من أخطر تداعيات «الوطني»...
بقلم: يوسف رزقة
استقالة عباس، ودعوة المجلس الوطني للانعقاد، حدثتا بين عشية
وضحاها، على خلاف طبع عباس في التمطيط والتسويف. في ٢٠١١م اتفقت الفصائل مع عباس على
عقد اجتماعات متوالية للإطار القيادي للمنظمة من أجل إصلاح المنظمة وإعادة إعمارها.
الرئيس عباس تولى المسئولية عن دعوة الأمناء العامين، ولكنه لم يدعهم في خمس سنوات
غير مرة واحدة، وكان يقابل كل دعوة منهم وبالذات من حماس والجهاد والشعبية بالتسويف
والتمطيط والسخرية، لأنه لا يؤمن بفكرة إصلاح المنظمة، وإذا كان مؤمنًا بها فإنه لا
يؤمن بشراكة الأمناء العامين في عملية الإصلاح والترميم، لأنه يريد منظمة بمقاسه، ومقاس
فتح، لا أكثر ولا أقل.
إن أخطر ما في دعوة عباس الأخيرة لانعقاد المجلس بعد أن خطط
لاستقالة عشرة من التنفيذية، ليضمن انعقادًا عاجلًا للوطني، يكمن في أن عباس يصادر
على مستقبل منظمة التحرير، ويصادر على مشروع إصلاحها بمشاركة الفصائل المقاومة التي
تعمل من خارجها، لأنه هو نفسه لا يؤمن بدور أو بشراكة لفصائل المقاومة، ويحسب ألف حساب
للقوة التي تتمتع بها حماس والجهاد الإسلامي إذا ما دخلتا المنظمة وعملتا من داخلها،
ويحسب ألف حساب لتداعيات هذا الدخول الذي تعترض عليه (إسرائيل) وأمريكا ودول عربية
معروفة بعدائها للمقاومة الفلسطينية.
ومن تداعيات هذا الاستبداد والتفرد بالقرار, الخطيرة, أنه
يعيد فكرة البحث في (إطار بديل) إلى الواجهة، ويجعله مطروحًا على طاولة الفصائل التي
ترفض استبداد عباس والسيطرة التاريخية لفتح على إطار يوصف في أدبيات العمل السياسي
أنه الممثل الوحيد للشعب الفلسطيني، حيث يصبح هذا الوصف بغير مدلول، وفي غير مكانه،
حيث ترفض الفصائل من خارجه الاعتراف به مضطرة. ومعلوم للجميع أن من قواعد العمل أن
الضرورات تبيح المحظورات، وأن الشعوب الحية ترفض الاستبداد، وفي ظني أن الشعب الفلسطيني
هو من أكثر الشعوب العربية رفضًا للاستبداد.
ومن تداعياته أيضًا على (جبهة اليسار( المشاركة في المنظمة،
وأعني هنا (الشعبية والديمقراطية) أن عباس يضعهم بين المطرقة والسندان، فهو من ناحية
لم يشاورهم، واعتبرهم كمًا مهملًا لا يجدر مشاورته، وهم إذا قبلوا بالأمر الواقع وحضروا
اجتماعات الوطني في سبتمبر لكي يحافظوا على تمثيلهم فيه، أغضبوا قواعدهم أولًا، وحماس
والجهاد ثانيًا، وتنكروا لمبادئهم التي تدعو إلى إصلاح المنظمة ثالثًا، وإنهاء الانقسام
وإنجاز المصالحة رابعًا. وإذا استنكفوا ولم يحضروا غضب عباس، وخسروا هم تمثيلهم، وأمورًا
أخرى يعلمونها. لذا قلنا هم بين المطرقة والسندان. ومن ثمة يعاني قرارهم التردد والحسابات
الكثيرة والثقيلة، ولسان حالهم يقول: إن عباس ثقيل الظل، ولا يهتم بغير نفسه، ومن عادته
إهمال الآخرين. ومع ذلك ليس أمام "اليسار" غير رفض المشاركة، والنأي بالتنظيم
عما يجري من خلف ظهورهم.
المصدر: فلسطين أون لاين