القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي

محمد الدرة ومحمد الأونروا!! - خيري منصور

محمد الدرة ومحمد الأونروا!!

خيري منصور
لاجئ نت - وكالات

ذات حساب قومي سوف تعقد مقارنة تاريخية بين مصير المحمدين، محمد الدرة الذي تحول جسده الصغير إلى غربال تدفق من ثقوبه الدم برصاص الاحتلال الصهيوني ومحمد الأونروا الذي لفظ آخر أنفاسه على باب مستشفى في بيروت لأن الأونروا رفضت تغطية نفقات علاجه..

محمد الدرة، استشهد بشكل ساطع الوضوح، أما توأمه الذي تعسرت ولادته معه فانتظر عشرة أعوام فقد استشهد أيضا، لكن ليس برصاص الاحتلال أو أي رصاص آخر، بل باللامبالاة التي تعاملت بها الأونروا والنكث بقسم أبوقراط، لأن من يؤتى به إلى أي مستشفى في العالم وهو في حالة احتضار يعالج أولا، ثم يفتح ملف الحسابات سواء تعلق بالأمم المتحدة أو الأمم التي بعثرتها قنبلة اشد فتكا من القنبلة النووية وهي قنبلة الصراعات الاثنية والفئوية وخصومات ذوي القربى.

يعيشون بجنسيات مختلفة، وهويات مستعارة لكنهم يموتون، بل يستشهدون فلسطين فقط لأن ما انتهى إليه المحمدان التوأمان من موت فاضح لعصر برمته هو عينة قد لا تكون نموذجية بقدر ما هي عشوائية للطفولة العربية المغدورة، وبالتالي للمستقبل الجريح الذي لم يسلم هو الآخر من أنياب الاحتلال ببعديه السياسي والعسكري،

لقد استقالت الأونروا وربما تقاعدت لا نعرف عن دورها الذي وصف ذات يوم بأنه إنساني واعتذاري وأخلاقي، وحدث هذا التقاعد قبل الوصول إلى حد أدنى من الحل لقضية اللاجئين، هذه القضية المحورية والعمود الفقري للقضية الفلسطينية التي تتعرض الآن للتهميش وأحيانا للمساومة، ولا ندري ما الذي سوف يقوله محمد الأونروا لمحمد الدرة عندما يلتقيان تحت جذور زيتونة أو صفصافة أو شجرة أرز، هل يعاتب أحدهما الآخر؟ أم يتعانقان ثم يروي كل منهما حكايته مع رصاص الاحتلال أو برود الأونروا ولا مبالاتها،

قد يكون مثل هذا الخيال اقرب إلى الميتافيزيقا وعالم الغيب. لكن العالم الواقعي الذي نموته أكثر مما نحياه يتيح للارامل والثكالى فقط أن يلتقوا، ليحصي منهم خساراته في زمن الربح المحرم ودية الدم التي يسطو عليها سراً من أنابوا أنفسهم عن الشهداء والشهود،

وإذا كان مصرع الطفل محمد الدرة الذي تحول إلى أيقونة وحملت عدة شوارع في العالم اسمه فضيحة الاحتلال وما يحرسه من أوراق الفيتو، فان مصرع محمد الآخر في منفاه هو فضيحة العصر كله.. بأطبائه الذين أقسموا لابو قراط بالوفاء لمهنتهم وبساسته الذين يتعاملون مع الدم بالحواسيب وبجنرالاته الذين ترصع صدورهم أوسمة هي في حقيقتها من عظام الأطفال وجماجم الشهداء والمغدورين،

لماذا قرر العالم أن يطفئ أضواء هذا المسرح المسمى الأونروا قبل انصراف المشاهدين وقبل الوصول إلى الفصل الختامي من دراما القرن العشرين وما سوف يعقبه من قرون؟

هل فرغت الأمم المتحدة من مهمتها في إعادة الحقوق إلى اللاجئين وإعادتهم إلى بلادهم بحيث تعطي للأونروا إجازة مفتوحة، ومدفوعة الأجر؟

ما أكثر الأسئلة وما أقل الإجابات في عصر لا يكف أهله عن الثرثرة صباح مساء عن الديمقراطية وحقوق البشر، لكنهم لا يكفون عن انتهاك كل ما يثرثرون حوله ويعظون الناس به..

لقد قالها شاعر هو جد المحمدين معا الدرة، والأونروا..

عار عليك إذا فعلت عظيم...،،