القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الأربعاء 27 تشرين الثاني 2024

معركة غزة: 2012 "القيادة لمن يقاوم"

معركة غزة: 2012 "القيادة لمن يقاوم"

د.أسعد أبوشرخ

حين قرر مجرمو الحرب الصهاينة من المستويين السياسي والعسكري قتل القائد الشهيد ابو محمد الجعبري بطائرة امريكية الصنع والتسليح و التدريب قدروا وحسبوا ان الشعب الفلسطيني سيبتلع الطعم وقد يكون الرد قذيفة هناك او هناك،وكان العامل الاساسي في تقديراتهم الفاشلة وحساباتهم الخاطئة مبني على اساس حرب الابادة 9/2008 التي اسموها صهيونياً الرصاص المصبوب والحرب النفسية التي شنوها دوماً تذكيرا للشعب الفلسطيني بما سببته هذه الحرب من ويلات والتصريح في كل مناسبة ان أي حرب اخرى على غزة ستكون اكثر هولاً وتدميراً من الرصاص المصبوب،والتي ستتبع بالرصاص المصبوب4،3،2 الخ... ،ومن يراجع التصريحات الصادرة عن هؤلاء المجرمين من عسكريين وسياسيين و حاخامات وصحفيين واعلاميين يتبين له شراسة هذه الحملة النفسية بل الحرب النفسية "PSYCHOLOGICAL WAR FARE" التي لم تتوقف على مدى السنوات الاربع الماضية ولم تكن هذه التصريحات تصدر من باب التبجح والغطرسة فحسب،بل كانت حسب خطة ممنهجة قائمة على نظريات في حرب الدعاية المستمدةمن علم النفس السلوكي "BEHAVIOURIST PSYCHOLOGY"القائم على الأسس التالية:

-الحافز والإستجابة

-التكرار

-التعزيز

-الربط

-الإشراط

اذ ان تذكير الشعب الفلسطيني بحرب الابادة 9/2008 وتكرار الفكرة وتعزيزها وربطها بالويلات التي سببتها بالصورة والصوت ووضع شروط بأن الحرب لن تتوقف الا بتحقيق أهدافها الصهيونية والا فالويل و الثبور... كل ذلك قد يجعل المقاومة الفلسطينية تحجم عن الرد،ظناً من الصهاينة أنها مردوعة،كما يهيء لهم خيالهم المريض منذ حرب الابادة 2009/2008 ،كان خبراء الحرب النفسية الصهاينة سواء في وزارة الحرب او مكتب نتنياهو او ليبرمان هم وكبار الجنرالات والساسة يتبنون هذا الرأي الذي كان يأخذ صيغة تصريحات تصدر عنهم مباشرة أو مسربة الى وسائل الاعلام الصهيونية العبرية والانجليزية،بل وبعض وسائل الاعلام الغربية المرئية والمسموعة والمكتوبة والصحفية،وهذا بالضبط ماحصل أيضا أثناء الحرب الاجرامية الصهيونية عالى لبنان عام 2006 والتي تكللت بهزيمة نكراء،كهزيمتهم الحالية في غزة نوفمبر2012لكن الحسابات الخاطئة والتقديرات السيئة تؤدي دوماً إلى نتائج خاطئة وإلى فشل ولهذا سارع المحللون والخبراء إلى الإستنتاج أن حرب إسرائيل على غزة كانت كما قال أحد الخبراء الغربين بأنها Fiascoإي فشل ذريع وليسFailure أي فشل فحسب.إن العدو الصهيوني الذي ظن انه فاجأ المقاومة بقتل القائد الجعبري ,خاصةً بعد عملية تضليل قبلها بيومين بالإتفاق على تهدئة مع الجانب المصري ثم قام بالخداع و الخديعة ,فوجئ بالرد الفلسطيني العزوم والحزوم والحسوم في عقر مستوطناته وضرب بقرته المقدسة تل ابيب ,واكتشف أنه من اقصاه إلى اقصاه مكشوف وقد أمسك به وقد سقط بنطاله عن مؤخرته كما كتب أحدهم يقول بالإنجليزية "He Was Taken With His Pants Down!"فالرد الفلسطيني ,في تقديرنا بني على مربع العناصر التالية: صمود,تصدي,رد,ردع(أي توازن الرعب) على المستوى القتالي والعملياتي والامني والنفسي والميداني وكانت أضلاع هذا المربع تطوق هذا العدو,وكان هو الهدف الواقع في مركز هذا المربع تحيط به أضلعه الأربعة من كل جانب وكانت القيادة الفلسطينية السياسية كما القتالية تتحلى بأقصى درجات التماسك والثبات والأعصاب الحديدية وإدارة المعركة بكفاءة متميزة وروح قتالية متميزة وروح معنوية فوق السحاب في وقتٍ كانت تنهارُ فيه معنويات القيادة الإسرائيلية والمستوطنين ,كما رأيناهم يهرولون إلى الملاجئ أمام ضربات المجاهدين التي زلزلت أقدامهم فعلاً وقولاً وعاشوا في جحورهم خوفاً ورعباً وإنتظاراً فيما يحمله المجهول القادم من سماء غزة من رسائل صاروخية مختلفة الأوزان والأحجام والأطوال والأشكال والمفاجئات.

