القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الثلاثاء 26 تشرين الثاني 2024

ملاحظات حول مأزق المشروع الوطني الفلسطيني ومستقبله

ملاحظات حول مأزق المشروع الوطني الفلسطيني ومستقبله

بقلم: عزمي بشارة

تلخّص المشروع الوطني الفلسطيني، بعد عام 1948، مشروعاً يتميز عن سياسات الدول العربية بشأن الصراع مع إسرائيل، في تحويل جماعات من اللاجئين والمقيمين على أرضهم الواقعين تحت سيادة دول عربية إلى شعب واحد منظم صاحب قضية وطنية، وبتأسيس حركة تحرر وطني فلسطينية. وقد تقاطعت هذه في حالاتٍ مع طروحات المشروع القومي العربي بشأن تحرير فلسطين، وحوّلت التحرير إلى هدف استراتيجي مرتبط بالصراع العربي الإسرائيلي. وفي حينه، قام حق العودة على فكرة التحرير، وليس على قرارات الأمم المتحدة التي تطالب "إسرائيل" بالسماح للاجئين بالعودة إلى أراضٍ باتت تحتلها، وتقيم عليها كيان دولة.

يصعب تسمية هدف التحرير حينذاك مشروعاً وطنياً فلسطينياً خاصاً، فقد كان واضحاً أنه ممكن فقط في إطار حرب عربية ضد إسرائيل. ولا شك عندي أن قيادات كثيرة آمنت أنه ممكن التحقيق فعلاً، على الأقل حتى ما بعد حرب أكتوبر/تشرين أول 1973. كما يصعب تسمية الدولة الديمقراطية العلمانية على أرض فلسطين مشروعاً، أو حتى برنامجاً، لأنها لم تطرح بجدية في رأيي، بل في إطار الإجابة على سؤال اليسار الأوروبي المحرِج على طروحات الميثاق: "وما هو مصير السكان اليهود بعد التحرير؟". ولم تجر بلورة هذا البرنامج وأدواته بشكل كافٍ في الفسحة الواقعة بين الميثاق الوطني الفلسطيني والبرنامج المرحلي.

كان الميثاق الوطني الفلسطيني عقيدة سياسية، اجتمع عليها ممثلو الشعب الفلسطيني، وأصبح، بمقدماته التاريخية وتعريفاته، جزءًا من صياغة الهوية الوطنية الفلسطينيّة الحديثة، بما في ذلك التغيّرات التي طرأت عليه بعد عام 1967، حتى في باب التعريفات: من "فلسطين وطن عربي" إلى "فلسطين وطن الشعب العربي الفلسطيني". وكذلك إضافة الكفاح المسلح طريق التحرير.

لقد أصبح الكفاح المسلح مسألة هوية نضالية، وجزءاً من تحويل اللاجئين إلى أفواج من الفدائيين المناضلين من أجل التحرير، بحيث تجاوزت عملية صهرهم حدود القرى والنواحي التي حافظت على نفسها حتى في المخيمات. ولا شك أن المؤمنين بالكفاح المسلح طريقاً للتحرير آمنوا فعلا بطريق حركات التحرر، بما فيها الحرب الشعبية الطويلة الأمد عند اليسار، سواء أكان هذا اليسار منظماً في فصائل خاصة به، أم منتشراً داخل حركة فتح نفسها.

كان الكفاح المسلح والمؤسسات الداعمة له جزءاً مكوّناً من المشروع الوطني الفلسطيني، بغض النظر عن واقعية البرنامج السياسي الذي كان يخدمه، ومدى قدرته على تحقيق هزيمة "إسرائيل" عسكرياً. هذا مع عدم التقليل من الأذى الذي لحق بإسرائيل، وحالة الاستنفار السياسي الاقتصادي الاجتماعي التي عاشتها في تلك المرحلة، والتي لم ترتخِ إلا مع توقيع اتفاقيات السلام، من السلام الإسرائيلي المصري المنفرد، وحتى السلام الفلسطيني الإسرائيلي المنفرد أيضا، مرورا بوادي عربة.

كانت مقومات المشروع الوطني الفلسطيني الذي مثلته م. ت. ف. هي التالية:

1- التضامن العربي الحاضن لقضية فلسطين، والذي يتبنى ثوابتها الرئيسية، والذي تمثل بتأسيس منظمة التحرير وتمويلها، والسماح لها بالعمل في الدول العربية، قبل أن تبحث عن مصادر تمويلها وعوامل قوتها بنفسها.

2- واقع ومفهوم دول المواجهة، وإمكانية استخدام حدودها بدءًا بالأردن حتى عام 1970، وانتهاء بلبنان عام 1982.

3 - المخيمات الفلسطينيّة كقاعدة اجتماعية، وكمصدر بشري للكفاح المسلح.

