ما الذي قاله خالد مشعل؟
بقلم: د. صبري صيدم
نشرت الأسبوع الماضي في هذه الزاوية
مقالا بعنوان: هل يشعل مشعل الشعلة؟ لأطرح أسئلة كثيرة حول رئيس المكتب السياسي لحماس
والذي بادر وبعد اطلاعه على المقال بالاتصال بي للإجابة على بعض القضايا التي وردت
في المقال المذكور فأعلمته بأنني سأنشر فحوى حديثنا الهاتفي.
فقد حاولت ومن خلال المقال آنف الذكر استعراض العديد
من القضايا المرتبطة بهذه الشخصية مستفسرا وربما قاصدا السؤال عن التحديات التي تواجهها
والمعوقات التي تفرضها الظروف وحقيقة المصالحة ومدى بحث حركة حماس خاصة اليوم عن سبل
أوسع للتكتيك والمناورة السياسية خاصة في خضم سعي الآخرين من حلفائها السابقين والحاليين
أيضاً للتكتيك على هواهم إما بالابتعاد عن الحركة أو 'بتفتير' العلاقة معها.
ورغم الأسئلة التي قمت بطرحها فإن السؤال الأكبر
تمحور حول منظمة التحرير الفلسطينية ونية حماس جعلها معركتها القادمة وبحث الأخيرة
عن الغطاء الشرعي الذي يوفر جسرا للدخول إلى المنظومة الأممية وفرصة للمناورة السياسية
الأوسع، بالإضافة إلى الحصول على الاعتراف الدولي المنشود خاصة وقد شعرت شخصيا بأن
زياة مشعل الأخيرة لغزة لم تكن حقيقة لحضور مهرجان انطلاقة حماس ولا الاحتفال بنتائج
الحرب الأخيرة ولا زيارة الوطن فحسب وإنما أيضاً فرصة لترتيب الوضع العسكري للحركة
بعد رحيل أحمد الجعبري ومناسبة لحسم المواقف المتباينة في الحركة بعد سلسلة تصريحات
ومواقف غير متجانسة صدرت عن البعض من أبنائها ناهيكم عن الحاجة لترتيب الأمور الداخلية
للتحضير لمعركة منظمة التحرير الفلسطينية.
وأيا كانت الأسباب فإن الرجل وفي اتصاله لم يعلق
على مجمل الأسئلة التي طرحتها وكأنه يصادق على مضمون ما ورد فيها من تكهنات فاختار
الإجابة على أمرين محددين.
أولهما موضوع المصالحة بأن لا داعي للقلق عليها
وأن الأسابيع القليلة القادمة ستشهد نتائج طيبة دون أن يخفي الحاجة لحماية المصالحة
وحماية المساعي التي تتجه باتجاهها.
وثاني الأمور كان حول منظمة التحرير الفلسطينية
التي قال فيها مشعل بأنها الممثل الشرعي والوحيد وأن قوتها قوة للجميع والتأكيد على
أن دخول حركته للمنظمة هو مبتغاها على أرضية التنافسية الحميدة كما حاول أن يقول ضمنا.
مشعل أشار أيضاً إلى أن حركته لا تخشى الانتخابات
العامة لا اليوم ولا غداً وأنها ستسعى للانتصار فيها لكنها وإن خسرت فهي ستكون فخورة
بأنها قد خاضت المنافسة وقبلت نتائجها.
ما لم يحسمه مشعل هو أمر قيادته للمكتب السياسي
لحماس لكن قناعتي الشخصية تقول بأن الرجل لن يغادر موقعه رغم المد والجزر اللذان حصلا
في هذا الأمر.
وبغض النظر عن الفحوى والمضمون فإن الحديث بالنسبة
لي قد أثار المزيد من الأسئلة وربما بصورة تفوق حجم الأسئلة التي طرحتها مقالتي المذكورة
والتي أفضت إلى النقاش الهاتفي هذا. لذلك أفكر جديا في فتح النقاش مع مشعل 'فيسبوكيا'
بحيث يكون للآخرين من أبناء شعبنا خاصة من خارج الدائرة التي اعتاد الرجل على الحديث
إليها الحق في طرح أسئلتهم وكما يشاؤون بكامل حرية. فالرجل لا يستطيع أن يعفي نفسه
من كونه جزءا رئيسا من مرحلية فلسطينية غاية في الجدلية.
أخيرا أقر بأنني ربما قد أغفلت بعض ما طرح لكنني
مقتنع بأن العديد من أجهزة الرقابة في استخبارات الدول الإقليمية وغيرها ممن يرصدون
مكالمات مشعل سيمتلكون تسجيلا لما جرى من نقاش وما أغفل من قضايا. فهل سنرى ما قاله
مشعل حقيقية قادمة؟ غداً لناظره قريب.
المصدر: القدس العربي، لندن