القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي

معركة حطين ذكرى خالدة في ذاكرة الشعب الفلسطيني

معركة حطين ذكرى خالدة في ذاكرة الشعب الفلسطيني
583
هـ - 1187 م

جهاد طه- صور  

في 25 ربيع الآخر لعام 583 هـ - 28 آذار من عام 1187م يتذكر المسلمون ذكرى معركة حطين الباسلة، ذكرى عزيزة خالدة محفورة في ذاكرة التاريخ الإسلامي، في مثل هذه الأيام استطاع القائد الفذ صلاح الدين الأيوبي أن يسجل صفحة ناصعة في تاريخ الأمة العربية والإسلامية ما زالت تضيء في سجلات الانتصارات العظيمة لأمتنا العربية واٌلإسلامية وشعبنا الفلسطيني المجاهد وذلك عندما انتصر على الوجود الصليبي في الأراضي الفلسطينية في معركة قل نظيرها.. إنها معركة حطين المجيدة التي كانت البداية لإنهاء سنوات طويلة من الاحتلال الصليبي عاش فيها الشعب العربي المسلم في فلسطين تحت وطأة الذل والهوان والقتل والذي لم يشهد له مثيلاً إلا مع الوجود الإسرائيلي على هذه الأرض الطاهرة.

لقد كانت الأراضي الفلسطينية هدفاً للحملة الصليبية التي وجهتها القوى الأوروبية بداية من الحملة الصليبية الأولى التي دعا لها البابا أوربان الثاني وهي الحملة التي استطاعت الوصول إلى الشرق العربي واحتلال بيت المقدس وتأسيس أول مملكة صليبية فيها عام 1099م مستغلة الانقسام الذي ساد الحكام العرب والمسلمين أنذاك في تلك الفترة والضعف الذي أصاب الدولة الفاطمية في مصر وكان من نتيجة ذلك وقوع الشعب العربي الفلسطيني تحت وطأة الحكم الصليبي الذي منحهم درساً في الهوان والعذاب والتشريد.

وعندما أستيقظت القيادات العربية والإسلامية في ذلك الوقت على هذا الاستعمار الذي استحل مدينة القدس والمسجد الأقصى المبارك بدأت بمحاولة استجماع قواها وكلمتها إلى أن استطاع في النهاية صلاح الدين القيام بهذه المهمة القيام الكبيرة عندما خضعت لسلطانه مصر والمناطق العربية والأسلامية في الشام وأعلن في نيسان عام 1175م قيام الدولة الأيوبية من القاهرة وانطلق منها ليوحد الجبهة العربية الإسلامية من مصر إلى شمال العراق, وأثناء ذلك عقد هدنة مع الملك الصليبي في بيت المقدس, وعندما انتهى من توحيد الجبهة العربية الإسلامية تفرغ للملك الصليبي في القدس ولأمثاله من حكام الصليبين في الشام وعندما قام حاكم مدينة الكرك التابع للملكة الصليبية في بيت المقدس " شايتون " بنقض تلك الهدنة في العام 1186 م باعتراضه لقافلة إسلامية على الطريق بين الشام والحجاز وبعد تطاوله على النبي صلى الله عليه وسلم بقولته المشهورة " اذا كانوا يثقون بمحمد فليأت لينقذهم", تأثر صلاح الدين الأيوبي بما سمع وثارت ثائرته, فبدأ بإعداد العدة للثأر من مملكة الصليبين في بيت المقدس وتقدم بجيوشه العربية ودخل الأراضي الفلسطينية عند بحيرة طبرية وهناك دارت معركة حطين عام 1187 وأحرز الانتصار العظيم الذي ما زال يضيء سجلات الأنتصارات العربية والإسلامية, ولقد كان هذا الانتصار البداية التي فتحت الطريق لتحرير بيت المقدس من الوجود الصليبي, فكان لابد من استرداد مدن الساحل من الصليبين لقطع الإمدادات عن مملكة الصليبين في بيت المقدس وزحف حينها إلى ساحل البحر الأبيض المتوسط وحرر مدن بيروت وصور وعسقلان وعكا وكل المدن الساحلية وبعد أن اطمأن إلى هذه المدن توجه إلى بيت المقدس وهناك ضرب المثال لسماحة الدين الإسلامي التي تعد مثالاً للإنسانية جمعاء حين أرسل لأهله، قبل أن يصلهم الأمان لجميع السكان واسترد بيت المقدس بعد توقيع معاهدة الصلح التي توافقت مع ما كان يتحلى به من حكمة سياسية وعقيدة إسلامية.

هكذا كانت معركة حطين أحد الدروس التي سنظل نكتب عنها والتي يجب أن نقتدي بها في مسيرة الجهاد والمقاومة على أرض فلسطين، فالوجود الصهيوني يبرهن في ممارساته مع الشعب الفلسطيني على أنه امتداد للوجود الصليبي الذي كان جاثماً على تلك الأرض الطاهرة, فما يفعله هذا الكيان الصهيوني من قتل وتشريد وجرائم بحق الشعب الفلسطيني فعله قبله الاحتلال الصليبي أنذاك.

فهل نشهد اليوم في ظل عصر الثورات العربية تغيراً لواقع هذه الأمة، وهل سيخرج من رحم هذه الثورات قائداً مجدداً كصلاح الدين الأيوبي يوحد الجبهة العربية والإسلامية ويعيد لنا فتح بيت المقدس ويحررها من رجس الاحتلال.

ستبقى هذه الذكرى عبرة من دروس التاريخ للشعب الفلسطيني الصامد الذي يقاوم بكل شرف وكرامة لأنه على حق وليس على الباطل فالمدافع عن الحق لا بد أن يصل إليه أما الباطل فلا بد له من الزوال.

المصدر: البراق العدد الـ86