لماذا تدنّى المستوى التّعليمي في مدارس الأونروا في لبنان؟
بقلم : انتصار الدنان
في السنوات الأخيرة، لاحظت تدنيّاً خطيراً في المستوى التعليمي عند طلابنا، وخصوصاً بعدما صححت في امتحانات الشهادة الرسمية. فطلابنا في مدارس الأونروا لا يتقنون اللغة العربية، ولا حتى يفقهونها، وأكاد أجزم حتى إنهم يجهلون القراءة.
السؤال هنا: من المسبب في ذلك التدني التعليمي؟ وما الهدف منه؟ وهل المدارس أنشئت لممارسة برنامج تجهيلي أم تعيلمي ينمي القدرات الذهنية، ويعمل على تنشئة الجيل على القيم والمبادئ والأخلاق؟
أنا لا أتهم المدرس، لأننا كلنا يدرك بأن أساتذتنا من أكفأ الأساتذة والذين يستطيعون أن يؤدوا دورهم بشكل جيد. لكن ما أراه اليوم أن المعلم في مدارس الأونروا صار رهينة قرارات يصدرها المكتب التربوي التابع لهذه المدارس، وبغض النظر عمن يعطي الأوامر في إصدارها، اسمحوا لي بأن أقول أنها كبّلت المعلم، وأعطت الفرصة للتلميذ بأن يمارس الإمعان في تجهيل نفسه بنفسه.
فالمعلم مكبل بعدة قرارات، لا يستطيع أن يُعاقب ولا أن يؤنب ، حتّى بات دوره هامشياً، عليه أن يُلقن التلاميذ تلقيناً مفروضاً عليه وكفى." ويلي فهم فهم ويلي ما فهم ستين عمرو ما فهم" هذه هي المقولة الرائجة.
بالطبع أنا ضد معاقبة التلاميذ بالضرب، لكن بالوسائل التربوية المتاحة والتي أصبحت في مدارس الأونروا أيضا ممنوعة. من المسؤول عن الفوضى الحاصلة بين الطلاب، والتي تؤثر سلباً على مستواهم التعليمي؟
أنا أدرك أن معلمينا لا تنقصهم الخبرة التعليمية الكافية لإدارة صفهم، ولكن تنقصهم الصلاحية لإدارة صفهم بالشكل الطبيعي.
هناك مسائل عدة تتداخل ببعضها البعض والتي تسمح لسياسة التجهيل أن تقضي على جيلٍ بأكمله، ومن أهمها قرارات سياسية تصدر من هنا وهناك تدعم مسيرة التجهيل.
الطالب بالطبع يساهم في تجهيل نفسه؛ أنه لا يدرك مدى الضرر الواقع عليه من خلال هذه الممارسات.فيعمل على نشر الفوضى في الصف، يضايق المعلم بتصرفاته، يرميه بألفاظ نابية، وحتى أحيانا يصل به الأمر إلى الاعتداء على المعلم، والمحقق المرسل من المركز التربوي للأونروا لا يعنيه من الأمر إلا أن يعلم ما إن كان المعلم قد اعتُديَ عليه داخل الخط أم خارجه، ويكتفي بهذا، والتلميذ بالطبع حرصاً على مشاعره النفسية لا يُعاقب، لماذا؟
مدارسنا اليوم أصبحت مفتوحة فقط لتعبّر عن حماية الفلسطيني من التجهيل، والاسم أنه يُؤمن له التعليم المجاني من أجل أن تفخر الأمم المتحدة بنفسها على أنها تحمي الحقوق الاجتماعية للشعب الفلسطيني.
الواقع الذي أراه اليوم مرير، يظلم المدرس والتلميذ على السواء.المعلم حرمانه من تأدية واجبه بالشكل المطلوب، والتلميذ يعبر خندق الجهل برجليْه.
سياسة تجهيل متعمدة، لا سياسة تأهيل وعلم.
هذا عدا المشاكل التي تحدث مع الطلاب عند خروجهم من المدرسة، وهي كيفية تعامل أصحاب الباصات معهم، إن كان ضرباً أم شتماً وغيره.
أولادنا في خطر؛ لأن سياسة التجهيل تُمارس عليهم بقوة وبعنف.
أبناؤنا حملة مشعل التحرير فلنحافظ عليهم.
المصدر: موقع الترتيب العربي