محطات
الحوار المتبادل بين حماس وأوروبا
بقلم:
عبد الرحمن صالحة
تراكم
مجموعة من التطورات المتلاحقة أدى إلى تطور علاقات حماس الإقليمية والدولية، وقد
أثرت تلك المتغيرات والتطورات في واقع وموقع حركة حماس، إضافة إلى ذلك يمكننا أن
نشير إلى أن وصول حماس للحكم ساعد الحركة بلفت أنظار الجميع إليها، ما أدى في أغلب
الأوقات إلى فتح قنوات اتصال وحوار، وإشارات متبادلة بين حماس وبعض الدول
الأوربية.
وكان في
مقدمة هذه الدول فرنسا التي تعد أول محطة من محطات الحوار؛ ففي 26 مايو 2008م جرى
الحديث عن حوار بين فرنسا وحماس، وأعلن حينها وزير الخارجية الفرنسي كوشنير إجراء
حوار مع حماس لاستكشاف مواقف الحركة تجاه القضايا السياسية المختلفة، خاصة إقامة
دولة فلسطينية في حدود عام 1967م، وقد أقر وزير الخارجية الفرنسي بوجود اتصالات بين
بلاده وحركة حماس، وقال الوزير: "إن فرنسا ليست الوحيدة التي تفعل ذلك"،
ما يعني أن الأمر لم يكن متوقفًا عند فرنسا فقط، بل هناك دول أوروبية أخرى فتحت
قنوات اتصال بينها وبين حماس.
من جانب
آخر يؤكد خالد مشعل خلال تصريحات كثيرة له لأكثر من وسيلة إعلامية وجود جسور حوار
وعلاقات متبادلة بين حماس والأطراف الإقليمية والدولية، ووصف علاقات حماس
الإقليمية بأنها "تنطلق في جوهرها من أسس ثابتة، ولكنها في أشكالها
ومقارباتها لاشك أنها متغيرة"، وعند التبدل والتغير يضيف مشعل: "في سياق
التباينات في الساحة العربية والإسلامية، نعم تتبدل العلاقات، ولكن هذا التبدل
سببه الآخرون، بمعنى أن بعضًا يغير سياسته تجاهنا؛ بسبب تغير ظروفهم فيما يتعلق
بطريقة تعاطيهم معنا، أو بسبب ظروف قهرية قسرية".
ومن
مؤشرات وجود آفاق للحوار بين حماس والدول الأوربية حوار إسماعيل هنية خلال توليه
رئاسة الحكومة في أكتوبر من عام 2009م مع جون دانيال روخ الممثل الخاص لسويسرا في
الشرق الأوسط، إذ بحث علاقة حماس بالدول الأوروبية، واجتمع معه في مقر رئاسة مجلس
الوزراء بغزة.
هذه
المؤشرات والمحطات التي عرضنا، إضافة إلى المؤشرات التي لم تفصح عنها حركة حماس
وتدار خلف الكواليس _وهذا ضروري؛ فلكل حزب علاقاته مع شخصيات ودول ومؤسسات، جزء
منها معروف، والآخر كامن وعميق_ تدل على حرص حماس على الاتصال بالدول الأوروبية
وغيرها.
وفي
المقابل نلحظ حرص هذه الدول على إجراء اتصال بالحركة، وما يدل على ذلك ما أفصح عنه
وكيل وزارة الخارجية غازي حمد في تصريحات صحفية منسوبة له، أنه التقى مسؤولين في
عدة دول أوروبية من شخصيات رسمية وأحزاب سياسية ومستويات قريبة من صناع القرار
بأوروبا، مشيرًا إلى أن اللقاءات كانت مع شخصيات من تسع دول أوروبية (رفض حمد
تسميتها)، لكنه قال: "إن بعض هذه اللقاءات حدثت في أوروبا، وبعضها حدث في
القاهرة"، وما يؤكد قطعًا وجود قنوات اتصال فعالة وإيجابية بين الجانبين
(حماس وأوروبا) ما صرح به خالد مشعل لصحيفة الشرق الأوسط في 12 مايو 2011م إذ قال:
"إن علاقة حركة حماس بأوروبا إيجابية، ولم نحسم موقفنا من واشنطن بعد".
في ختام
المقال نستطيع القول: إن حماس منذ تأسيسها قد مرت بمحطات أسهمت في نضج الحركة
وتقدم واقعها وموقعها في الأصعدة كافة إقليميًّاً ودوليّاً، واستطاعت أن تحدد
خيارتها وبوصلتها بمرونة في الفكر والممارسة دون الانزلاق إلى أحداث تؤدي بها إلى
تغيير الخطاب والمبادئ والأفكار والأهداف.
المصدر: فلسطين
أون لاين