معجزة فلسطينية جديدة
بقلم: علام خربط
ها هو الشعب الفلسطيني ما لبث يثبت للعالم كل يوم، انه قادر على الحياة رغم كل محاولات وأده وإفنائه عن بكرة ابيه، بل انه جدير بها وهو لا يعدم سبل استمراريتها ما استطاع الى ذلك سبيلا، وسط تغول متصاعد لآلة الاحتلال الصهيوني التي باتت تجد نفسها عاجزة اكثر واكثر، ازاء احدث وسائل الصمود والإصرار على الحياة التي خرجت للتو من رحم سجون الاحتلال الإسرائيلي، وذلك عبر تهريب «مني» سجناء فلسطينيين، لتتم زراعته في ارحام زوجاتهم وذلك كي يعلن لاحقا نجاح هذه العملية، التي اذهلت بالفعل العالم بأسره، ليتبين له مجددا عجز اسرائيل بكل ترسانتها العسكرية عن قهر الفلسطينيين وكسر شوكتهم الى الأبد، بغية تحويلهم الى عبيد في السخرة الاسرائيلية وهو الأمر الذي لم يزل وسيبقى عصيا ابدا.
ولم يتوقف الأمر في مثل عملية التخصيب عن بعد على اربعة سجناء فلسطينيين، من اصحاب الأحكام المؤبدة، انما هناك حالات عديدة سابقة، واخرى ستتواصل لاشك على المنوال ذاته، الأمر الذي يعني عجز اكيد لسلطات الاحتلال عن كيفية مواجهة هذا النوع الجديد من نهج مقاومة الشعب الفلسطيني التي لم تتراجع يوما ولم تضعف، بالرغم مما مر عليها من مشاريع حلول سياسية وغيرها، غير ان تلك المقاومة غدت بمثابة طقس يومي للحياة الفلسطينية التي تبدأ من ارحام حرائر الشعب الفلسطيني، وذلك في سياق استمرار للحياة رغم كيد المعتدين، الذين باتت تشكل لهم قلقا مرعبا تلك الديمغرافية الفلسطينية، التي تواصل نموها وانتشارها في مواجهة مشاريع الاحتلال وفي مقدمتها استقدام مهاجرين «لمم» من شتى بقاع الأرض تمهيدا لتسكينهم في ارض الميعاد المزعومة.
ولعل عملية التخصيب تلك وبالطريقة التي تمت بها والتي نجحت بحسب اطباء مختصين لتثمر مواليد اصحاء، لعلها خير دليل على ان الشعب الفلسطيني لم يستكن يوما، ولن يقبل بأقل من تحرير كامل التراب الوطني الفلسطيني، وهو الهدف الذي لم يضع حينا في متاهة التطورات السياسية التى عصفت بالعالم عامة والعالم العربي خاصة، اذ يمكنني القول شخصيا ان العملية التي تمت ما هي الا وسيلة من وسائل مواجهة الاحتلال الصهيوني الآثم، بذات العزم الجهادي الفلسطيني الذي كان ولا يزال معزولا عن مجريات الربيع العربي، ليبقى النموذج الفلسطيني منفردا في نهج مقاومته القديم المتجدد، والذي يتملكه اصرارعنيد على الاستمرارية حتى تتحقق كامل اهداف الشعب الفلسطيني عاجلا ام آجلا، وهو ما يميز الفلسطينيين في كفاحهم المتواصل عبر اشكال متعدده، يمكننا القول انها تفوقت بالفعل على اشرس احتلال همجي يشهده تاريخنا المعاصر، ذلك ان مسألة التخصيب الفلسطيني التي تمت بنجاح لا نبالغ ان وصفناها بكونها معجزة جديدة من معجزات صمود الشعب الفلسطيني الذي بات يقاوم بصمت ويموت بصمت وسيصل الى غاياته النشودة مهما طالت او قصرت المسافة.
فللفلسطينيين ربيع مختلف وكل يوم يكون فيه امل فلسطيني جديد، واسلوب مبتكر من اساليب المقاومة والصمود المستمر، رغم كل ما يرافقه من تضحيات .
المصدر: الدستور، عمّان