4- اعتراف الشعب الفلسطيني في أماكن وجوده كافة بمنظمة التحرير الفلسطينيّة ممثلاً وطنياً للشعب الفلسطيني، وإن لم يكن ممثلاً شخصيا للفلسطيني كفرد، فقد اندمج بعض الفلسطينيين في بعض الدول وحمل جنسياتها.

ويمكن أن يضاف إلى ذلك ظرف الحرب الباردة وانقسام العالم إلى معسكرين، وكذلك نشوء مجموعة دول عدم الانحياز وحالة التضامن ضد الاستعمار.

التحول إلى الدولة

وبعد بوادر بانت في وسط السبعينيات، انتقل المشروع الوطني الفلسطيني، منذ العدوان الإسرائيلي على لبنان عام 1982 بشكل كامل عملياً إلى العمل على تحقيق هدف واحد، هو الدولة الفلسطينيّة في الضفة الغربية وقطاع غزة، وتحويل برنامج الحل المرحلي إلى مشروع بناء دولة، وذلك بتوجيه مصادر الدعم المختلفة إلى المناطق المحتلة عام 1967، وتعزيز بناء المؤسسات الوطنية، وتركيز الفصائل الفلسطينيّة جل اهتمامها فيها، وهو ما مكّن من الارتقاء بمظاهرات عام 1987 إلى مستوى انتفاضةٍ وطنيةٍ مدنيةٍ، عمادها المجتمع الفلسطيني على أرضه في الداخل.

وكان من مستلزمات طرح مشروع الدولة في إطار عملية سياسية دولية الاعتراف الأميركي بمنظمة التحرير، وتسديد ثمن هذا الاعتراف بالتنازل عن الكفاح المسلح؛ وكذلك الاعتراف الإسرائيلي بها، وثمنه التنازل عن الميثاق الوطني، وعن منظمة التحرير نفسها عملياً، لصالح إقامة سلطة فلسطينيّة في المناطق التي تخليها إسرائيل.

تزامنت هذه التنازلات مع صيروراتٍ غيّرت جذرياً ذلك العالم الذي نشأت فيه منظمة التحرير كمجسّد للمشروع الوطني الفلسطيني، وأهمها:

1- تقويض التضامن العربي في اتفاقية كامب ديفيد للسلام المصري الإسرائيلي، وخروج مصر من المواجهة مع إسرائيل، ومع احتلال العراق للكويت، وقيام التحالف الدولي بعضوية دول عربية،

2- فقدان آخر جبهات المواجهة بعد عدوان "إسرائيل" على لبنان عام 1982، وخروج منظمة التحرير منه.

3- تحوّل المخيم الفلسطيني من مدرسة نضالية وقاعدة للكفاح المسلح إلى أحياء فقر، تُؤوي الفلسطينيين، بكل مميزات أحياء الفقر المعروفة زائدا تهميش الفلسطينيين كغرباء.

4- أفول نظام القطبين وانتهاء الحرب الباردة.

لم تكن السياسة الفلسطينيّة السبب في هذه المتغيرات، لكنها تفاعلت معها. اختلفنا، في حينه، وكانت شقة الخلاف على اتفاقيات أوسلو عميقة. وكانت القيادة الفلسطينيّة، ومعها جزء كبير من الشعب الفلسطيني، ترى التنازل عن المشروع الوطني الفلسطيني السابق وهمياً، لأنه سوف ينتقل إلى صيغة الدولة على أرض الوطن. وكان السؤال الموجه لمعارضي اتفاقيات أوسلو "ما هو بديلكم؟". لقد بدا وكأن القيادة الفلسطينيّة هي القوة الوحيدة على الساحة الفلسطينيّة التي تملك مشروعاً، وهو مشروع الدولة.

في هذه المرحلة الجديدة، انتهى الكفاح المسلح كمكوّن من مكونات المشروع الوطني، وانفصلت المقاومة عن السياسة، بل تناقضت معها. أصبحت المقاومة المسلحة مقاومة من لا يشاركون في العملية السياسية، بل ويقفون خارج المشروع الوطني لبناء الدولة، وأصبحت مكافحة الإرهاب من ضمن مهام مشروع السلطة الوطنية وعملية بناء الدولة. وفي حالات كثيرة، أصبحت المقاومة المسلحة موجهة ضد العملية السياسية المسماة عملية السلام.

وكان ياسر عرفات آخر من حاول التوفيق بين الأمرين تكتيكياً، ولا سيما حينما وصل التفاوض إلى طريق مسدود. وقد دفع حياته ثمناً لمحاولة الجسر بين خياريْن، أصبحا متناقضين في عصر التنسيق الأمني مع الاحتلال والتزاماته. وليست مصادفة أن محاولته تكثفت بعد مأزق التفاوض، وهو المأزق المستمر حتى يومنا. فقد تبين في "كامب ديفيد" أن الاتفاق على الحل الدائم مع "إسرائيل" غير ممكن في المفاوضات الثنائية، وأن شروط قيام الدولة الفلسطينيّة التي تضعها "إسرائيل" تنفي الدولة والسيادة في الجوهر، وتجرّدها من القدس أيضاً. أما بخصوص قضية اللاجئين، فقد جرى التكتم على التسليم عملياً بعدم تحقيق حق العودة.

