القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي

"مخيم اليرموك".. مأساة شعبين في سوريا

"مخيم اليرموك".. مأساة شعبين في سوريا

عبد الرحيم ضرار

الوضع المتشظي في أنحاء سوريا تعدى مرحلة الخلافات السياسية والحرب الطاحنة بين ظالم ومظلوم ، أو بين طاغية وشعب مغلوب على أمره، ليبلغ مداه حالة من التردي في الأوضاع الإنسانية طالت كل مكونات الشعب السوري المجيد فأضحى حاله بين جريح و لاجئ ونازح وطريد وجائع وشهيد.

وهذه المرة تطل حالة البؤس برأسها من مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينين في سوريا، "يقع بالقرب من العاصمة دمشق"، والذي أصبح بفعل الحرب الشعواء التي تشنها الحكومة السورية على كافة مدن وقرى وريف سوريا بلا إستثناء، أصبح كذلك ملاذاً لعدد كبير من السوريين الذين يعيشون مع أشقائهم الفلسطينيين فيه تحت وطأة الجوع والموت بعد أن ضربت قوات الأسد حصاراً محكماً عليه لمنع وصول المساعدات الإنسانية لإغاثة سكانه، حيث منعت دخول الغذاء والماء والدواء والوقود ووقود التدفئة والغاز وقطعت عنه كذلك الكهرباء، ليصبح المخيم بعد ذلك مرتعاً للجراثيم والأوبئة والأمراض القاتلة التي تلتهم سكانه يوما بعد يوم، ليتحول المخيم إلى تراجيديا حزينة تروي مأساة شعبين.

بجانب الحالات المأساوية التي يعيشها الشعب السوري بصورة عامة وسكان المخيم بصورة خاصة، تغطي أفق الإنسانية مأساة أطفال هذا المخيم الذين يعيشون أوضاعاً لا تسُر، الأطفال في مخيم اليرموك يأكلهم الجوع ويلتهم أعضاءهم وينهش أجسادهم، وتستفرد بهم الأمراض والأوبئة ليصبحوا بذلك عرضة للموت، وآلة القتل والحصار تدور عجلاتها على أجساد البشر لاتفرق بين كبير وشاب وصغير وطفل أو بين رجل وإمرأة، كل هذه المشاهد التراجيدية الحزينة يشاهدها العالم بصمت مؤلم، لتؤكد الأكذوبة الكبرى التي يتمشدق بها المجتمع الدولي "البحث عن إرساء قواعد الديموقراطية والحرية والكرامة للإنسان" ...

إستمرار الحصار الذي فرضته حكومة النظام السوري على المخيم أدى إلى نفاد كل المواد الغذائية والدوائية، وإنقطعت عن المخيم كل أسباب الحياة الإنسانية، وسدت في وجه سكانه كل الأبواب الإنسانية لم يجدوا حلاً لمحاربة الجوع سوى أن يقتاتوا على الأعشاب التي تنمو في البيوت والشوارع وأصبحوا يأكلون أوراق الشجر، واذا أصابهم المرض يقفون مكتوفي الأيدي أمامه وينتظرون الموت في ظل إنعدام الدواء وأسباب العلاج...

مأساة سوريا و"مخيم اليرموك" تعتبر وصمة عار في جبين المجتمع الدولي وكل دعاة الإنسانية في ظل صمتهم المؤلم حيال إيجاد الحلول إن لم يكن على المستوى السياسي فعلى المستوى الإنساني.. وجراء هذا الموقف العالمي السلبي سيظل "مخيم اليرموك" ينزف وينزف إلى أن تتحقق أمنيات السلام وتتنزل على سوريا نعمة الأمن والأمان وتعود الإنسانية إلى أرض الشام .. أرض التاريخ والحضارات الأصيلة ومهد البطولات والأمجاد.