القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
السبت 30 تشرين الثاني 2024

مدانون بدون وثائق!

مدانون بدون وثائق!

لمى خاطر

فور انتهاء المؤتمر الصحفي لحركة حماس، الذي عرضت فيه عدة وثائق حول تورّط فتح بتشويه صورتها في الإعلام المصري من خلال نشر أخبار مكذوبة؛ سارع ناطقو فتح السياسيون والأمنيون إلى القول إن الوثائق مزورة، وإنها تعبّر عن أزمة حماس بعد (سقوط) حكم الإخوان في مصر!

والغريب أن إعلام حركة فتح سبق أن نشر كل ما جاء في تلك الوثائق، وروّج له في أوساط إعلامية أخرى نقلت عنه، أي أن الأخبار المفبركة التي تضمنتها الوثائق وردت كلّها في وسائل إعلام فتح والسلطة، وترددت على ألسنة سياسييها، وفي مقالات الكتاب المحسوبين عليها، حتى صار تدخل حماس في الشأن المصري أمراً مسلّماً به في عرفهم!

فما الداعي إذن لهذه الغضبة الفتحوية، والحركة تمارس تحريضاً على حماس يوازي ما تبثّه وسائل الإعلام المصرية في الفترة الأخيرة؟ ولها سوابق كثيرة في المضمار ذاته، فيما هي الآن تكرّس كل خطابها الإعلامي عبر ناطقيها لشيطنة حماس وشتمها وإطلاق الافتراءات بحقها، ويكفي مطالعة تصريحات ناطقيها اليومية لرؤية حجم الحقد والنزعة الإقصائية التي تنزّ منها!

من جهة أخرى، فهذه الوثائق أقل جرماً من ذلك التحريض العلني على الثورة على حماس في غزة الذي تمارسه يومياً قيادات معروفة في السلطة وتدعو له، وهي كذلك أقل جرماً من إظهار التشفي بإغلاق معبر رفح وتشديد الحصار على غزة والمطالبة بإغلاق كل الأنفاق.

ولكن يبدو أن فتح لم تعد منتبهة لنفسها ولمستوى العبث الذي بلغته، وكيف أنها باتت تروج للغة غير مسبوقة في الكراهية سرعان ما تجد من يعتنقها داخل الحركة، دون أن تأبه لخطورة هكذا سياسة، فضلا عما تعكسه من تهتك أخلاقي وسياسي، وما تحدثه من تسميم داخلي سيقضي دون شك على كل فرص الالتقاء والتوافق من جديد!

وقد كان مثيراً للسخرية مسارعة الكتبة المحسوبين على فتح لإدانة ما أسموه (تزوير) حماس تلك الوثائق، واجتهادهم في نفيها، مع العلم أن هؤلاء أنفسهم صدّقوا قبل كذلك أكذوبة لا ترقى لمستوى الوثيقة، وكانت مجرد لائحة قديمة منشورة في زاوية أحد المنتديات وتضم أسماء عدة مثقفين، فسارع هؤلاء إلى نسبتها لحماس ووصفها بـ (قائمة العار الحمساوية)، وتفننوا في هجاء حماس استناداً إليها، رغم أنها مختلقة ولم تصدر عن حماس ولا عن أي من المحسوبين عليها!

وهنا، تجلّى الإفلاس بالاستدلال بترويسة الوثائق الأخيرة، وكيف أنها لا تحمل مسمى (دولة فلسطين)، رغم أن كثيراً من وثائق السلطة المنشورة في الصحف المحلية ما زالت تحمل شعار السلطة وليس الدولة. والطريف في الأمر قول أحدهم إن عرض الوثائق دون ترويسة الدولة دليل على انتفاء الانتماء للدولة لدى حماس، ولنا هنا أن نستغرق في تأمّل كيف صار الانتماء للوهم من علامات ودلائل الوطنية الحقة، التي يعطي الواهمون أنفسهم حقّ توزيع صكوكها، ومنحها فقط لمن يشاركهم تعاطي أفيون اعتناقها!