عندها، جرت محاولة عرفات العودة إلى المظاهرات الجماهيرية، ثم الكفاح المسلح بإقامة كتائب شهداء الأقصى، وفي بعض الحالات حتى مع حركة حماس نفسها، ليكتشف أنه ممنوع من ذلك دوليا وإقليميا، وتمردت عليه حتى محاور العملية السياسية في حركته نفسها. أصبح للعملية السياسية نفوذ داخل حركة التحرر الوطني الفلسطيني، في صيغتها الجديدة كسلطة، ونشأت نخب جديدة ترتبط مصلحياً، بل يرتبط وجودها بهذه العملية. ومنذ الانتفاضة الثانية التي اعتبرها هؤلاء كارثية، لم يهدأ فعل التناقض المدمر بين المقاومة والسياسة.

وعندما تحوّلت المقاومة إلى هوية، أي إلى قوة سياسية تعتبر نفسها مقاومة، حتى حين لا تمارس المقاومة تكرَّس، أيضاً، الانقسام السياسي، حتى بدون مفاوضات من جهة، وبدون مقاومة من جهة أخرى. وأخطر ما فيه أنه اتخذ شكل صراع هويات سياسية، وسيطرة على منطقتين يفترض أن تشكلا سويةً أرضاً للدولة الفلسطينيّة (يسميهما بعضهم شقي الوطن، وأنا لا أسميهما سوية وطناً، لأن الوطن هو فلسطين كلها، وليس الضفة الغربية وقطاع غزة).

لم تنشأ دولة فلسطينيّة، ولم تتحقق حتى مراحل الانتقال. وتوسع الاستيطان وتمدد، وواصل الإسرائيليون عملية تهويد القدس بمثابرة "يُحسَدون عليها"، حتى أصبح من الصعب التعرّف على المدينة. ووصل التفاوض إلى طريق مسدود لأسباب كنا نحن، نقّاد اتفاقيات أوسلو، نكتب عنها قبل سنوات:

1- لا يوجد أساس متفق عليه للمفاوضات. وخلافاً للحوار بين الأصدقاء، حيث الشراكة معطى أصلاً، لا تصل المفاوضات بين أعداء إلى أي نتيجة، إذا جرت من دون أساس متفق عليه. وبهذا المعنى، يجب أن يسبق المفاوضات الاتفاق الضمني بين أعداء، ولا سيما إذا كانت موازين القوى بينهما مختلّة، أي أن الحل يسبق المفاوضات، وتدور المفاوضات حول تنفيذه في الواقع. وهذا ما لم يكن قائماً، ففيما عدا المرحلة الانتقالية بقي كل شيء مفتوحاً.

2- في غياب قاعدة مشتركة، وأساسٍ متفقٍ عليه للتفاوض، جرى الارتكان إلى الولايات المتحدة، لكي تجبر "إسرائيل" على وقف الاستيطان وقبول حل الدولتين، وثبت أن الولايات المتحدة غير راغبة بذلك، أو غير قادرة عليه، أو مركب من الأمرين معاً. فتُرك الفلسطينيون فريسة موازين القوى بين المحتل والواقع تحت الاحتلال. وما الانفجارات الشعبية بعد "كامب ديفيد"، وبعد أزمة المفاوضات وسحب الولايات المتحدة يدها منها، إلا تمرد على واقع الاستفراد الإسرائيلي بالفلسطينيين.

3- قبلت السلطة الفلسطينيّة أن تأخذ على نفسها التزامات الدولة وواجباتها، من دون أن تكون دولة، بحيث تحارب "الإرهاب"، ليس في دولة ذات سيادة، بل عند شعب واقع تحت الاحتلال. وهذه مهمة مستحيلة. ولذلك، تبدو بعدها السلطة كمن لم يلتزم بالشروط، أما إذا التزمت بهذه الشروط ونالت الرضى، فلا تكافئها "إسرائيل" على ذلك بتنازلات سياسيةٍ، تحفظ ماء وجهها أمام شعبها، بل يشجع غيابُ الحالة النضالية، ونفسيةُ الاستكانة والواقعية الاحتلالَ على التمادي في بناء المستوطنات وممارسات الاحتلال المعروفة.

4- أدت المفاوضات إلى تهميش ما تبقى من تضامن عربي ودولي من القيادة التي أصبحت ترى في التضامن النضالي مع فلسطين الذي تقوم به القوى الديمقراطية في العالم أجمع مزايدة على الفلسطينيين الذين اختاروا طريق التفاوض. ومن هنا، لم تنضم السلطة إلى مطالب مقاطعة إسرائيل، واكتفت بدعم فكرة مقاطعة منتجات المستوطنات. أصبح المطلوب من أصدقاء الشعب الفلسطيني انتظار نتائج مفاوضات بين طرفين. وصارت قوى التضامن تجد في التضامن مع غزة المحاصرة ساحة لها.

