مخيم عين الحلوة..
والإعلام المسموم
محمد ابو ليلى *
لا شك أن مخيم
عين الحلوة يشكل عنواناً سياسياً نضالياً في لبنان، والبعيد كما القريب يعي تماماً
أن لهذا المخيم أهمية للوجود الفلسطيني فيه، كونه أكبر المخيمات الفلسطينية وأكثرها
اكتظاظاً ويشكل حالة سياسية فرضت نفسها بالدفاع عن القضية الفلسطينية بأكثر من حدث
وموقف.
فالعنوان السياسي،
والدفاع عن الوجود الفلسطيني في لبنان، واعتباره القوة التي يتمتع بها اللاجئ الفلسطيني
تنطلق من عاصمته، كانت كفيلة بزعزعة استقراره والضغط على أهله والعمل على إنهاء وجوده.
واليوم وبعد مرور
أكثر من سبعون عاماً على نكبة فلسطين، المطلوب أمريكياً وإسرائيلياً إنهاء أحد أهم
أركان القضية الفلسطينية والمتمثلة بحق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ارضهم. فإذا
كان كذلك، فإن الأحداث الأمنية التي مرّ ويمر بها المخيم وعلى مدار أعوام لم تكن بريئة
وكانت تاتي في سياق إنهاء هذا المخيم وتهجير أهله، وبالتالي الوصول إلى النتيجة الحتمية
بأن الوجود الفلسطيني في لبنان لم تعد تقوم له قائمة.
وعلينا اليوم أيضاً
أن ندرك بأن "إسرائيل" الحاضرة الغائبة عن المشهد هي المستفيد الأول من تفجير
الوضع في المخيمات الفلسطينية وضرب السلم الأهلي فيه، لأن المصلحة الإسرائيلية تقتضي
بضرب هذا الركن (حق العودة) إنهائه إلى الابد.
العجيب الغريب،
أن الجميع يدرك حقيقة تلك المؤامرة، التي حلت على شعبنا وقضيتنا، والكل يدرك أن مخيم
عين الحلوة اليوم مستهدف، والشتات الفلسطيني مستهدف، وحق العودة مستهدف، ومع ذلك نخوض
ونجول لتأجيج نار الفتنة عبر الوسائل المختلفة خاصة تلك التي عبر مواقع التواصل الاجتماعي
والمجموعات الاخبارية المزيفة، وبالتالي خدمة تلك الأجندة اللعينة التي يراد منها تخريب
المخيمات وزعزعة أمنه واستقراره.
اليس فينا رجلٌ
رشيد؟ ألم نتعلم من تجارب الماضي؟ ألم نعلم أن دولا انهارت بسبب الإعلام؟ واهتزت عروش
حكام بسبب الإعلام؟ وهذه الأسئلة ليست للذم بالإعلام فالإعلام له دور ريادي بالنهوض
ولكن إن أحسن استخدامه وهذا ما لم نفعله إلى الآن.
نعم إن أحسن استخدامه،
نكون قد دافعنا عن قضيتنا وسلّطنا الضوء على معاناة شعبنا، وأبرزنا الجانب المشرق منه،
بدلاً من إضاعة الساعات والساعات من الجدالات العقيمة والإشاعات المغرضة والنصوص المفسدة
التي نهى عنها إسلامنا الحنيف.
خلاصة القول، على
أبناء شعبنا الفلسطيني في المخيمات عموما ومخيم عين الحلوة خصوصاً أن يدركوا بأننا
اليوم نواجه اعصاراً وأمواجاً عاتية، وكلنا على يقين بأننا بتكاتفنا وعدم استسلامنا
سنكون أقوياء لمواجهة ما يحاك ضدنا فكلنا في سفينة واحدة إن غرقت غرقنا جميعاً، ولذلك
لنكن على قدر عالٍ من المسؤولية وأن لا ننجر إلى تلك الإشاعات الممنهجة والتي لا تريد
للمخيم إلا الخراب والدمار ... والسلام
* باحث وناشط سياسي