ومفاجآت غزة ليس كمفاجآت أي مدينة أخرى ,لأنها مرتبطة في اللاشعور اليهودي الصهيوني بقتل شمشون الجبار وهزائمهم وينظرون إليها كمدينةٍ لعينة كما يعتقدون ,تمنى ذات يومٍ مجرم الحرب رابين أن يبتلعها البحر ,فإذا ببحر غزة يبتلعهم! كما إبتلع بحر المجدل ذات يومٍ مجرم الحرب رفائيل إيتان وقذفه بحر المجدل إلى الشاطئ مذموماً مدحوراً مقتولاً ! وعند الحديث والتهديد بالحرب البرية كجزء من الحرب النفسية على أهل غزة،خرج وفي الوقت المناسب خرج القائد العام للقسام أبو خالد...

الأسطورة الشبح وعلى شكل شبح مرعب يلوح بسبباته ،مهدداً ومتوعداً ،وكانت الصورة السوداء الغامضة والكلمات القليلة الجلية الحاسمة تذكرهم بما جرى لدباباتهم ومدرعاتهم من إبادة وتدمير في سهول ووديان وجبال لبنان على 2006 على يد أبطال حزب الله ،فغزة تنتظر دباباتكم على أحر من الجمر لتدميرها وسحقها فتتناثر جثث جنودكم كما تناثرت عندما أصاب صاروخ كورنت أحد عرباتكم العسكرية على الحدود فانفجرت العربة بمن فيها كما أوضحت الصورة التي نشرتها وسائل الإعلام فهزم العدو نفسياً قبل أن ينهزم عسكرياً مما أجبره على التخلي عن جميع شروطه والقبول بالمطالب الفلسطينية ومن هنا هذا الإنجاز الكبير الذي أكل كسر صورة الجندي الصهيوني الذي أصبح مقهوراً ومبهوراً. بعض الإستنتاجات والدروس والعبر على الجانب الفلسطيني

-أثبتت المعركة أن الرأي ،الرأي الفيصل هو للمقاومة وليس للمفاوضة لأن المقاومة تأتي بالنتائج والمفاوضة بالعبث.

-حاز الفلسطيني ، وخاصة الغزي ،على إحترام وتقدير كبير في العالم وأصبحت غزة القيادة ومركز المقاومة ومحط الأنظار والآمال !.

-تجلت الوحدة الوطنية للشعب الفلسطيني في أفضل صورها في الضفة وغزة وفلسطين 48 والمنافي والداخل والخارج ،وأكدت على الحاجة لأنهاء الإنقسام وتحقيق الوحدة الوطنية القائمة على خيار المقاومة والتمسك بالثوابت وعلى رأسها حق العودة .

-أثبتت المعركة أن هذا العدو خلق لنفسه هالة كاذبة من القوة ،لكن في حقيقته أوهن من بيت العنكبوت وانكشفت نقاط ضعفه لدى المقاومة الفلسطينية.

-تأكد على أرض الواقع أن القيادة لمن يقاوم ،وهذا شعار أو مبدأ فلسطيني قديم بدأ مع بداية الثورة عام 1965 اذا كانت الأطروحة التي وجهت للأحزاب السياسية الفلسطينية التي كانت تضيع الوقت في التنظير هي أن اللقاء على أرض المعركة ومن التحق بالمعركة شارك في القيادة ومن تخلف أصبح على الهامش أو نسيه التاريخ منذ ذلك الزمن .

-أوضحت المعركة إمكانية هزيمة العدو ودحره بل وطرده من فلسطين إذا ما أحسن الأعداد الجيد وامتلكنا القدرات والعزيمة والإرادة الصلبة .

-أوضحت المعركة استعداد الشعب الفلسطيني على التضحية بلا حدود في سبيل تحرره وتحقيق أهدافه وتحرير وطنه.