وفي مرحلة ما بعد الانتفاضة الثانية، نجحت محاولات تطبيع الحياة في غيتوات الفلسطينيين في الضفة الغربية، بالتغطية على حقيقة أنه، فيما عدا أن الناس أصبحت تأخذ من البنوك قروضاً لشراء سيارات وشقق سكنية، لم يتغيّر واقع الاحتلال، ووصلت المفاوضات إلى طريق مسدود. وقد وصلت إلى طريق مسدود مع القيادة الفلسطينيّة التي اعتبرت التفاوض خياراً استراتيجيا، وخطَّأَت القيادة السابقة بشكل مضمر وسافر، لأنها لم تراهن على المفاوضات استراتيجياً، بل تكتيكيا فقط، وتخلت عنها من حين إلى آخر. جرى هذا في ظل الانفصال النفسي عن غزة المحاصرة في ثنائية "نحن" و"هم" جديدة، تداخلت فيها فتح وحماس، وضفة وغزة، وإسلامي وغير إسلامي.

مع فشل المفاوضات وتوسع الاستيطان وإعلان الولايات المتحدة أنها لا تؤثر على إسرائيل، وهو في الواقع ما تعلنه إدارة الرئيس باراك أوباما في سلوكها الذي لا يرسم أي حدود لإسرائيل، وصل المشروع الوطني الفلسطيني منذ عام 1982، وهو مشروع الدولة، إلى مأزق حقيقي.

وماذا جرى لخيار المقاومة المسلحة في المقابل؟ تحول إلى خيار يُخاض خارج إطار منظمة التحرير، وخارج العملية السياسية، بحيث لا يستخدم للتأثير بها، ولا علاقة تفاعليه بينه وبين الخيار السياسي. تمسك هذا الخيار بالثوابت الفلسطينيّة، وطرح أهدافاً ميثاقية الطابع لم تتحول إلى برنامج سياسي. لكنه حين انتقل إلى لغة البرامج السياسية، تحدث عن دولة في الضفة الغربية وقطاع غزة. أما المقاومة نفسها فأدت إلى انسحاب "إسرائيل" من قطاع غزة من طرف واحد من دون اتفاق سلام، وبإدارة الظهر لسلطة رام الله والتفاوض معها. كانت تلك فكرة شارون للتخلص من غزة، من دون أن يدفع أي ثمن تفاوضي في الضفة الغربية مثلاً.

وبعده، تحولت المقاومة إلى موضوع صراع داخلي في غزة. وحين انتصر داخلياً فرض عليه الحصار من "إسرائيل" ومصر، فتحول إلى حالة دفاع عن النفس. وكما في حالة لبنان، بعد الانسحاب من طرف واحد عام 2000، أصبحت الحرب هي الرد على عمليات المقاومة ضد إسرائيل. ولهذا، تحولت إلى استراتيجية دفاعية عن مناطق السلطة الفلسطينيّة المحاصرة في قطاع غزة. هو ردع لإسرائيل عن الهجوم، ودفاع عن القطاع في حالة الهجوم. وهو دفاع يزداد اتقانا بعد كل عدوان.

ملاحظات

حين تحدثنا عن مشروع وطني، لم نقصد الحلول المطروحة في كل مرحلة، ولا قرارات مجلس الأمن، بل قصدنا تلك المؤسسات والأدوات التي أجمعت عليها الحركة الوطنية الفلسطينيّة. تلخصت ببناء شعب ومؤسساته بصيغة حركة تحرر وطني، خلف شعار التحرير والعودة، ثم أصبح مشروع دولة بما في ذلك أدوات هذا المشروع.

ومع مأزق مشروع الدولة، ومأزق المقاومة يطرح السؤال: ما هو المشروع الذي يمكن أن تنخرط فيه قوى الشعب الفلسطيني الأساسية حاليا؟

يطرح هذا السؤال في حالة انقسام فلسطيني بين فتح وحماس، وبين الضفة وغزة. وقد جرى إقصاء الشتات الفلسطيني تماماً من أي مشاركة في مشروع شعبه الوطني. وأخيراً، تعرض الشتات الفلسطيني في سورية إلى نكبة غير خاصة بالفلسطينيين، كجزء من نكبات سورية التي لم تعد تحصى. ووصل اللاجئون الفلسطينيون في لبنان إلى حالة انسداد سياسي، يضاف إلى ظروفهم المعيشية المزرية. وانشغلت الشعوب العربية بحل مسألة الاستبداد في بلدانها، وتوقعنا أن تستفيد القضية الفلسطينيّة بشكل كامل من وجود دول عربية ديمقراطية ورأي عام عربي فاعل، لكن الثورة العربية تعثرت، وتورطت في مواجهة دموية مع ثورة مضادة، تتجلى في قوى النظام القديم من جهة، وحركات دينية متطرفة غير ملتزمة بقضايا الشعوب الثائرة ضد الاستبداد اقتحمت المشهد، من جهة أخرى.

