معركة عضوية اللجنة التنفيذية
بقلم: فايز أبو شمالة
حاولت أن أتحسس رأي الناس العاديين في انعقاد دورة المجلس
الوطني في رام الله، فعمدت إلى صفحتي على الفيس بوك، ونشرت صورة الدعوة التي جاءتني
من رئيس المجلس الوطني، ودققت في مئات التعليقات التي انقسمت بمجملها إلى قسمين:
أولاً: قسم من المعلقين طالبني باحترام نفسي، وعدم حضور الجلسة،
وهؤلاء قد تبلور لهم موقف مسبق من جلسة المجلس الوطني، واقتنعوا بأن الجلسة غير قانونية،
وأن انعقادها في رام الله يعني الرضا الإسرائيلي عن نتائجها المسبقة، ولهذا فستقضي
الجلسة على ما تبقى من أمل في وحدة الصف الفلسطيني، والجلسة جاءت تلبية لرغبة السيد
محمود عباس، الذي يهدف إلى مواصلة التفرد بالقرار الفلسطيني، والإطاحة بكل معارضيه.
ثانياً: قسم آخر من المعلقين طالبني بحضور الجلسة من منطلق
عدم إخلاء الميدان، وقول كلمة حق في وجه سلطان جائر، ومن ثم نقل ما يجري خلف الكواليس
إلى الناس، وهؤلاء المعلقون يظنون بجلسة المجلس الوطني خيراً، ويعتقدون أن جلسة المجلس
فيها من الديمقراطية وحرية الرأي ما يؤثر على صاحب القرار، فجاء حضهم على المشاركة
بهدف التأثير، والتكتل من أجل إصلاح الحال، ونسي هؤلاء الناس حقيقة الاستبداد بالقرار،
ودور شاهد الزور الذي تعده القيادة لأعضاء المجلس الوطني، سواء أكان ذلك برضاهم أم
رغم أنفهم.
إن الدعوة لعقد جلسة المجلس الوطني قبل إصلاح منظمة التحرير
فيها شبهة تواصل الفساد السياسي، وهذا أخطر بكثير من الفساد المالي، وإن دعوة المجلس
الوطني للانعقاد قبل عقد الإطار القيادي فيها شبهة تفرد تنظيم بعينه بالقرار الفلسطيني،
وهذا هو الأب الروحي للفساد الإداري، وهذا ما يبتغيه السيد محمود عباس الذي تعود على
اتخاذ القرارات التي تتناسب ورؤيته ومواقفه وتفكيره هو شخصياً، ليقف من خلفه المنتفعون
الذين شجعوه على الاستخفاف بالرأي العام، وأعانوه على التآمر ضد خصومه السياسيين، ودعموه
في محاصرة التنظيمات والمنظمات والتجمعات الفلسطينية التي تجرأت على نقده أو الاعتراض
على سياسته العقيمة.
اليوم يصل السيد محمود عباس بتسلطه وديكتاتوريته إلى منتهاه،
وليس بعد الضغط على الناس والشد إلا الارتخاء، وهذا ما تبشرنا به الأخبار التي تتحدث
عن تأجيل عقد جلسة المجلس الوطني، والتي لا ترجع أسباب تأجيلها إلى مزاج الشارع الفلسطيني
الرافض لعقد الجلسة في رام الله، ولا التأجيل ناجم عن رفض بعد فصائل منظمة التحرير
وعلى رأسها الجبهة الشعبية كما يظن البعض ـــ مع احترامي لموقف الجبهة الشعبية ـــ،
التأجيل يرجع لخلافات داخلية في حركة فتح ذاتها، فالذين استقالوا من اللجنة التنفيذية
كانوا قد استجابوا لطلب السيد محمود عباس بالاستقالة، ظناً منهم أنهم عائدون إلى التنفيذية
ثانية، وهم يعرفون جيداً أن غيرهم هو المستهدف بالطرد، ولكن الرياح جاءت على غير ما
يتوقعون، ولاسيما مع ظهور جيش كامل من الطامعين بالوصول إلى اللجنة التنفيذية، واستغلال
الجلسة لاستبدال كثير من الوجوه التي شاهت، وهذا ما أيقظ أعضاء اللجنة التنفيذية الذين
استقالوا من غفوتهم، حين وجدوا أنفسهم بين صير محمود عباس الذي قادهم إلى الاستقالة،
وباب قيادات حركة فتح الذين يطمحون بأن يحلوا محلهم، ولاسيما أعضاء اللجنة المركزية
الذين يتطلعون إلى الاحتماء بعضوية اللجنة التنفيذية تهرباً من الفشل الذي ينتظرهم
في حالة انعقاد المؤتمر السابع لحركة فتح.
أزعم إن التنافس بين أعضاء اللجنة المركزية لحركة فتح على
عضوية اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير قد تصاعد حتى صار خلافاً على عقد جلسة المجلس
نفسها، وأزعم أن جدية الخلافات قد صارت تهدد وحدة حركة فتح ذاتها، ومن تابع تجربة انتخابات
المجالس البلدية في الضفة الغربية يدرك حجم الصراع الداخلي والولاءات في حركة فتح نفسها،
من هنا فإن الرسالة التي أرسلها 16 عضوا من اللجنة التنفيذية إلى رئيس المجلس الوطني،
والتي تطالبه بتأجيل عقد الجلسة، هذه الرسالة هي البداية التي تشير إلى نهاية فترة
حكم محمود عباس، وانتهاء مناوراته السياسية، وفيها البشائر لمرحلة سياسية قادمة ستتحقق
معها الوحدة الوطنية والإسلامية، بعد طول تمزق، وستبدأ معها مرحلة فك حصار غزة، وخلاص
الضفة من الاحتلال الإسرائيلي.
المصدر: فلسطين أون لاين