القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الإثنين 25 تشرين الثاني 2024

لاجئون في دولة المخيّم

لاجئون في دولة المخيّم

بقلم: حسان حسان

ليس حكراً على الفلسطينيين شعورهم بالانتماء إلى دولة المخيم وتعويضهم الحسي العالي لفقدان الوطن الحقيقي والفعلي فلسطين، فما إن يدخل غير الفلسطيني حتى يتعمق شبقه بجدران المخيم، وخاصة إذا مسّته هجرة من نوع ثان أو ثالث عن وطنه الأصلي. توفي اليوم حسين، وهو سوري نازح. أي أنه هُجّر من الجولان إثر احتلاله عام 1967. يعيش في المخيم منذ ذلك الوقت ولم يغادره قط، بل أكثر من ذلك أن حسين، «الآذن» في مدرسة الجليل التابعة للأونروا، والذي يعرفه المخيم كله بوصفه كذلك، لم يكن موظفاً في المدرسة. فما هو إلا رجل اعتاد على هذا العمل منذ أكثر من ثلاثين عاماً. وفاة حسين أعادت لذاكرتي ذكرى خالد الليبي. وهو كما يدل اسمه من ليبيا، التحق بقوات الثورة وهو شابٌ، وعندما توقف الكفاح المسلح في لبنان، جاء مع من جاؤوا إلى سوريا، واستقر في المخيم ولم يغادره لوقتنا الحالي. ليس الرجلان حالة استثنائية هنا. فأبو عادل المصري، الذي كان ينتمي إلى حركة الإخوان المسلمين في مصر أيام السرّية، وعليه حكم قضائي هناك، كان يعمل بائعاً للكتب هنا، وكان يعير أبي الكتب الجديدة لقراءتها وإعادتها. وهناك أبو محمد العراقي، ولعل ابنه محمد هو الأكثر «مخيّمجيّة» من أبيه، فمن المستحيل التفريق بينه وبين أبناء المخيم في لهجته وردود أفعاله، وحتى موديل بنطاله. هو الآخر، واسمه محمد، وُلِد وتزوج وأنجب في المخيم، ولم يغادره على شاكلة الفدائي المتقاعد أبيه الذي لا يزال يحتفظ ببعضٍ من لهجته العراقية. والأمر يختلف هنا عند حمزة الباكستاني الذي فارقته لغته الأصلية بعدما هجرها ولم يعد ينطقها هنا في المخيم، حسين وخالد وحمزة وأبو محمد ومحمد وأبو عادل وصلاح التونسي ... جميعهم بقوا في المخيم، دخلوه بإرادتهم أو رغماً عنهم لا أعرف. لكنهم ظلوا هنا، كأنهم ينتظرون حلاً عادلاً لقضية اللاجئين الفلسطينيين، ولا يريدون أن يتركوا إخوتهم وأصدقاءهم في منفاهم الاختياري أو القسري. فبعد كل ما حدث ويحدث في بلدانهم، لا يزالون لاجئين في دولة المخيّم.

المصدر: الأخبار