القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي

لثورة شاملة ضدّ الأونروا!!

لثورة شاملة ضدّ الأونروا!!

رأفت مرة - بيروت

تمر علاقة اللاجئين الفلسطينيين بالأونروا بمرحلة من أكثر مراحلها اضطراباً وسوءاً.

ففي الشهر الماضي توفي الطفل محمد نبيه طه من منطقة صيدا على أبواب المستشفى، بحجة أنه لا يوجد سرير جاهز مزوّد بآلة أوكسجين كما ادعى أصحاب المستشفى ومعهم الأونروا.

ومات اللاجئ الفلسطيني وليد طه الذي احترق وهو نائم ونُقل إلى مستشفى الجامعة الأميركية في بيروت، وعولج هناك بشكل أولي لأن المستشفى غير متخصّصة في معالجة الحروق التي أتت على 70% من جسده.

تعذّر نقل طه إلى مستشفى الجعيتاوي التي طلبت مقدّما عشرين ألف دولار أميركي، وعجزت الجامعة الأميركية عن تحمّل تكاليف علاجه، خاصة أن وظائف جسده بدأت تتعطّل واحدة تلو الأخرى.

ولم تدفع الأونروا لذويه سوى أربعة آلاف دولار، وربما اختار وليد طه الموت كوسيلة أشرف من البقاء بهذه المعاملة في هذه الحياة.

وقاحة

العلاقة بين الأونروا ومجتمع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان غير سليمة إطلاقاً، والأونروا أصبحت شركة متخصصة للسرقة والنهب والفساد.

وأقول بكل صراحة وعلى مسؤوليتي إن معظم هموم وانشغالات مسؤولي الأونروا تتركز على الإغناء السريع وجمع الثروات، وإن آخر همّهم هو الاهتمام بحياة الإنسان الفلسطيني ورعايته والدفاع عن مصالحه.

وسأذهب أكثر في الصراحة للقول إن الأونروا تحكمها وتديرها «مافيا» من الفساد، وإن هؤلاء يتقاسمون الغنائم ويوزّعون الصفقات ويغطي بعضهم على بعض.

في الأشهر السابقة مررنا بتجربة مع الأونروا في مخيم شاتيلا حيث أقامت الأونروا خزاناً لتوزيع المياه، ووضعت مضخة لشفط المياه، لكن بعد فترة جاء مسؤولون في الأونروا وأرادوا سحب المضخة، دون إبداء الأسباب، ودون إبلاغ الناس بموعد إعادتها، الأمر الذي أثار بلبلة وحالة من الرفض لدى الأهالي.

وفي مخيم برج البراجنة، بدأت الأونروا بتنفيذ مشروع للبنية التحتية في المخيم، واجتمعنا السنة الماضية بمسؤولين من الأونروا، وقالوا إن قيمة المشروع أربعة ملايين ومئتا ألف دولار، وهو يتضمن من ضمن ما يتضمن بناء خزان كبير للمياه وحفر بئرين على عمق 500 متر، ولما توقّف أحد المهندسين من الحضور عند كلمة «تحلية» المياه، تراجع المسؤول في الأونروا وقال إنها «معالجة» وليس «تحلية».

المهم ما يحصل اليوم.

قبل أسابيع عرضت الأونروا على اللجنة الشعبية في المخيم ربط سبعة آبار مياه في المخيم بالخزان الذي شيّدته الأونروا، بحجة أنه لا توجد مياه صالحة في المخيم، وأن تزوّد الأونروا الخزان بمحطة للمعالجة، وأن تقوم اللجنة الشعبية بإدارة الخزان والمحطة والعمال.

وهذا يعني بالعلم والمنطق التالي:

1- ستقول الأونروا أمام الناس إنها أوصلت المياه للخزان، ولكن في الحقيقة هذه ليست مياهها بل هي مياه اللجنة الشعبية.

2- ستمتنع الأونروا عن حفر بئري المياه، وهذا يعني أن الأموال المخصصة لحفر بئرين على عمق 500 متر ستطير.

3- ستتخلى الأونروا مباشرة عن تحمّل تكاليف محطة معالجة المياه، ونحن سألنا أحد الخبراء فقال إنها في حدود خمسمائة دولار يومياً، نظراً لكمية المياه المعالجة، وسترمي الأونروا هذه التكلفة على اللجنة الشعبية.

4- ستتخلى الأونروا عن دفع مرتبات العمال الذي كان من المفترض أن تخصّصهم لبئري المياه وللخزان، وسترمي نفقات العمال على اللجنة الشعبية.

5- إلى أين ستذهب أموال حفر البئرين؟! ومن سيدقّق في أوراق الأونروا التي ستقول في تقاريرها للمانحين إنها أنشأت الخزان وأوصلت المياه إليه؟!.

تجربة

إن أسلوب الأونروا هذا هو أسلوب دائم وقديم، وهم اعتادوا على السلب والنهب وسوء الإدارة، وللأسف كانوا يتعاملون في المجتمع الفلسطيني مع فئات تشبههم، يتقاسمون معها الأموال والصفقات، وينفّذون مصالح متبادلة على قاعدة «شيلني بشيلك».

إن الأونروا ما كان لها أن تتمادى في أساليب الخداع والتزوير لو أنها وجدت موقفاً فلسطينياً موحداً حولها، فهي تمثّل المجتمع الدولي الذي يتقاطع في مشاريعه وأهدافه ومخططاته مع قيادة منظمة التحرير الفلسطينية التي تعتبر بمثابة «المحلل» لكل سياسات الأونروا وصفقاتها وممارساتها، لدرجة أن الأونروا تمارس الفساد وتحصل على دعم منظمة التحرير التي تغطي هذا الفساد، وتمنع المساءلة، في تقاطع خطير للمصالح.

والدليل على ذلك أنه أثناء التحضيرات للاعتصام الذي نظمته قوى ومؤسسات ولجان فلسطينية، أجرى المدير العام للأونروا في لبنان سلفادور لمباردو اتصالات برئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس لثني هؤلاء عن الاعتصام، في خطوة تُظهر أن لمباردو لا يقرأ الواقع الفلسطيني ولا يعرف أن محمود عباس اليوم غير قادر على منع اعتصام.

دعوة

إن الممارسات السيئة للأونروا فاقت الحدود، وتجاهل الأونروا مصالح الناس ومعاناتهم بلغ حدّه، وبالتالي لا يجوز السكوت بعد اليوم عن ممارسات هؤلاء، لأنهم أخذوا أكثر من فرصة، ووعدوا وأخلفوا، وحاورتهم حماس والتحالف والهيئات والجمعيات والمؤسسات، لكن دون نتيجة حقيقية.

إنهم يقومون بالمماطلة، وباعتماد سياسة الطرابيش، أي تبديل الطرابيش على الرؤوس دون تغيير الرؤوس أو تغيير الطرابيش.

بلغ السيل الزبى، والأمر بات يحتاج لثورة شعبية شاملة ضد الأونروا على الشكل التالي:

1- وعي كامل بسياسة الأونروا وأهدافها.

2- تحركات شعبية في كل المناطق.

3- استخدام الأسلوب السلمي.

4- إجبار الأونروا ومن خلفها على تغيير سياستها.

5- ضرورة تطلّع الفلسطينيين في لبنان نحو حصولهم على مساعدات حقيقية من الأموال التي تعهدت أوروبا بدفعها بعد الانتفاضات العربية.

المصدر: مجلة البراق – العدد الـ86