مجزرة صبرا وشاتيلا: لم يتم توثيق كل شيئ
علي هويدي
بدأت مجزرة صبرا وشاتيلا ظهر يوم 15/9/1982، حين اقتحمت
وحدات الاستطلاع من جيش الاحتلال الصهيوني المخيم لتقتل 63 مدنياً فلسطينياً
ولتنسحب تلك الوحدات وتسلم مهام استكمال ارتكاب المجزرة لأدوات الإحتلال من بعض
الجهات اللبنانية، ليقتحم المخيم 350 عنصراً في 16/9/82 ليرتكبوا وعلى مدار 43
ساعة واحدة من أبشع المجازر في القرن العشرين بحق النساء والأطفال والشيوخ من
المدنيين العزل، ليسقط في المجزرة بين أربعة آلاف وأربعة آلاف وخمسماية شهيد من 12
جنسية، حسب شهادة الكاتب الأمريكي رالف شونمان أمام لجنة أوسلو في تشرين اول 1982،
العدد الأكبر للشهداء من اللاجئين الفلسطينيين، يليه شهداء من اللبنانيين
والسوريين والمصريين والإيرانيين والباكستانيين والبنغلاديشيين والأردنيين
والأتراك والسودانيين ومكتومي القيد وشهيدة جزائرية هي أمال عبد القادر يحياوي (25
سنة) والشهيد التونسي، صالح ولقبه أبو رقيبة (65 سنة)، وشهيد تنزاني هو عثمان
ولقبه عثمان السوداني (25 سنة)، وهناك 484 من الضحايا لا يزالون بحكم المخطوف
والمفقود ولم يعد أي منهم حتى الآن حسب المؤرخة الفلسطينية الدكتورة بيان نويهض
الحوت في كتابها "صبرا وشاتيلا أيلول 1982" .
أما عن المسؤول عن ارتكاب المجزرة، يعتقد المفكر والكاتب
الأمريكي نعوم تشومسكي بأن الإدارة الأمريكية هي من تتحمل المسؤولية لأنها أعطت
الضوء الأخضر للكيان الصهيوني باجتياح لبنان في العام 1982، لا بل يعتقد تشومسكي
بأن الولايات المتحدة "غدرت" بالحكومة اللبنانية والفلسطينيين حين أعطت
الطرفين ضمانات بسلامة الفلسطينيين بعد مغادرة الفدائيين بيروت، إلا أن القوات
الأمريكية انسحبت قبل أسبوعين من انتهاء فترة تفويضها الأصلية بعد الإشراف على
مغادرة مقاتلي منظمة التحرير، قبل أن توفر الحماية للسكان المدنيين.. فوقعت المجزرة،
ورفضت أمريكا قرار الهيئة العامة للأمم المتحدة باستنكار المذبحة. ويعتقد تشومسكي
بأن "القتلة من بعض الجهات اللبنانية لم يكونوا مدعومين من إسرائيل فحسب بل
كانوا أيضاً معروفين معرفة تامة من قبل المخابرات الأميركية والإسرائيلية".
نعتقد بأن الصورة المروعة لارتكاب المجزرة لم تكتمل بعد،
ولن تكتمل إلا حين يستيقظ ضمائر بعض الذين قاموا بارتكاب المجزرة أكانوا من القوات
الصهيونية الغازية أو من قبل بعض الجهات اللبنانية، فيكتب هؤلاء ما شاهدوه وما
ارتكبوه حقاً، فلم يتم توثيق كل شيئ بعد. أما عن إعادة الإعتبار للضحايا وللناجين
من المجزرة فلا يكون إلا من خلال طريقة واحدة فقط، محاكمة المسؤولين عن ارتكاب
المجزرة وعلى كافة الصعد تحت سقف محكمة عادلة تنطق بالحق، كي لا يفلت مرتكبو
المجزرة من العقاب وليعلموا أن الجرائم ضد الإنسانية لا تسقط بتقادم الزمن.