وعبر رئيس الولايات المتحدة عن يأسه مما يسمى "عملية السلام"، بتجاهله ذكر القضية الفلسطينيّة في خطابه، في سبتمبر/أيلول 2015، في الأمم المتحدة، وذلك في مقابل حكومة مستوطنين في إسرائيل، وقادة عرب منشغلين بالحفاظ على أنظمتهم، ومنخرطين في مواجهة تهديدات داخلية وإقليمية، يحجون إلى البيت الأبيض، ولا يذكرون موضوع فلسطين في زياراتهم. ولا يهمهم سوى استمرار عملية السلام، لكي يبعد عنهم إزعاج هذه القضية، ولو إلى حين.

في هذه الحالة المتردية، نشأت نقائض لعوامل الضعف:

1- ينضج إجماع دولي غير مسبوق على عدالة قضية فلسطين، على الرغم من تهميشها على الأجندات الدولية التي تقررها الدول العظمى.

2- يتواصل الشباب الفلسطيني، بوسائل مختلفة عابرة لأماكن وجود هذا الشعب بين غزة والضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية وفلسطينيي أراضي عام 48 والشتات. وقد وصل هذا التواصل إلى درجات غير مسبوقة. ولكنه تواصلٌ غيرُ موجه منساب خارج أطر ومؤسسات حركة وطنية، ولم يصل إلى درجة بناء الأطر والمؤسسات العابرة للحدود بنفسه بعد. وهي كما يبدو لي مهمة لا بد منها.

3- تبين أن خيار المقاطعة يؤثر على إسرائيل، ويمكن تسويقه على مستوى الرأي العام الديمقراطي في عالمنا.

4- أثبت انفجار الغضب الفلسطيني، أخيراً، أن جيل ما بعد أوسلو الفلسطيني لم يصبح جيلا متقبلاً أوضاع ما بعد "أوسلو"، وما زال يحلم بزوال الاحتلال، ويعتبر الشعب الفلسطيني شعباً واحداً، ولم تنطفئ فيه جذوة النضال. وبمنظور تاريخي، ما زالت الاستمرارية التاريخية للقضية الفلسطينيّة العادلة تتجلى في أن كل جيل فلسطيني يبدع وسائل نضاله، وانتفاضته، إذا شتئم. ولا يقبل أي جيل فلسطيني أن يمرّ في هذا العالم مثل سحابة جافة، من دون أن يروي هذه الأرض، ومن دون أن يترك بصمته في رفض الاحتلال على أرض فلسطين.

وأعرف بشكل مباشر عدم ارتياح بعضهم لبعض الأساليب المتبعة، لكن الشعب الواقع تحت الاحتلال ليس شركة تأمين للمحتل، وصوت نقد الأساليب لا يسمع في غمرة فرح الفلسطينيين والعرب، واندهاشهم من أن ثمة شباب فلسطيني مستعد للنضال في هذه الظروف الإقليمية، التي تغطي فيها دموية القمع العربي على القمع الإسرائيلي. ويؤكد ذلك أن قضية فلسطين لا تقاس بعدد القتلى والجرحى وصنوف القمع التي تمارس، فهي، أولا وقبل كل شيء، قضية وطن سلب في عملية سطو مسلح استعمارية. وتنبع مركزيتها من أنها متلاحمة مع ما اعتبره المسألة العربية ومع المسألة اليهودية عالمياً. والتحدي هو في تحويل هذه المركزية إلى عامل قوة، بعد أن كانت عامل تعقيد وضعف.

والحالة النضالية في فلسطين (سموها ما شئتم، هبة، أو انتفاضة، أو أي تسمية أخرى تنصفها) تزعج "إسرائيل" مجتمعاً واقتصاداً وتؤثر عليها. ولا يجوز أن يستمر الاستيطان وتهويد القدس من دون حالة نضالية في مواجهته.

وتاريخياً، لم يوضع حد للاستيطان الإسرائيلي إلا خلال سنوات الانتفاضات، لكنه عاد وانتشر كالفطر بعد كل انتفاضة. ومن هنا، فإن أسئلة مثل "ماذا بعد الانتفاضة؟ وما مطالبها؟" هي أسئلة جوهرية لا يجوز أن تنكأ وتشعر بالحرج أمام المزايدات. ويجب أن تلح على جواب لدى القيادات القادرة على تأطير سياسي لهذه الحالة النضالية في الداخل والخارج. يجب أن تمثّلها أطرٌ لا تخشى أن تقول إنها معها وتدعمها، ولا تتدخل فقط لتنتقد "إسرائيل" على إطلاق النار على من تدعي أنه جاء للطعن... ثمة حاجة لإطار يمثل هذه الحالة النضالية، وهذا يعني دعمها والحديث باسمها ووضع مطالب لها، وتطويرها أيضا.

