أن نرضى بهذا الواقع ريثما يتسنى لنا الحصول على فراش أكثر من جمعيات أخرى، أما عن مساعدات الأونروا فقد تأخرت بتقديم المساعدات، وأول مساعدة تلقيتها كانت بتاريخ 9 شباط أي بعد حوالي 40 يوم من دخولي إلى لبنان رغم أنني سجلت لديها بعد أيام قليلة من وجودي هنا.
لقد نفد ما لدينا من مال ووجدنا أنفسنا لا نملك ما نشتري به بعض الحاجات الأساسية والضرورية للنساء والأطفال، لدرجة أنني قمت بتبديل بعض المؤن من عدس وبرغل وطعام لشراء البيض والخبز و حاجات الأطفال..».