لو
فلسطين مش محتلة
بقلم: محمد قليط
هم
يحلمون أيضا، ليسوا كما يُتهمون في زوايا المقاهي الثملة ولا يشبهون ما يسبغ عليهم
تحت دخان النرجيلة أو السيجارة في جلسات التحليل الاجتماعي-الأمني. «هم» كما نحن،
يحلمون بالخروج من المخيمات التي أصبحت كالبؤر الأمنية، ويريدون العودة الى وطنهم،
الى فلسطين. ولذلك، بعضٌ من «نحن» ذهبوا الى مخيميّ برج البراجنة ومار الياس في
بيروت لنوّثيق حلم العودة الفلسطيني.
انبثقت
الفكرة من النسخة الفلسطينية التي أنشئت في الداخل المحتل، وخاطت مشاعر
الفلسطينيين للعودة عبر نسج خيوط من الأحلام بعضها ببعض، لتكوين صورة فلسطين
الجميلة. فكما قال ذاك الرجل في الفيديو «هيية ومحتلة حلوة، كيف لكن اذا ما كانت
محتلة؟». وبهذه الجملة وغيرها من عبارات، بادرت زميلتي كريستينا عبّود لتوثيق
أحلام فلسطينيي مخيمات لبنان لأنهم «يستطيعون الحلم أيضاً».هكذا، ذهبنا سوياً، الى
مخيميّ مار الياس وبرج البراجنة في بيروت لإجراء المقابلات مع فلسطينيّي المخيميّن
عبر طرح سؤال واحد «لو فلسطين مش محتلة، شو كنت عملت؟». كان الجواب البديهي دوماً
«أعود الى بلدتي وأقبّل ترابها»، والأمر سيان من كبيرهم الى صغيرهم.
وقد
أرشدنا في المخيميّن شخص في كل مخيم على حدة، وذلك لقلة معرفتنا «بزواريب»
المخيمات الضيقة وبأهالي المخيميّن. فكان علي أيوب، لبرج البراجنة، و»الحنون»، من
مار الياس، في قمة اللطف والمساعدة، فلولاهما، لكنا نحاول إيجاد طريقنا خارج
المخيمين الى الآن بسبب كثرة شوارعها الصغيرة فـ»زاروب واحد بيفوتك بألف زاروب».
وانكسرت أمامنا صورة «غوغاء المخيم» التي يوسم بها المكان دوما، بعد تعرّفنا على
بعض الأهالي، حيث أصر بعضهم على استضافتنا في منازلهم لارتشاف القهوة خلف عدسة
التصوير.
أما أمام
الكاميرا، فلم يتوان الفلسطينيون عن إدانة الحكومات العربية بتواطئها ضد القضية،
وإظهار استيائهم من البقاء في لبنان تحت وطأة قوانين العمل الظالمة بحقهم
والعنصرية الموّجهة صوبهم دوما في كل صغيرة وكبيرة، بحسب ما ذكر أحد اللاجئين الذي
رفض عرض كلمته أمام عدستنا. وقال أحدهم وعيناه تكابران لئلا تغلبها الدموع «عم
ندفع ثمن الإنتماء لهذا الوطن... وإذا رجعنا بديش إشتغل إشي، بدي أموت جوع بس بدي
إرجع لأرضي». ولعلها كلمات رددها لبنانيو الجنوب إبان الإحتلال الصهيوني من 1982
الى 2000، وأيضاً من يعيشون في الغربة، يكدّون في العمل لتحصيل قوتهم وإرسال بعض
منه الى ذويهم في لبنان. فلو تخيّلنا للحظة أننا مكانهم، هل نتحمل البعد عن الوطن
أو حتى عدم القدرة للرجوع في الزمن القريب؟ هل نلوم الغضب الفلسطيني من العالم
أجمع لأنه غدر به ووضعه في موقف لا يحسد عليه؟ وهل حسن ضيافة اللبناني وكرمه لا
يناله الا الاغنياء أم ان المحتاج والمسكين أحق به؟
المصدر:
الأخبار