نشبت هذه الحالة النضاليّة الأخيرة على خلفيّة تحويل القدس العربيّة إلى غيتو عربي في مدينة يهوديّة، ووصول التمادي الإسرائيلي إلى حدَّ محاولة إحداث تقسيم زمني للمسجد الأقصى، في غفلة من العرب والعالم، واستمرار تنفيذ خطة استيطان مكثّفة، تهدف إلى ضم ما سمّي في عملية أوسلو المنطقة (ج) إلى إسرائيل، في الواقع والفعل. وقد تطرّقت لهذا كلّه في محاضرتي بالعنوان نفسه، في 7 ديسمبر/كانون أول 2013.

ولم تشكّل مغادرة المفاوضات مؤقتاً إلى المنظمات الدوليّة فارقاً كبيراً، وإن استجمعت السلطة شجاعتها لمخالفة منطق المفاوضات الثنائيّة، فقد بقيت "إسرائيل" مطمئنة إلى استمرار التنسيق الأمني، وهذا الأهم بالنسبة لها. ويبدو لي أنّ لحظة الحسم بين مواصلة العمل السياسي تحت سقف السلطة الفلسطينيّة وتجاوز هذا السقف، تقترب. وما زال في وسع السلطة التعايش مع الانتفاضة الحالية، من دون إجراء هذا الحسم، لأنّها تقوم على ما يمكن اعتباره أمام العالم أعمالًا فردية ناجمة عن إحباط ويأس، وأنها ليست عملاً منظماً من القيادة الفلسطينيّة، ففي لحظة الإعلان عن تنظيم العمل النضالي المعادي للاحتلال من القيادة الفلسطينيّة نفسها، تنتهي امتيازات السلطة هذه تحت الاحتلال، ونعود إلى حالة ياسر عرفات في ظل الحصار. ويبدو لي أن السلطة تميل عموما إلى التهدئة.

فقوام سياستها الحالية هو ما استنتجَته من تجربة الانتفاضة الثّانية من عبر ومغازٍ. ولكن، إذا بقيت الانتفاضة الحاليّة على حالها، وأُنهكت من دون تحقيق مطالب عينية محددة، وبعودة رسميّةٍ فلسطينيّة إلى شكلٍ من أشكال التفاوض، نكون قد عدنا إلى اللعبة السياسيّة نفسها، لكن بأوراقٍ أقل. وهذا لا يجوز.

يصعب تصوّر انتفاضة شاملة ضدّ الاحتلال، من دون موقفٍ واضحٍ من القيادات الفلسطينيّة، بدءاً من وقف التنسيق الأمني، وانتهاءً بالمواجهة مع الاحتلال. ونحن نعلم أنّ هذا يعني خياراً جديدًا تماماً مختلفاً عن خيار المفاوضات. لقد جرّبت السلطة كل تكتيكات التفاوض الممكنة، ووصلت إلى ما وصلت إليه، حين تمسكت بالانسحاب إلى حدود الرابع من حزيران، وأعلنت أنّها غير قادرة على الالتزام بالاتفاقات مع إسرائيل، وذلك من دون أن تعلن نهاية هذه الاتفاقيات، أو تتوقف عن ممارسة التزامها بها، بدءاً من التنسيق الأمني.

عند هذه النقطة ، خرج الشباب إلى الشارع، في حين رابطت السلطة في موقفٍ غائم. إذ لا يصدّق أحد التهديد الفلسطيني الذي يلوّح باحتمال عدم الالتزام بالاتفاقيات مع إسرائيل، فحتى هذا لم يصاغ بلغةٍ تصعيديّة، بل بلغة مناشدة العالم أن يفعل شيئاً، قبل أن تضطر السلطة إلى عدم الالتزام، ومع تكرار الالتزام بطريق المفاوضات والحل السياسي، قبل كل كلمةٍ يمكن أن يُشتَمُّ منها رائحة تهديدٍ، وبعدها.

قلنا، إذًا، أنّ تصعيد الحالة النضاليّة في الداخل وتحويلها إلى مواجهة شاملة مع الاحتلال تتطلّب، في نهاية الأمر، قراراً واضحاً من القيادة الفلسطينيّة. وهي، إذا قررت ذلك، سوف تحتاج إلى إطار جامع للفصائل الفلسطينيّة.

