مخيم بلاطة ومخيم اليرموك
بقلم: د.فايز أبو شمالة
أهون على النفس سماع دوي القصف على مخيم اليرموك في سوريا من سماع وقع أقدام الجنود الصهاينة، وهم يقتحمون مخيم بلاطة قرب نابلس، ويعتقلون أربعة شباب فلسطينيين، فالذي يجري على أرض سوريا، وطال مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين بالتدمير والتهجير، صراع عنيف بين طرفين سوريين يسعيان إلى التوسع الجغرافي فوق الأرض، وبسط النفوذ على المكان الذي يتواجد فيه مخيم اليرموك، ولكن العدوان الصهيوني الذي يجري على أرض مخيم بلاطة في الضفة الغربية مختلف، لأن السلطة الفلسطينية القائمة على حياة الناس في مخيم بلاطة، وتسيطر على شئون حياتهم تعترف بـ(إسرائيل)، وتعترف بحق اليهود بالحياة فوق أرضهم ـ كما يقول السيد عباس، ولأن السلطة الفلسطينية هي الجهة التي أعطتها اتفاقية أوسلو السيادة الكاملة على منطقة "ا" التي تضم مخيم بلاطة، وقرية برقة قرب نابلس، وبيت فجار قرب بيت لحم، وغيرها من المدن والقرى التي تداهمها القوات الصهيونية، وتعتقل الشباب الفلسطيني بلا أدنى اعتراض من السلطة؛ صاحبة الولاية الدولية والقانونية والشرعية على الضفة الغربية.
إن اقتحام القوات الصهيونية لبيوت المواطنين الفلسطينيين الذين يحملون جواز سفر فلسطيني صادر عن السلطة الفلسطينية ليمثل انتهاكاً صريحاً لسيادة دولة فلسطين التي رقصنا لها قبل أيام في الشوارع، وإن اعتقال الجريح الفلسطيني من قرية "بيت ريما" بالقرب من رام الله لهو أرقى درجات الاحتقار لقوات الأمن الفلسطينية، ولهو أحط أشكال التفاهم بين الأجهزة الأمنية الإسرائيلية وبين جهاز المخابرات وجهاز الأمن الوقائي وجهاز الشرطة، وحرس الرئاسة الفلسطينية، والأمن العام وكل العاملين في هذا المجال، إذًا كيف يتم اقتحام منطقة السيادة الفلسطينية الكاملة تحت سمع وبصر ودراية ومعرفة السلطة الفلسطينية؟ كيف يتم اقتحام بيوت الفلسطينيين دون أن تلعلع رشاشات السلطة وأسلحتها في الدفاع عن النفس، فالفلسطيني الذي داهم اليهود بيته، وتم اعتقاله، هو النفس الفلسطينية التي تمثل نفوس كل الفلسطينيين.
على قيادة السلطة الفلسطينية في رام الله أن تراجع حساباتها مع الإسرائيليين، وأن تتحمل مسئوليتها الأمنية كاملة تجاه المواطنين الواقعين تحت سيادتها، وأن يعلو صوتها بالشكوى حتى مقر الأمم المتحدة ـ وهو أضعف الإيمان، أو حتى محكمة الجنايات الدولية، كما بشرنا بذلك القادة الذين هللوا لاعتراف الأمم المتحدة بدولة فلسطينية لها صفة مراقب.
على قيادة السلطة الفلسطينية أن تقف موقف عز وكرامة في زمن المقاومة والانتصار، وأن تصدر تعليماتها لكافة أجهزة الأمن الفلسطينية بالتصدي للقوات الصهيونية، وهذا هو أبسط اختبار لتحديد مستوى الانتماء للوطن فلسطين.