-أوضحت المعركة مدى عجز النظام الرسمي العربي رغم إمتلاكه لكل هذه الإمكانات الهائلة من نفط وأموال وجيوش ولكنه لا يستفيد منها في تحقيق مصالحه او مصالح أمته بل أنه يتواطأ ضد ذاته وأن خلل الأمة يتركز في النظام الرسمي ورموزه الحاكمة من ملوك وأمراء ورؤساء وحكام وشيوخ!

-اوضحت المعركة أهمية استمرار الربيع العربي في تغيير الأنظمة التابعة للغرب وان كل الدلائل تشير إلى أهمية تغيير هذه الانظمة كي تنسجم مع طموحات شعوبها .

-كشفت المعركة,ومازالت الوجه القبيح لأمريكا والغرب الذي يؤكد سلوكاً وقولاً وفعلاً أن إسرائيل "ليست سوى دولة مارقة صليبية غربية"تهدد الأمن والسلم الغربي والإسلامي بل العالمي.

-ايقظت المعركة الروح لدى الشعوب الإسلامية بتحرير فلسطين من البحر إلى النهر.

على الجانب الإسرائيلي:

1.كشفت أكذوبة الردع التي تغنى بها هذا العدو الصهيوني,واصبح العدو نفسه يعاني من الردع المضاد.

2.كشفت الهالة الكاذبة حول جيش الإحتلال الذي احاط نفسه بهالة نفسيه ومن الحرب النفسية التي تجعله يستمر في اكذوبة انه "جندي سوبر" لدرجة انه صدق نفسه فانكشفت الخديعة والاكذوبه على حقيقتها بلا رتوش.

3.اثبتت المعركة ارتباك قادة العدو في إدارة المعركة إذا لم يكن لديهم من بنك الأهداف سوى قتل الأطفال والمدنين وتدمير المباني ولم يتمكنوا من منصات الصواريخ او أبطال المقاومة.

-اثبتت المعركة خطأ القيادة الإسرائيلية في حساباتها وفي قدرتها

على التحليل فيما سيكون عليه رد الفعل الفلسطيني خاصة المقاومة.

-انكشفت ثالوث الشر نتنياهو-باراك-ليبرمان أمام الإسرائيلين لأن ثالوث الشر أراد بهذه المعركة كسب معركة الإنتخابات المقبلة فإذا به يتورط ويتمأزق وتتراجع شعبيتة.

-أثبتت المعركة مدى هشاشة هذا التجمع الصهيوني الذي قضى أيام المعركة في جحوره ومخابأه تحت الأرض.

-خسرت هذه الدولة المارقة البلايين من الشواقل ,وظهرت على وجهها القبيح الإجرامي أمام العالم وانكشفت أكذوبة الجيش الذي لا يهزم للعالم.

-أفهمت هذه المعركة الصهاينة أن الشعب الفلسطيني متمسك بوطنه فلسطين أكثر من أي وقت مضى وأنه مصر على الصمود و التصدي والتحرير بإرادة فولاذية وعزيمة لا تلين.

-تبين للإسرائيلين والأمريكين والعالم أن من يقود الشعب الفلسطيني هو من يقاوم أي أن مشروع المقاومة هو صاحب القرار وليس مشروع المفاوضة.

-كشفت هذه المعركة مدى هشاشة هذا العدو وتهديداته للدول الإقليمية والجحيم الذي يتوقعه إن فكر بحماقة الهجوم على أي دولة والذي قد يكلفه وجوده.

-ادرك الإسرائيليون انهم ان عادوا إلى الحماقة فإن مشعل بعزيمته سيشعلها عليهم ناراً حامية وشلح بإرادته يشلحهم من كل اوهام القوة وغرورها وصلفها.

وباختصار، فإن هذه المعركة دللت للعالم على أن قيادة المقاومة هي قيادة الشعب الفلسطيني وانه لا يمكن التوصل إلى حل أو تسوية إلا عبر قيادة المقاومة ,التي تملك وسائل وادوات القتال والصراع والمقاومة ولهذا رأينا جعجعة المدافع وقعقعة وهدير الصواريخ "الغزاوية" تفرض معادلة جديدة و رأيها القاطع على طاولة المفاوضات غيرالمباشرة مجسدة مقولة التفاوض بالسلاح وعبر المقاومة!

وبهذا توجت غزة نفسها مركزاً ومقراً لقيادة الشعب الفلسطيني وعاصمة المقاومة الفلسطينية التي يلتف حولها الشعب الفسطيني في الداخل والخارج وأختاً عزيزةً منيعةً للقدس العاصمة الخالدة لفلسطين بل لكل العرب و المسلمين.