ومن دون مثل هذا القرار، وفي الوضع الراهن، لم يعد أحد يصدّق أنّه ثمّة احتمالٍ لمصالحةٍ فلسطينيّة. فقد اتضح لأي فلسطيني متوسط أنّ المصالحة بين سلطتين في كيان سياسي واحد غير ممكنة. ولكل منهما عراقيلها الداخلية ومخاوفها. إن المصالحة الفلسطينيّة في الوضع الراهن غير واردة برأيي، ويمكن تصورها فقط إذا سبقها التخلي عن فكرة السلطة وواقعها، لصالح مقاومة الاحتلال، وفتح مسألة الحلول من جديد لمفاوضات جديدة على أسس واضحة تماماً، بعد أن تكون "إسرائيل" والولايات المتحدة قد استنتجتا حتمية إحقاق حقوق الشعب الفلسطيني. أمّا المراوحة في طريق المفاوضات حالياً فلا يعني سوى وجود سلطة تحت الاحتلال، وأصبحت السلطة سلطتين، ووجود سلطتين يعني عدم إمكانيّة المصالحة بينهما.

ومع ابتعاد حلم الدولة الفلسطينيّة، خرج الشباب الفلسطيني لمقاومة البديل الحقيقي الذي تمارسه إسرائيل، وهو ليس الحوارات حول الدولة الواحدة، بل سياسة الضم بتهويد القدس، وتوسيع الاستيطان في أجزاء كبيرة من الضفّة الغربيّة، وترسيخ حالة كيانٍ منفصل في غزّة، وتحويل السلطة الفلسطينيّة إلى "بانتوستان"، يتألف من جزر منعزلة، وهو ما توقعناه، بُعيَد توقيع اتفاقيات أوسلو والقاهرة، وباستخدام هذه المفردات عينها.

لقد احتل جهاز الأمن الفلسطيني مكان الفصائل الفلسطينيّة المسلّحة، عموداً فقرياً للمشروع الوطني الفلسطيني، وتغيّرت عقيدته، في السنوات الأخيرة، من اعتبار "إسرائيل" هي العدو إلى اعتبار "الإرهاب" هو العدو. وأثبتت التجربة أنّه قابلٌ للدخول في صدام مع أي تخطيط لمواجهة إسرائيل، وحتى مع المتظاهرين الفلسطينيّين ضدّ الاحتلال. فمنطق وجود السلطة الفلسطينيّة الحالي وبنيتها يقودان، بالضرورة، إلى ذلك، وتعزّز ديناميكيات الانقسام الفلسطيني القائم هذا المنطق. ولذلك، احتمال التصعيد الجدي ممكنٌ فقط مع مغادرة اتفاقيات أوسلو بإعلان نهايتها. وتجاوز سقف السلطة الحالي والاستفادة، في الوقت نفسه، من تجربة حصار ياسر عرفات، وتجربة حركة حماس أيضًا التي تجد نفسها الآن في حالة حصارٍ، بعد أن أصبحت المقاومة وسيلة للدفاع عن النفس، وذلك بتجنب كل ما يمكن أن يؤدي إلى حالة الحصار هذه. فحالة الحصار تنقل الفلسطينين من النضال لتحقيق حقوقهم إلى الدفاع عما هو قائم.

ثمة جبهات صراع أساسية مع "إسرائيل" والصهيونية في هذه المرحلة: 1. الصراع ضد الاحتلال والتوسع الاستيطاني في الضفة الغربية، بما فيها القدس. 2. الصراع ضد محاصرة قطاع غزة، وتحويله إلى معسكر اعتقال كبير، ومحاولات فصله عن الضفة الغربية. 3. الصراع ضد السياسة العنصرية في "إسرائيل" نفسها والصدام معها على محورين: المواطنة المتساوية كنقيض للصهيونية، والحقوق الجماعية للمواطنين العرب داخل الأراضي التي احتلت عام 1948، وتزداد أهمية هذا الصراع باستمرار، فهو يجابه الصهيونية على ساحةٍ اعتقدت أنها تحتكرها، كدولة تقدم نفسها دولة ديمقراطية، كما يؤكد على الاستمرارية العربية على أرض فلسطين التاريخية. 4. الصراع على المستوى العالمي مع "إسرائيل" دولة فصل عنصري استيطاني.

تتكامل جبهات الصراع هذه، ويدار الصراعان الأخيران، كل بمنطقه وديناميكيته الخاصة.

عوامل مساعدة

ندرك جميعًا الحالة الصعبة التي يمر فيها الشتات الفلسطيني، في سوريّة ولبنان خصوصاً. هؤلاء الذين عادت بهم الظروف إلى مرحلة ما بعد عام 1948 مباشرة، أي ما قبل تنظيم حركة التحرر الوطني الفلسطيني. وتلح الحاجة لتنظيم تضامن حقيقي معهم، بحيث لا يتجاهل آلام الشعوب التي يعيشون بين ظهرانيها، والتي تقاسموا معها السعة وأيام الضيق، وأقصد تحديدًا حالة سوريّة، حيث عاش الفلسطينيون مع الشعب السوري في الحلو والمر.

