مجزرة صبرا وشاتيلا .. لاجئون فلسطينيون
ينتظرون "العدالَة المُغيبة"
بقلم: حمزة تكين
لم تتمكن السنوات الأربع والثلاثون التي
مضت عليها من انتزاع إصرار اللاجئين الفلسطينيين في لبنان على التمسك بذكرى مجزرة
"صبرا وشاتيلا" التي راح ضحيتها نحو 3 آلاف من سكان مخيم في بيروت يحمل اسم
المجزرة، على أيدي مسلحين من أحزاب لبنانية وعناصر من الجيش الإسرائيلي إبان اجتياحه
لبنان عام 1982.
اللاجئون الفلسطينيون بمخيم "صبرا
وشاتيلا" في بيروت، الذي يفتقر إلى أدنى مقومات الحياة الكريمة، مازالوا متمسكين
بإحياء ذكرى هذه المجزرة، مع التأكيد على أن مطلبهم الأساسي هو محاكمة مرتكبيها
"مهما طال الزمن"، فهي حادثة مؤلمة تمثل بالنسبة لهم حلقة من حلقات آلام
ومآسي الشعب الفلسطيني، منذ أن هُجّر من وطنه على أيدي العصابات الصهيونية المسلحة
عام 1948.
محمد الديماس، الذي كان يبلغ من العمر
16 عاما وقت حصول المجزرة، لم ينس ما رآه بعينيه من جثث ودمار في المخيم بعد أن انسحب
مرتكبو الجريمة، وتجاعيد وجهه تكاد تنطق بآلام يعيشها منذ ذاك اليوم، يعجز اللسان عن
التعبير عنها.
الديماسي، الذي تحدث في مخيم "صبرا
وشاتيلا"، قال: "كنت شاهد عيان على المجزرة التي ارتكبها الصهاينة بحق الشعبين
اللبناني والفلسطيني"، مضيفا: "أتينا إلى هنا بعد انسحاب الجيش الإسرائيلي
ورأينا الجثث التي عمدوا إلى تفخيخها أيضا لإيقاع المزيد من القتلى".
وتابع: "نحن لن ننسى هذه الذكرى، التي
هي جزء من آلام الشعب الفلسطيني"، مستغربا "عدم محاكمة الاحتلال الإسرائيلي
على تلك المجزرة"، ومضيفا: "في المقابل أي فلسطيني يقوم بعملية ضد الاحتلال
في فلسطين تهب الدنيا كلها ضده".
وأضاف الديماسي، الذي لم يعد يريد إلا أن
يمضي ما تبقى من حياته بكرامة: "أوضاعنا في المخيم هنا صعبة جدا ومأساوية.. نعاني
من الكثير من المشاكل دون إيجاد أي حلول لها، ودون أي بريق أمل".
أما أم بلال عدلوني، التي تمتلك محلا تجاريا
صغيرا في أزقة المخيم المحاصرة بأسلاك الكهرباء وخراطيم المياه، فقالت: "رغم الأوضاع
المأساوية التي نعيشها في المخيم، إلا أننا لم ننس قضية مجزرة صبرا وشاتيلا"،
مشيرة إلى أن "الأهالي ينظمون زيارات دورية لمقبرة الشهداء".
وأضافت عدلوني: "لن ننسى المجزرة ومن
ارتكبها، فهي ذكرى مؤلمة ستعيش معنا إلى أبد الآبدين، وسنبقى متمسكين بها وبعدالة القضية"..
وحول مطلب محاكمة من ارتكب المجزرة، قالت عدلوني: "لو كانوا يريدون محاكمتهم لحاكموهم
منذ زمن طويل، ولكن أملنا في الله لن ينقطع حتى تعود الحقوق إلى أهلها".
وعن الأوضاع في المخيم قالت المتحدثة ذاتها:
"إنها سيئة جدا، من الناحية الاقتصادية والمعيشية والبيئية والصحية والبنى التحتية"،
متمنية أن "يتغير الحال في وقت قريب، رغم صعوبة تحقيق هذا الحلم".
من جانبه، شدد فادي عبد الهادي (38 عاما)،
أحد أبناء مخيم "صبرا وشاتيلا"، والذي يعمل يوما ويعيش مأساة البطالة أياما
أخرى، إلى أن "مآسي مجزرة صبرا وشاتيلا لم تمح من ذاكرة الفلسطينيين هنا، ولن
تمحى أبدا رغم مرور كل تلك السنوات"، مضيفا بالقول: "في كل جلساتنا وسهراتنا
نتحدث عن المجزرة وما حصل فيها من فظائع"، مشددا على "التمسك بمطلب محاكمة
الجناة"، وأضاف: "لن نسامحهم مهما طال الزمن".
أما وسام شاكر (40 عاما) وهو صاحب مقهى
صغير في مخيم صبرا وشاتيلا، فيختلف مع الديماسي وعدلوني وعبد الهاي، ويرى أن
"الناس بدأت تنسى هذه الذكرى"، متهما "الفصائل الفلسطينية بتحويلها
كل عام إلى شماعة تتم المتاجرة بها".
وقال شاكر: "يجب أن تتم محاكمتنا قبل
أن نطالب بمحاكمة من ارتكب هذه المجزرة، فلدينا ما هو غير صحيح، وإلا لما وصلنا إلى
وقوع المجزرة أصلا قبل 34 عاما، ولما وصلنا إلى واقعنا المؤسف والمتردي الذي نعيشه
اليوم في المخيمات".
وكانت عناصر حزبية مسيحية لبنانية موالية
لإسرائيل اقتحمت مخيم "صبرا وشاتيلا" للاجئين الفلسطينيين في 16 شتنبر عام
1982، وشرعت على مدى 3 أيام متتالية بمعاونة من الجيش الإسرائيلي الذي كان يحتل قسما
كبيرا من لبنان، في استهداف عدد كبير من سكان المخيم، مستخدمة أسلحة بيضاء، ما أدى
إلى مقتل حوالي 3 آلاف شخص من أصل 20 ألفا كانوا متواجدين في المخيم.
وتمكنت المنظمات الدولية والفصائل الفلسطينية
من إحصاء أسماء 3 آلاف قتيل جراء المجزرة، بينما تقدر وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين
عدد اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، المسجلين لديها، بحوالي 460 ألفا منتشرين على
12 مخيما في مختلف المناطق اللبنانية التي بدؤوا بالوصول إليها منذ العام 1948.
* وكالة أنباء الأناضول