القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الإثنين 25 تشرين الثاني 2024

مشاكل الأونروا مع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان أين وصلت؟

مشاكل الأونروا مع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان أين وصلت؟

بقلم: سليمان الشّيخ

برعاية وبدعوة من مدير الأمن العام اللبناني اللواء عباس إبراهيم، عقد اجتماع موسع بين القيادة السياسية الفلسطينية في لبنان، ومدير الأونروا السيد ماتياس شمالي، بحضور السيدة سيفرت كاغ ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة، وبحضور السفير الفلسطيني في لبنان، وذلك في مقر الأمم المتحدة في بيروت في 11الجاري. وتم التداول في مجمل القرارات والإجراءات التي اتخذتها الأونروا في لبنان، اعتبارا من مطلع هذا العام، وهي تتعلق بمشاكل الاستشفاء والمدارس والخدمات الاجتماعية وغيرها.

بعد مداولات مستفيضة تتعلق بهذه الأمور وغيرها، أعاد مدير الأونروا طرح الاقتراح الذي تقدم به مع المفوض العام بيير كونبول، والقاضي بإنشاء صندوق خاص لا تتحمل مسؤوليته الأونروا، ويتم تمويله من قبل متبرعين سواء أفراد أو دول، لتغطية تكلفة ما يمكن أن يترتب على استشفاء بعض اللاجئين الفلسطينيين في المستشفيات الخاصة، وذلك بواقع 20 في المئة، أو في المستشفيات الحكومية بواقع 15 في المئة، أو في مستشفيات الهلال الأحمر الفلسطيني بواقع 5 في المئة، إلا أن وفد القيادة السياسية الفلسطينية رفض الاقتراح وبيّن سلبياته ومترتباته على اللاجئين الفلسطينيين، وأنه يصب في سياسة التحلل تدريجيا من مسؤولية الأونروا تجاه الفلسطينيين، وقد يكون هذا الأمر هو رأس جبل جليد مجموعة من الإجراءات والقرارات اللاحقة، خصوصا وأن طرح مشكلة الاستشفاء ترافقت مع إجراءات أخرى تتعلق بالمدارس والتعليم «تكديس أكثر من 50 طالبا أو طالبة في الصف الواحد» وعدم توظيف معلمين أو معلمات جدد، وعدم استئجار مدارس جديدة، كذلك فإنه تم التوكيد من قبل مدير الأونروا، التراجع عن دفع إيجارات البيوت المتعلقة ببعض سكان مخيم نهر البارد، واللاجئين الفلسطينيين النازحين من سوريا.

كما أن مدير الأونروا نوه بتقديم خدمة جديدة، تساعد في معالجة ما كان يحصل أثناء استلام العائلات الفلسطينية الأكثر فقرا (نحو ثلاثة آلاف عائلة) وذلك باعتماد بطاقة آلية لقبض ثمن المخصصات الإعاشية. واعتبر مفوض الأونروا العام أن ذلك هو أدعى لحفظ كرامات المشمولين بالقرار، بحسب البيان الأخير الذي وجهه إلى الموظفين في لبنان، وهذا بحسب بعض المصادر الفلسطينية اعتراف أن توزيع الإعاشة منذ 67 عاما كان يمس بالكرامة، وفق الطريقة التي كانت متداولة منذ زمن بعيد.

كما أن المصادر الفلسطينية علقت بالقول أن الطريقة الجديدة (البطاقة الآلية) ستعطل عمل العديد من عمال الإغاثة، إن لم تقض على عملهم كاملا مع الزمن، وتحيلهم إلى أيدي عاملة عاطلة، يضافون إلى ما هو معروف من بطالة واسعة للأيدي العاملة الفلسطينية في لبنان، يمنع عليهم العمل في نحو 70 مهنة.

