القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الجمعة 29 تشرين الثاني 2024

مزاح.. ورماح.. دبكة «النكبة»!

مزاح.. ورماح.. دبكة «النكبة»!

بقلم: أحمد حسن الزعبي

المتابع لمهرجانات الذكرى التي تقيمها أمتنا العربية سواء للنكبة أو النكسة أو إحراق «الأقصى» أو الانتفاضة الأولى أو الانتفاضة الثانية أو سقوط بغداد أو تقسيم السودان، يكتشف أن مهرجاناتنا أطول بكثير من حروبنا التي خضناها، وأن القصائد التي أطلقناها على الأوطان الضائعة وعلى المدن المغتصبة أضعاف الرصاص الذي أطلقناه على العدو الغاشم، كما لا يحتاج المراقب إلى كثير من العناء ليكتشف أننا قد أسقطنا آلاف الصور الشعرية الهائلة والمدوية منذ ستين عاماً، ولم نسقط طائرة واحدة حتى لو كانت طائرة من دون طيار أو طائرة ورقية، وأن عدد المصفقين للأمسية الشعرية المقامة احتفالاً بالنكبة، يفوق عدد الذين شاركوا في معاركنا الخاسرة جميعها.

في كل عام نحضّر «خشبات» الخطابة، نجرّب السمّاعات الخارجية، نرتّب الكراسي، الصف الأمامي للوجهاء وللرموز النضالية والقومية، الصف الثاني للشعراء والمشاركين، الصف الثالث للمتقاعدين من الدوائر المحلية، الصف الأخير لأبناء الشهداء أو ذويهم، نزيّن الساحات بأعلام فلسطين، ونحضر الميكروفونات الملتهبة للمتحّدثين.. وفي خلفية «الستيج» توزّع «بوسترات» مفاتيح العودة وصور «الأقصى» الأسير، بشكل يجعلها تظهر في جميع الصور الملتقطة، وفي نهاية الاحتفال تقام بعض الدبكات الشعبية والأغاني الحماسية، وبهذا نكون قد أخذنا شهادة حسن سلوك «من فلسطين».

بهذه الكرنفالات الروتينية صار الاحتفال بنكباتنا ونكساتنا وهزائمنا يتم على طريقة الاحتفال باليوم العالمي للسل و«التيفوئيد» وعيد الشجرة والرضاعة الطبيعية، يأتي روتينياً بارداً فقط للقيام بالواجب، ولأرشفة الصور في سجل النشاطات.

صدقاً لا أفهم، بما أن النكبة عصبة سوداء على رأس الأمة، ومنعطف حزين وانكساري في تاريخها، لماذا نواجهها بـ«الدبكة» إذن؟ فالنكبة ليست عرساً أو نجاحاً حتى نحرّك أرجلنا ونمايل خصورنا على الإيقاع الحماسي، النكبة حالة مستمرّة من الضياع العربي، ومرآة يومية للهزيمة التي بداخلنا، يجب أن ننظر بها وإليها كل يوم لنصعد درجة من حفرة الانهزام ، ولنتجنّب السقوط التالي.

كل هذه المهرجانات وقد خسرنا وطناً مثل فلسطين، ترى ماذا سنفعل لو استعدناه؟

المصدر: الإمارات اليوم