القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الجمعة 29 تشرين الثاني 2024

ماذا لو اشتعل الإقليم العربي حول (إسرائيل)؟

ماذا لو اشتعل الإقليم العربي حول (إسرائيل)؟

د. عدنان أبو عامر

تعتقد دوائر صنع القرار "الإسرائيلي" أن هناك سلسلة من "السيناريوهات" المتوقعة في المنطقة العربية المحيطة بفلسطين، تحمل الكثير من المخاطر والفرص، ستشغل الكيان العبري سياسيًّا وأمنيًّا خلال العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين، وهي في معظمها "سيناريوهات" صعبة وقاسية، سينجم جزء هام منها عن تطورات نراها رأي العين الآن، وبالتالي ستكون متوقعة، وجزء آخر سيكون مفاجئًا جدًّا، وجزء ثالث يعد من نوع "المفاجآت التاريخية" التي تعد خارج الحسابات العقلية الحاضرة الآن.

ولعل أخطر ما يتوقعه الاحتلال حالة من عدم الاستقرار تسود النظام الأردني بعد بروز تظاهرات داخلية، إذ يتوقع أن يقدم الاحتلال الدعم الأمني والمساعدة الاستخبارية للسلطات الأردنية، من خلال وقف أي مساندة قادمة للتظاهرات الداخلية هناك، ويجتهد في هذه الحالة بجهود مشتركة وفعالة مع عدد من الدول العربية لتقوية النظام في الأردن، والعمل بقوة ضد تلك التظاهرات.

على الجبهة الجنوبية، يتوقع الاحتلال أن ترسل مصر قوات كبيرة من الجيش إلى سيناء بصورة مخالفة لـ(كامب ديفيد)، بالنظر إلى أن المصريين من جهتهم يؤكدون أن هذه الخطوة الحيوية غرضها الأساسي محاربة محاولات الاختراق للحدود، والجماعات المسلحة، التي تريد أن تتخذ سيناء قاعدة لها، ومنع تسلل مجموعات للأراضي الفلسطينية المحتلة من خلال أراضي سيناء.

ومع ذلك، يصل إلى الاحتلال معلومات أمنية دقيقة أن هناك تدريبات عسكرية عالية المستوى تحدث في قيادة الجيش المصري، في أجواء تكتم عالية السرية، وإدخال أسراب من قوات المشاة لأراضي سيناء، ليتضح لاحقًا أن المقصود فعليًّا هو "استعادة السيادة المصرية" الكاملة على أراضي سيناء، دون إضمار أي نوايا عدائية للاحتلال.

يرى الاحتلال هذا القرار المصري فرصة تاريخية لإجراء مباحثات مع مصر من جديد حول اتفاق "السلام"، من خلال إظهار القلق من تكثيف وجود القوات المصرية في سيناء، والرغبة المصرية بتبديد هذا القلق مقابل "تمتين العلاقات بينهما"، مع ضرورة التحذير الحاد والهادئ في الوقت نفسه من أن إدخال أسراب من قوات المشاة بعكس المتفق عليه قد يتسبب بعملية مضادة من الاحتلال، وإبراز الاستعداد لهذا التحرك، شرط ألا يتسبب ذلك بتحرش جاد وحقيقي.

القلق الإسرائيلي من الإقليم العربي يصل إلى حد وقوع تململات واضطرابات داخل السعودية، وتنامي الأعمال العدائية داخل الدول النفطية، وفي مثل هذا (السيناريو) تأخذ أسعار النفط في الارتفاع، ويصل سعر البرميل الواحد إلى 320 دولارًا، ثم ما يلبث أن يقوم تحالف دولي مكون من: الاتحاد الأوروبي، والولايات المتحدة، والصين، ويقرر إرسال قوات عسكرية لتثبيت قواعد الحكم في النظام السعودي، والمحافظة على مواصلة ضخ النفط، وأخذ الوعود الكاملة من الدول المصدرة للنفط بمواصلة تصديره.

وبصورة اضطرارية، يطلب هذا التحالف الدولي من الاحتلال مساعدة لوجستية "سرية"، والطلب منه أن يكون على أهبة الاستعداد لأي مساعدة إضافية، وهو ما يعد تطورًا متفائلًا بنجاح التحالف الدولي الناشئ في السيطرة الأمنية المحكمة على إيران، وتقييد حركتها، بمساعدة من بعض الدول الغربية والعربية، بجانب التطور المتشائم المتمثل بتنامي ظاهرة "التحالف الغربي المهاجم للدول العربية"، ما ينتج عنه حدوث سلسلة من الأعمال المعادية للكيان العبري في عدد من الدول العربية والإسلامية.

بالانتقال إلى العراق، يتوقع الاحتلال أن جزءًا من دولة العراق ينحو منحى التطرف، ويؤسس "ميليشيات" مسلحة قوية، ويعقد اتفاقيات مع إيران وسوريا؛ لإقامة ما يعرف بـ"الدرع الواقي"، ودول أخرى تنضم إلى هذا الحلف، وتسري أحاديث عن إلغاء الاتفاقيات مع الكيان العبري.

في مثل هذه الحالة تظهر إمكانية لحدوث فرصة تاريخية نادرة لتقدم التنسيق الأمني الإسرائيلي مع الدول العربية "المعتدلة" التي تبدي تخوفها الحقيقي من هذه الهجمات، ويظهر الدعم الدولي غير المحدود لتنفيذ ضربة عسكرية "استباقية"، بمشاركة دول أخرى بجانبها، مع قلق من بروز مخاوف جدية وحقيقية من مغبة نشوب حرب قاسية توقع ضحايا كثر في صفوف الإسرائيليين.

ولذلك يرى الاحتلال أنه لابد من التقدم جديًّا في الوصول لاتفاق "سلام شرق أوسطي" شامل، يتخلله تحسين العلاقات بين الكيان العبري والدول العربية الإسلامية، وتقوية التعاون والعلاقات مع الدول العربية "المعتدلة"، بإشراف أجهزة أمنية غربية، وإظهار الصورة القوية لـ"الردع الإسرائيلي"، بما في ذلك إمكانية استخدام أسلحة الدمار الشامل، إذا ظهر أن هناك خطرًا جديًّا على الكيان العبري، ما جعله يشير للأعداء إلى أن بوسعه اللجوء إلى خيار "الضربة الثانية"، التي قد تفضي إلى القضاء نهائيًّا على الدول التي تفكر باستهدافه من خلال أسلحة الدمار الشامل.