مخيم برج البراجنة.. في ركب الربيع العربي
بقلم: هبه الجنداوي
لم يعد يخفى على أحد من أفراد الشعب الفلسطيني في
لبنان، أنّ إرهاصات الربيع العربي في مخيم برج البراجنة- ذلك المخيم الذي نقشت سنين
الدهر مآسيها عليه- قد بدأت تظهر بعد أن أدرك الشباب أنهم إن لم يتحركوا ولم يرفعوا
أصواتهم في وجه الفساد و المفسدين والمحسوبيات فإنّ القطار سيفوتهم، خاصّةً وأنّ الربيع
العربي قد أينع في كل زاوية من زوايا الوطن العربي.
فلم يخف عن أولئك الشباب أنّ الثورة في مخيمات اللجوء
قد تكون سبيلاً للعيش بكرامة و أمن و أمان، سائرين في درب الثورات التي أسقطت كراسٍ
ظلت مسمّرة لعشرات السنين في بلادٍ تفتقرالى العيش الكريم
.
هو إذاً ربيع من داخل مخيمات اللجوء هذه المرة،
هل سيزهر هذا الربيع، أم أنّه مجرّد أصوات نادت ثمّ ذهبت في مهبّ الريح؟؟
هم مجموعة من شباب المخيم التقوا عبر مواقع التواصل
الاجتماعي "فيسبوك"، الذي كان سيّد الثورات العربية، ليعملوا معاً على حفظ
أمن المخيم من شبيحة المخدرات، والسرقات المتكررة، والاعتداءات.. رفعوا أصواتهم رافضين
التستّر على الجرائم التي تحصل في المخيم، بدعوى أنّ فلان قريب ذاك المسؤول، والآخر
لا نستطيع الوصول إليه و التحقيق معه لأنّ "وراه ظهر"!!
هل يستطيع أحد إسكات أصواتهم المطالبة بإلغاء المحسوبيات؟
حقيقةً، لقد سقطت أنظمة بأكملها بصرخة شباب واعٍ أدرك أنّ الحق للجميع و أنّ البلد
لا يمكن أن يُقاد منفرداً.
إن تاريخ المخيم يثبت منذ الأيام الأولى لنشأته
أنه لا يمكن أن يُقاد منفرداً، ولا مستبعداً لأية جهة، أو محتكراً من أية جهة. وبطبيعة
الحال لا يُمكن أن يسير من تلقاء نفسه دون قيادة "موحدة"، ولا يمكن أن يسير
على هوى البعض لأن له الكلمة الأولى و الأخيرة!
إنّ الشباب لم يعد يرضى بتزوير الحقيقة والتغاضي
عن الحق و التكتم على الخطأ، والانقسام الغير مرغوب فيه في إدارة الشؤون العامة. إنّ
هذه الحراك الشبابي الذي انبثق من مخيم برج البراجنة والذي اتصف بالتنوّع السياسي دعا
الى تجاوز التمايز السياسي، و توجيه جميع الجهود للقيام بمشاريع تخدم المصلحة العامة
للمخيم، وتجاوز المحسوبيات التي من شأنها أن تهدم أمن واستقرار المخيم عكس ما يظن البعض.
وهناك مثال حي على هذا الحراك الشبابي وهو تجمع "المصلحة العامة”، الذي يضم في طياته
شباباً من مشارب وأحزاب مختلفة، إضافة إلى مستقلين، والكل يشارك برأيه، في جوّ من الحوار
البنّاء لخدمة المخيم و أهله.
لقد بدأت براعم الربيع تتفتح في مخيم برج البراجنة
للسير به في ركب الثورات الإصلاحية، فهل سيكتمل تفتّح هذه الزّهور باعثةً في المخيم
أجواء المودة والاستقرار؟ والأمر الذي يثير التساؤل هنا هو أنّه هل ستسير مخيمات اللجوء
الأخرى، من عين الحلوة الى الرشيدية و مار الياس والبداوي ، في هذا الرّكب الإصلاحي؟
المصدر: رابطة الإعلاميين الفلسطينيين،
27-4-2013