ما الذي يجعل خالد مشعل متميزا؟
بقلم: د. مهند مبيضين
يبدو خالد مشعل، لحظة قابلته الدستور أكثر واقعية من قبل، ولا أريد أن أذهب إلى أوصاف طفولية اعتاد بعض الكتاب وصفه بها حين يلتقوه فيصفون كيف يتحدث بالهاتف مع مسؤول ما، أو كيف يتدخل لحل مشاكل زواره، ذلك أشبه بسلوك المريدين المبتدئين.
القضية الفلسطينية عند مشعل ليست رهانا يتبادله العرب، أيهم أكثر حظوة عند العم سام، بل هي مشروع يستحق أن تكتمل عملية بنائه الديمقراطي، بيد الفلسطينين أنفسهم، وبدعم العرب إن أرادوا، وهو لا يغفل عن دور مصر الكبير وجهاز الأمن فيها والذي يعتبر أن جهوده ساهمت في تحسين موقع غزة الصمود والتحدي في وجه آلة الحرب المدمرة اسرائيليا.
ومشعل لا يلعن انشغال العرب بربيعهم عن فلسطين، فهو يرى أن الأمة الحرة هي التي تملك إرادة للتحرير والدعم للصمود الفلسطيني، وفلسطين التي يدافع الرجل عنها، ليست مقاطعة في رام الله أو إمارة إسلامية غالبة في غزة، وهو حين يقال له أن حماس يلزمها تعزيز صفتها كحركة دينية تقبل بالديمقراطية، يُذكّر الجميع بأن الديمقراطية هي التي رفضت فوز حماس العام 2006.
مشعل في عمان لا يلزمه زيارات سرية يرتب لها بخفاء يوم كان في دمشق، لكنه في عمان، يقدر العشرة القديمة مع الدستور كما قال، ويرى الكل ويتحدث مع الجميع ويكشف عن اتصالاته بكل وضوح دونما مواربة، أو خفية لا تلزم عمان التي اعتادت من الرجل احترامه لها ولقرارتها الساسية حتى عندما لا يستطيع زيارتها.
نعم ربما يكون الخطأ وقع، وربما كتب البعض ضد حماس كحركة، لكن المهم ان مشعل ظل متلزم الودّ مع عمان التي لم تلق منه أي اساءة، وهو حين يتحدث عن دور عربي في دعم الصمود لا يغفل عن التنسيق الكبير والدعم الأردني في غزة.
خالد مشعل اليوم أكثر من زعيم لحماس، وأكثر من ممثل لحماس الخارج أو رجل علاقات عامة من الطراز الرفيع، فهو يستقبل استقبال الرؤساء برغم أن رئيس دولة فلسطين بالنسبة إليه يظل محمود عباس راهنياً.
وفي هذا الإطار الذي يُصر عليه مشعل وهو منظمة التحرير، نجده يعي حاجة المنظمة إصلاحيا للانتخابات، ومن ثم الشراكة بين الكل، وهو في ذلك أمام أمرين، إما السيطرة على المنظمة في حال اجرت انتخابات وبالتالي تحول حماس النهائي إلى نهج المقاومة السياسية، أو إعادة هيكلة الكل الفلسطيني في إطار مشروع وطني جديد، يدرك أن لا خيارات فلسطينية خارقة، غير الواقعية السياسية، للقبول بالدولة المطروحة، والإبقاء على المقاومة في حالة الاعتداء الاسرائيلي على مقومات البناء الفلسطيني التي تحققت.
في النهاية، ليس خالد مشعل بعيدا عن زعامة فلسطين، ليس لأنه يقابل الرؤساء والملوك، أو لأنه رجل يتمتع بذكاء اجتماعي وحوله رفاق مخلصون لقضية فلسطين، أو لأنه يملك بديلاً أخلاقياً مقاوماً، أو يدرك قيمة اجهزة المخابرات في دول معنية بقضيته؛ بل لأنه آمن هو وحماس بأن الحل يكمن بمشروع ديمقراطي فلسطيني للبناء يقبل الكل.
المصدر: الدستور، عمّان