لماذا رحبت حركة
حماس بالتقرير؟
بقلم: فايز أبو
شمالة
جاء في تقرير لجنة التحقيق
التي شكلتها لجنة حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة ما يفيد بأن اللجنة تصدق الادعاءات
بأن كلًّا من الكيان العبري والجماعات المسلحة الفلسطينية ارتكب جرائم حرب خلال القتال
الذي استمر 51 يومًا، وهذا يعني أن التهمة تلاحق قادة حركة حماس والجهاد الإسلامي بقدر
ما تلاحق القيادة السياسية والعسكرية الإسرائيلية.
المفارقة الغريبة في هذا
الأمر الخطير هو ترحيب السلطة الفلسطينية وحركة حماس كلتيهما بالتقرير، في الوقت الذي
رفضه الكيان العبري، واعترض عليه، وهاجمه بعنف، وله الحق في ذلك؛ فالتقرير لا يتهم
القيادة العسكرية الإسرائيلية فقط، وإنما لا يبرئ التقرير القيادة السياسية الإسرائيلية
من المسئولية عن تهمة اقتراف جرائم حرب.
السلطة الفلسطينية رحبت
بالتقرير من منطلق براءتها التامة من ممارسة العنف، ولها الحق في ذلك، ولكن لماذا رحبت
حركة حماس بالتقرير الذي استنكر إقدام الجماعات المسلحة الفلسطينية على إعدام عدد من
سكان القطاع لتعاونهم مع الاحتلال، وقال: "إن هذه الإعدامات بمنزلة جرائم حرب"،
ومن المؤكد أن حركة حماس التي رحبت بالتقرير هي الجزء المهم من الجماعات المسلحة المذكورة،
فلماذا الترحيب بالتقرير؟
في تقديري إن ترحيب حماس
بالتقرير يرجع إلى عدة أسباب، ولاسيما أن رئيس السلطة الفلسطينية قد تلكأ مدة طويلة
من الزمن قبل التقدم بطلب الانضمام إلى محكمة الجنايات الدولية، وكانت حجته في ذلك
هو الخوف على حركتي حماس والجهاد الإسلامي، وطلب رئيس السلطة من حركتي حماس والجهاد
التوقيع خطيًّا على كتاب الموافقة على الانضمام إلى محكمة الجنايات الدولية، وقد كان
له ذلك من الحركتين.
إن ترحيب حركة حماس السريع
بالتقرير قد جاء ليقطع الطريق على أي تراجع فلسطيني عن مواصلة التوجه إلى محكمة الجنايات
الدولية، ولاسيما أن الذاكرة الفلسطينية تختزن بمرارة تجربة التراجع عن تقرير جولدستون
الذي اتهم الاحتلال بارتكاب جرائم حرب عام 2009م.
وجاء الترحيب من منطلق الاستعداد
للمرافعة أمام المجتمع الدولي، ومواجهة كل الاتهامات، مقابل فتح ملفات الإجرام التي
يحرص الكيان العبري على طيها؛ لأن نتائج التحقيق في الحرب على غزة الذي قد يستمر عدة
سنوات لن تضيف إلى حركتي حماس والجهاد والإسلامي تهمًا جديدة، فحركات المقاومة الفلسطينية
متهمة بالإرهاب قبلًا، في الوقت الذي يحرص فيه الكيان العبري على الظهور كأنه عاشق
للسلام، وضحية للإجرام.
تقرير لجنة التحقيق الدولية
يسمح بتقديم قادة الكيان العبري السياسيين والعسكريين إلى محكمة الجنايات الدولية،
وهذا أمر بالغ الأهمية للقضية الفلسطينية، ويجب أن يكون خارج المساومات التفاوضية،
ولا يخضع للضغوط الاقتصادية، وأي تلكؤ فلسطيني في تقديم الملفات، ومتابعة الإجراءات
حتى النهاية لا يعد جريمة حرب بحق الشعب الفلسطيني، وإنما هو تحقير لتضحيات الشعوب
العربية التي نزف دمها على أعتاب القضية الفلسطينية.
المصدر: فلسطين أون لاين