ليتحرّك الفلسطينيون لإنقاذ إخوانهم في لبنان
أحمد الحاج علي
مضى أكثر من شهر ونصف
على حراك اللاجئين الفلسطينيين في لبنان المناهض لإجراءات وزير العمل اللبناني
بمحاولة فرض إجازة عمل عليهم. ورغم أن التضامن الفلسطيني في العالم مع الفلسطينيين
في لبنان كان مرئياً، إلا أنه بقي عاجزاً من أن يرقى إلى تشكيل أداة ضغط على
السلطات اللبنانية، أو جذب شرائح غير
فلسطينية.
يعي الفلسطينيون في
فلسطين المحتلة والعالم أن مأساة إخوانهم الفلسطينيين هي الأعمق والأكثر حلكة بين
كل مآسي اللاجئين الفلسطينيين في مناطق انتشارهم كافة. وهناك إشارات تدل على هذا
الشعور، منها حملة جمع التبرعات التي حدثت في مساجد غزة هذا الشهر، والتي لفتت إلى
أن القطاع المحاصر يرى أن الفلسطينيين في لبنان أحق بلقمة عيشه، نظراً لضيق حالهم.
ومن قبل كان رجال أعمال في الضفة الغربية يتكفلون فلسطينيين في لبنان لإكمال
تعليمهم، أو حتى مساندتهم في معيشتهم.
صار من المعروف أن
فلسطينيي لبنان تُركوا منذ عام 1948 دون أدنى مساندة من الحكومات اللبنانية
المتعاقبة، والتي لم تكتف بالتبرؤ من دعم مشاريع البنية التحتية في مخيماتهم، أو
تيسير بعض ظروف مؤسساتهم التعليمة، أو تسهيل طبابتهم، بل عمدت إلى وضع العراقيل
أمام تطورهم الاقتصادي، ومنعتهم من أبسط حقوقهم البديهية في العمل والتنقل
والتملك. فتجاوز الفقر لديهم نسبة 65 بالمائة، وانخفضت نسبة الخرّيجين الجامعيين
إلى 6 بالمائة، وأصبح أكثر من ثلثهم من المصابين بأمراض مزمنة.
هذه كلها أرقام ضرورية
لتبيان مدى حاجة اللاجئين الفلسطينيين في لبنان لحملات التضامن، التي قد يكون
التظاهر جزءاً ضرورياً منها، لإشعار هؤلاء أنهم ليسوا وحدهم في صراعهم من أجل
البقاء، واستمرار نضالهم في سبيل العودة إلى وطنهم. كما أن التظاهر رسالة ضغط
مباشرة على السلطة اللبنانية بأن لا تستفرد بالفلسطينيين، ولا تعتبرهم صندوق بريد
لتنفيس تناقضاتها الداخلية. وكذلك فإن التظاهر ربما يلفت نظر فئات في العالم إلى
ما يعانيه الفلسطينيون في لبنان. وقبل ذلك، هو رسالة وضرورة تقول إن الهُوية
الفلسطينية تحافظ على شكلها ومضمونها، من خلال التعبير عن أهم مقتضياتها، وهو
التضامن بين عناصرها.
وأهم ما يمكن أن يقوم به
الفلسطينيون في الخارج لدعم أشقائهم الفلسطينيين في لبنان، هو المساندة القانونية،
من خلال الضغط القانوني برفع دعاوى في المحاكم المحلية والدولية ضد المعتدين على
كرامة الفلسطينيين في لبنان ومنتهكي القوانين الدولية. ويجب أن تستهدف الدعاوى
بشكل خاص العنصريين الذين يزدادون انتشاراً في لبنان، حتى وصلت الحال بممثلة
لبنانية أن تدعو إلى إحراق الفلسطينيين في أفران هتلر.
الفلسطينيون في لبنان هم
اليوم أكثر حاجة من أي وقت مضى إلى تضامن واسع ومعتبر من إخوانهم الفلسطينيين في
غزة والضفة والأراضي المحتلة عام 1948، وكل مناطق الشتات. بحاجة إلى وقفات،
ومساندة، ودعم، بأشكاله كافة. فكما أن هناك انتهاكاً مباشراً للأرض، هناك انتهاك
فظيع لكرامة الإنسان الفلسطيني في لبنان، مما يستلزم استحضار أعلى أشكال التضامن.