وضع بائس

ما يجدر ذكره، أن وزير الصحة اللبناني وائل أبو فاعور، كان التقى مدير الأونروا في لبنان في العاشر من آذار/مارس الجاري، أي في اليوم السابق للاجتماع الموسع، وجاء في تصريح الوزير بعد اللقاء ما يلي: «قد تكون ثمة أسباب مالية دفعت الأونروا إلى اتخاذ قراراتها، إلا أن ذلك أدى إلى ضغوط كبرى على أوضاع اللاجئين الفلسطينيين، كما على وزارة الصحة اللبنانية والنظام الصحي اللبناني». وأضاف أن الأونروا ليست فقط مؤسسة تعنى باللاجئين الفلسطينيين، بل إنها دليل على مسؤولية المجتمع الدولي تجاه اللاجىء الفلسطيني، وبالتالي هناك مسؤولية تقع على عاتقها، كما ان هناك مسؤولية على المجتمع الدولي القيام بواجباته تجاه اللاجئين الفلسطينيين. ولفت أبو فاعور إلى أن وضع هؤلاء اللاجئين في لبنان هو وضع بائس وسيئ ولا يحتمل أي تخفيضات، طالبا من مدير الأونروا في لبنان أن يعيد النظر بالقرارات التي تم اتخاذها.

وتجدر الإشارة إلى أن لقاء وزير الصحة اللبناني مع مدير الأونروا وكذلك لقاء القيادة السياسية معه، وفرا إيجابية تتعلق بتفهم بعض السياسيين في لبنان لمدى الظلم الذي ألحقته قرارات الأونروا الأخيرة بالفلسطينيين، وأن تحركاتهم كانت وما زالت محقة. كما أن سيغرت كاغ ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة في لبنان، وبعد استماعها للمعاناة والمطالب الفلسطينية، أعلنت انها في صدد نقل ذلك إلى الأمين العام للأمم المتحدة في لقائها الشخصي معه قريبا. فيما أعلنت القوى الفلسطينية (خلية الأزمة) أنها ستستمر في ترتيب تظاهرات واعتصامات واحتجاجات أمام مكاتب الأونروا في جميع المناطق اللبنانية التي يتواجد بها الفلسطينيون، وأن ذلك سيستمر سلميا من دون تعطيل المهمات الحيوية الملقاة على عاتق الأونروا.

ومن الضرورة التنويه هنا إلى أن نحو عشرة أشخاص من رجال ونساء، توفوا على أبواب بعض المستشفيات، لأنهم لم يستطيعوا تحمل تكاليف حالاتهم المرضية، وما زال الأمر في تصاعد في ما يتعلق بهذا الصدد، إذا ما استمرت الأمور على ما هي عليه، أي تطبيق قرارات الأونروا الأخيرة.

إن الاستمرار في تطبيق القرارات والإجراءات التي أخذتها الأونروا في لبنان في بداية العام 2016، تشير إلى أن مخططا يصب في سياسة استراتيجية في النهاية، يقضي بمشاريع توطينية وبإلزام الحكومات التي تستضيف اللاجئين الفلسطينيين بتحمل أعباء احتياجاتهم الحياتية اليومية من صحة واستشفاء وتعليم ومساكن ومتطلبات اجتماعية أخرى وغير ذلك.

إن العجز المالي هو حجة كي تأخذ الأونروا تدريجيا، بالتخفف من بعض أعباء الوجود الفلسطيني، ولو كان الأمر يتعلق بموازنة لا تتعدى مئة مليون دولار سنويا، فإن أي متبرع غني، أو أي دولة مانحة، ولو كانت متوسطة الحال، يمكن أن تحل المشكلة عبرهم، وكان الأجدر بالأمم المتحدة تخصيص مبلغ سنوي ثابت لموازنة الأونروا منذ نحو 67 عاما، فلماذا ترك الأمر لأهواء ومصالح المتبرعين والدول المانحة، التي كثيرا ما راعت ضغوط ومصالح الدول الكبرى والمهيمنة، على حساب مصالح اللاجئين الفلسطينيين؟

المصدر: العربي الجديد