القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الأحد 7 كانون الأول 2025

مدارس «الأونروا» في لبنان… هل ما زلنا نتحدث عن «أزمة» أم عن انهيار مُدار؟


محمد السعيد/ لاجئ نت

ليس ما كشفه استطلاع منظمة «ثابت» لحق العودة مفاجئًا. فاللاجئون الفلسطينيون يدركون منذ سنوات أن التعليم في مدارس الأونروا يسير نحو الهاوية، لكن الجديد اليوم هو أن الانهيار بات موثقًا بالأرقام، وبأصوات الأهالي أنفسهم. وما كانت الوكالة تنجح في تغطيته بالشعارات "المالية” لم يعد قابلًا للتسويق.

أن يقول 77.6% من الأهالي إن العام الدراسي بدأ متأخرًا، فهذه ليست مجرد هفوات إدارية. إنها رسالة واضحة مفادها أن الأونروا فقدت القدرة على إدارة أبسط مسؤولياتها. أما دمج المدارس وإغلاقها، الذي رصده 74.1%، فهو لم يعد استثناءً ظرفيًا بل بات سياسة ممنهجة للتخفف من عبء التعليم، ولو على حساب مستقبل جيل كامل.

لكن الطعنة الأكبر تكمن في الاكتظاظ الصفّي الذي يصفه 83.3% بأنه تخطّى 45 طالبًا. هذا ليس تعليمًا. هذه حظائر بشرية تُزج فيها أعداد ضخمة من الطلاب بلا أي اعتبار لحقهم في التعلم أو لكرامتهم. والمفارقة أن هذا يحدث في مؤسسة يفترض أنها أممية وتستند إلى "معايير دولية”.

ولأن المصائب لا تأتي فرادى، يكشف الاستطلاع عن نقص فاضح في الكادر التعليمي. ومع ذلك، ما زالت الأونروا تختبئ خلف شماعة "العجز المالي”. لكن 89.7% من الأهالي قالوا بصراحة إنهم لم يعودوا يصدقون هذا الخطاب. وهذه النسبة وحدها كافية للإعلان صراحة:

الثقة بين المجتمع والأونروا في أدنى مستوياتها منذ تأسيس الوكالة.

أما لجان الأهل— التي يُفترض أنها قناة الضغط والمساءلة— فتبدو اليوم مجرد لافتة باهتة، إذ وصف 75.9% دورها بأنه غير فاعل. وهذا الغياب يفتح الباب أمام مزيد من التدهور بلا رقيب.

غير أن الرقم الأكثر دلالة في الاستطلاع هو أن 89.9% يرون أن التحرك الجماعي بات ضرورة. وهذا ليس مجرد رأي؛ إنه إنذار سياسي واجتماعي بأن المخيمات مقبلة على مرحلة جديدة من المواجهة مع تقصير الأونروا.

كل ما سبق يقود إلى سؤال صادم لكنه ضروري:

هل تعاني مدارس الأونروا من أزمة… أم أننا نشهد عملية انهيار مُدار، يجري تمريره تدريجيًا وبهدوء؟

إذا لم تُقَدِّم الوكالة خطة إنقاذ حقيقية— لا بيانات تبريرية ولا وعودًا مؤجلة— فإنها تخاطر ليس فقط بقطاع التعليم، بل بشرعية وجودها نفسها.

فاللاجئون الفلسطينيون قد يصبرون على الفقر والضيق، لكنهم لن يصمتوا أمام ضياع تعليم أولادهم. وهذه الحقيقة، مهما تجاهلتها الأونروا، ستفرض نفسها عاجلًا أم آجلًا.