ماذا وراء استقالة
الحمد الله؟!
بقلم: يوسف رزقة
قدمت حكومة رامي الحمد الله
المعروفة عرفا بحكومة التوافق استقالتها لرئيس السلطة بناء الى طلبه. رئيس السلطة كلف
الحمد الله نفسه بتشكيل حكومة جديدة، وإجراء مفاوضات تشاورية مع الفصائل في غضون خمسة
أسابيع.
حماس الشريك الأساس في إنشاء
حكومة التوافق المستقيلة رفضت ما جرى، ووصفته بالقرار الأحادي يتفرد به رئيس السلطة
بعيدا عن مقتضيات اتفاق الشاطئ ، ووصفت الخطوة بالانقلاب، رغم أن حكومة ما يسمى بالتوافق
كانت فاشلة ولا تقوم بواجباتها نحو غزة، إذ يبدو أن رفض حماس لا يقوم على قاعد التمسك
بحكومة فشلت في أداء واجباتها الأساسية، ولكنه رفض لمنهج الاستبداد والتفرد الذي قام
به عباس خلافا للتوافق الذي أسس لحكومة الحمد الله والتي من المفترض أن ينتهي عملها
بإجراء انتخابات حرة ونزيهة.
القراءة الموضوعية تنصف
حماس وتخطئ عباس، ولكن ما قيمة هذه القراءة وعباس لم يبد يوما توافقا، أو شراكة مع
حماس، وهو أصلا كان قد تفرد بتشكيل حكومة التوافق بنسبة ٩٠٪ من حيث عدد وزرائها ، وتحديد
سياستها، وإلغاء وزارة الأسرى رغم رفض حماس؟! لذا فإن ما يجري في هذا الموضوع هو سياسة
فرض الأمر الواقع، وعلى حماس وبقية الفصائل اللحاق بعباس وقراره. ومن يرفض فيمكنه تشغيل
ألسنة النقد والاستنكار.
لست أدري لماذا اختار عباس
هذا التوقيت، مع أن فكرة تعديل الحكومة، أو استقالتها كانت مطروحة منذ أشهر، وتم تأجيلها
حتى وصلنا إلى اللحظة المناسبة بتقدير عباس، فهل جاءت الاستقالة لإخراج وزراء وإدخال
آخرين؟! أم جاءت لإعلان فك الشراكة الشكلية مع حماس فيما عرف ظلما بحكومة التوافق؟!
وهل فك الشراكة هذه جاء كرسالة إلى نيتنياهو، أم لأمر داخلي عند عباس كرد فعل على حماس
وفكرة التهدئة؟! أم هل هذا هو التوقيت المناسب لخلط الأوراق الداخلية وإحداث بلبلة
يقوم عباس بعلاجها بحسب رؤيته؟! أم جاءت ردا على المعلومات التي تتحدث عن دولة عربية
تدرس خيارات ما بعد عباس، حيث ينحاز بعضهم لخصمه اللدود محمد دحلان؟!
إن سؤال السبب والتوقيت
مربك ومحير جدا، كما ذكرت آنفا، والأمر أكثر إرباكا من ذلك، ولكن لا يدخل ضمن الأسباب
رغبة عباس بإنشاء حكومة وحدة وطنية قادرة على معالجة قضايا غزة بعد أن فشلت حكومة التوافق
في علاجها، هذا الأمر مستبعد، ويبدو ضربا من الخيال المريض. هذا من ناحية، ومن ناحية
أخرى إن عباس يعيش أسوأ مراحل قيادته للسلطة ولفتح، وربما شعر أخيرا بإهمال له من جانب
إسرائيل، وأميركا، والوفود الأوربية، وبعض قيادات الدول العربية، حيث يبدو أن نجمه
عندهم أخذ في الأفول، فقرر إعادة دخول الميدان كلاعب من خلال استقالة الحكومة، وتشكيل
حكومة أخرى، في حراك منه للعودة للمفاوضات، ولتهيئة الأجواء للتعامل مع المقترح الفرنسي
الذي يطبخ شراكة معه ومع آخرين في الغرف المغلقة، وهو مقترح يبدو بسقف أدنى من مقترح
وزير الخارجية الأميركي.
إن الإجابة الراجحة على
سؤال( السبب، والهدف، والتوقيت) ، تحتاج إلى صبر لأيام قليلة ، لأن الأعمال هي من التي
تتكفل بكشف الحقيقة، ووضع النقاط على الحروف، والإجابة عن الأسئلة المثارة.
المصدر: فلسطين أون لاين