القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الإثنين 25 تشرين الثاني 2024

مخيمات لبنان والعدالة الاجتماعية

مخيمات لبنان والعدالة الاجتماعية

بقلم: د. يوسف رزقة

لبنان بلد عربي جميل، وبيروت العاصمة درة هذا البلد الجميل، بيروت مسكونة بالجمال والنظافة، ويظللها طقس لطيف هو طقس يافا المحتلة وغزة المحررة. الحرية هي القاسم المشترك لمظاهر الحياة في بيروت. لا شيء أغلى من الحرية في لبنان سواء الحريات الشخصية أو الحريات السياسية أو الحريات الحزبية والدينية.

ولكن ما ينتقص من هذا الجمال وتلك الحريات الرائعة غياب العدالة الاجتماعية عن قطاع اللاجئين الفلسطينيين في مخيمات لبنان العزيز.

في لبنان ( 450 ألف لاجئ ) منهم ( 25 ألف لاجئ ) من النازحين الذين دخلوا إلى هذه المخيمات مع دخول الفصائل الفلسطينية المقاومة عند خروجها من الأردن. هؤلاء النازحون لهم معاناة مركبة، وأعني بها معاناة اللاجئ في عام 1948م، ومعاناته الخاصة حيث لا يملك أي أوراق ثبوتية ولا جواز سفر ولا إقامة.

ولكي تتضح المعاناة في المخيمات للقارئ الفلسطيني في فلسطين المحتلة نقول إن اللاجئ الفلسطيني الذي مضى على وجوده في مخيمات لبنان قرابة ستين عاماً لا يحق له تملك الأرض أو العقار، وإذا توفي أب له أرض أو عقار فإن المؤسسات الرسمية لا تنقل هذا العقار أو الأرض إلى ورثته وعلى الورثة بيعه واقتسام ثمنه. أي الأرض لا تملك ولا تورث.

450 ألف فلسطيني لاجئ في لبنان محرومون من العمل في المهن الراقية والنظيفة، في الهندسة والطب والمحاسبة والإدارة، ويمكن لهم العمل في مهن شاقة ومهنية، وعلى طالبي هذه المهن الراقية البحث عنها خارج لبنان، وهذا يعني التهجير غير المباشر بغرض إخلاء الفلسطيني من مسكنه المؤقت، وينتج عن هذا مشاكل اجتماعية لا حصر لها في علاقة الأفراد بأسرهم وذويهم، ولا يسمح للفلسطيني بالالتحاق بالوظائف الرسمية، أو المنافسة على الوظيفة العمومية مهما كانت قدراته العلمية وخبراته الفنية.

بينما يسمح لكل أجنبي أميركي أو أوروبي أو روسي أو صيني بالتملك والعمل لأنه له دولة مستقلة ترعى شئونه وتمثل مرجعية له. بعبارة أخرى الفلسطيني يعاقب لأنه ليس له دولة مستقلة تملك حق الرعاية.

حالة المخيمات الفلسطينية هي الأبأس في بلدان الشتات، والأسباب سياسية، وطائفية، وثمة أسباب ترجع إلى فشل منظمة التحرير الفلسطينية في إدارة هذه الأزمة مع الحكومات اللبنانية، ولم تقدم المنظمة الأنموذج الأفضل الذي يبعث الطمأنينة في مجتمع قائم على الطائفية، والمنافسة الحزبية الحادة.

إذا كانت ثمة معذرة نسبية للحكومات اللبنانية، على المستوى السياسي والديمغرافي فليس لها أدنى معذرة على المستوى الاجتماعي والحياتي اليومي. إذ لا يعقل معاقبة مقيم على الأرض اللبنانية مهما كانت جنسيته برزقه ومصادر عيشه وحياته الكريمة، فكيف إذا كان هذا ( المقيم إقامة مؤقتة ) هو الفلسطيني اللاجئ اضطراراً إلى هذا الوطن الجميل المسكون بالحريات. الحريات تقتضي العدالة، وغياب العدالة يشوه الحرية والجمال أيضاً.

المصدر: صحيفة فلسطين