لقد اجتاحت المشرق العربي حرب أهلية، نتيجة رد النظام العربي القديم بالقوة والعنف على مطالب التغيير والإصلاح التي رفعتها الشعوب، وتسلل منظمات متطرفة غير ملتزمة بقضايا ثورات الشعوب، من باب ضعف الدولة. ولم تؤد هذه الحرب الأهلية المشرقية إلى تحسين صورة "إسرائيل" عالميًّا، بل حصل العكس. فالرأي العام العالمي ضاق ذرعاً بديمومة الاحتلال الإسرائيلي وممارساته العابرة للحقب التاريخيّة، في زمن الحرب الباردة وبعدها، وبوجود التضامن العربي وفي غيابه، وقبل الثورات العربيّة وبعدها. وكأن كل شيء يتغيّر إلا تعنت إسرائيل.

أصبح العالم أقل استعدادًا لتقبل القمع والاحتلال الإسرائيليين، وأكثر تفهماً للشعب الفلسطيني. ومن الضروري عدم تفويت الفرصة لتوسيع نطاق شبكة أصدقاء الشعب الفلسطيني والتضامن مع القدس وغزّة، ومع نضال الشعب الفلسطيني ضدّ الاستيطان في الضفة الغربية، ومع الفلسطينيين في المخيمات، ولاسيّما في سوريّة ولبنان. وسوف يكون على الشباب الفلسطيني في الشتات الذين أوجه لهم الآن الحديث مباشرة، الانخراط في هذه الحملات، ولاسيّما حملة المقاطعة ضدّ إسرائيل. وفي ظل الاتقسام، يتطلع الشعب الفلسطيني إلى أي جهد يوحده، حتى لو كان جهداً رياضياً أو غنائياً، ولا شك لدي أن الشباب الفلسطيني قادر على الاطلاع بالمهمة خلف حدود الانقسام الفلسطيني.

وقد علمتنا التجربة الفلسطينيّة وتجربة الثورات العربيّة أنّ مواجهة "إسرائيل" على المستوى العالمي، والتي تعتاش فيه على فكرتي "الديمقراطيّة الوحيدة في الشرق الأوسط" و"احتكار دور الضحيّة"، تتطلّب بلورة خطاب ديمقراطي.

يتعذر خوض نضالٍ ديمقراطي أمام الرأي العام العالمي يطالب بمقاطعة إسرائيل، كنظام "أبرتهايد" استيطاني احتلالي، من دون خطابٍ فلسطيني ديمقراطي. ولا يمكن فعل ذلك بخطابٍ يعتبر أنظمة الاستبداد العربي تقدميّة، ويعتبر الشعوب المطالبة بالحريّة والكرامة في أوطانها رجعيّة، ويتعامل مع حكومة روسيا صديقة اليمين الأوروبي المتطرف واليمين الإسرائيلي كأنها "الاتحاد السوفييتي صديق الشعوب".

لكي تكون لنا مصداقيّة في النضال ضدّ زيف الادعاءات الإسرائيليّة حول ديمقراطيتها، علينا أن نكون نحن ديمقراطيين ومتفهمين لنضال الشعوب الأخرى من أجل الديمقراطيّة. لا يمكن لفلسطينيٍّ أن يظهر أمام الرأي العام العالي مدافعاً عن حقوق الشعب الفلسطيني، في الوقت الذي يتجاهل فيه حقوق الشعوب الأخرى، أو يناصبها العداء، ولو كان ذلك على مستوى الخطاب فقط، فهذا يضرُّ بقضيته. كما لا يمكن مواجهة الاستخدام الإسرائيلي للدين والنصوص الدينية في الاستيطان وتهويد القدس، واجتذاب كل مهاويس التعصب الديني إلى بلادنا، للاستيطان فيها، اعتقادًا منهم أنّهم يحيون ماضياً مجيدًا على أراضٍ خاربةٍ وخاوية، أقول لا يمكن مواجهة هذا بخطابٍ ديني مقابل. قد يصلح هذا لتحشيد التضامن مع الأقصى، لكنّه لا يصلح لكشف زيف الادعاءات الديمقراطيّة الإسرائيليّة في الغرب، وفضح اللب الديني الأصولي تحت القشرة الديمقراطيّة الإسرائيليّة.

هذه بعض الدروس الناجمة عن تعقيد قضية فلسطين وعالميتها الناجمة عن تشابكها مع المسألة اليهودية، وما أسميها المسألة العربية، الأمر الذي وضع في وجه الشعب الفلسطيني عقبات وتحدياتٍ لم توضع في طريق شعب يُناضل للتحرر الوطني والاستقلال. فلم يطلب من أي شعب آخر تلبية مثل هذه الشروط، لكي يمارس السيادة على أرضه. والتفكير أعلاه هو من نوع الاجتهادات المطلوبة لتحويل مركزية فلسطين هذه من نقطة ضعف إلى عنصر قوة.

المصدر: العربي الجديد