مواقع التواصل الاجتماعي مفجرة الثورات ماذا قدمت لقضية اللاجئين وحق العودة؟ صفحة مخيم اليرموك نيوز نموذجاً
بقلم: فايز أبو عيد
بات من نافل القول أن من يملك وسائل الإعلام والتكنولوجيا الحديثة يملك القول الفصل في الحروب الباردة والساخنة، وهذا ما ينتهجه الكيان الصهيوني في سيطرته على وسائل الإعلام الكبرى لإمرار مشروعه الإحلالي. لذلك، كان لزاماً علينا أن نواجه هذا الكيان بالسلاح نفسه الذي يستخدمه. إنه سلاح المعرفة والصحافة الجديدة، أو ما يعرف بـ(نيو ميديا). وبما أننا نعيش اليوم زمن التكنولوجيا والاتصالات التي حولت العالم إلى قرية صغيرة، فالإنترنت والفضائيات ومواقع التواصل الاجتماعي كالتويتر، والفاسبوك، يوتيوب... وغيرها، خرقت الحدود وجلبت لنا العالم ووضعته بين أيدينا، وجعلته قرية كونية صغيرة يرتبط أفرادها بعضهم ببعض عبر صفحات شخصية تعبّر عن آرائهم وأفكارهم وميولهم. فالمتتبع للمواقع الإلكترونية يجد أن هناك آلاف الصفحات التي تناولت القضية الفلسطينية، بما فيها قضية اللاجئين الفلسطينيين. لكن السؤال الأهم هو: كيف يتعامل الفلسطينيون مع هذه المواقع؟ وماذا قدموا لقضية اللاجئين؟ وهل حققت هذه المواقع والصفحات الهدف المرجو منها؟ أم أنها كانت مجرد إضافة رقم وموقع جديد لا يُغني ولا يسمن. بهذه الكلمات بدأ فريق عمل (اليرموك نيوز) حواره لمجلة "العودة".
المدون الإلكتروني محمد زغموت، رأى أنه في ظل الطفرة التكنولوجية التي ألمّت بالعالم من دخول تقنيات جديدة، وفي ظل التطور الذي يحققه موقع الفاسبوك من تواصل اجتماعي، كان لا بد من أن نفكر باستخدام هذه التكنولوجيا لنقل صورة أفضل عن المخيمات الفلسطينية وعن القضية الفلسطينية وإسماع صوتنا للعالم، وخاصة أن أغلب الشباب العربي بدأ يتجه إلى الشبكة العنكبوتية ومواقع التواصل الاجتماعي التي أثبتت فاعليتها وجدواها في التواصل والتأثير بالناس. وخير دليل على ذلك ما حققته هذه المواقع من إنجازات أثمرت لاحقاً مفعولاً كبيراً، وخاصة في الثورات بالعالم العربي.
أما عن نشأة الفكرة والهدف منها، فقال زغموت: "إن أصل الفكرة بدأت من اقتراح للأستاذ أحمد الزين ـ وهو شاب فلسطيني يقيم في الإمارات العربية ـ بإنشاء صفحة على الفاسبوك تُعنى بأمور مخيم اليرموك وأخباره وشؤونه، لتغطية كل المناحي الحياتية للاجئين الفلسطينيين، حيث تُعرَض من خلالها مشاكل فئة الشباب اللاجئ في المخيمات الفلسطينية. كذلك فإنها تمثّل همزة وصل في ما بينهم بكافة أطيافهم وألوانهم، بهدف زيادة التنسيق وتقريب وجهات النظر للقيام بعدة أنشطة وفعاليات في المخيمات. هذا على الصعيد الداخلي. أما على الصعيد الخارجي، فهي لنقل صورة إيجابية مشرفة عن مخيمنا إلى أهلنا في بلاد المهجر، وخصوصاً أبناء مخيم اليرموك المقيمين في الدول العربية والغربية، أضف إلى ذلك توصيل رسالة مفادها ضرورة البدء بمحاولة معالجة الآثار السلبية والظواهر السيئة التي يمكن أن تنتشر في اليرموك.
بدوره، أكد المدون محمد عابورة أن تسمية الصفحة باسم (مخيم اليرموك نيوز) هي نتيجة لما قدمه المخيم من تضحيات جعلته من رواد العمل النضالي في القضية الفلسطينية. وأضاف عابورة: "إننا نسعى من خلال هذه الصفحة إلى إبراز الوجه الجميل والحضاري والثقافي والنضالي في مخيم اليرموك، هذا المخيم الذي يقطنه أُناس عانوا مرارة الغربة وألم اللجوء وضاقت بهم أحوالهم لبعدهم عن الوطن الأم، أشخاص مارسوا التجربة النضالية بكافة جوانبها وأبعادها. لكل ذلك، أخذنا على عاتقنا مبادرة صفحة على الفاسبوك مخصصة لمخيم اليرموك وثقافة العودة والحنين إلى فلسطين.
وعن آلية إدارة الصفحة، قالت المدونة نور رشدان: "إننا نعتمد في إدارة الموقع على مجموعة من المسؤولين عن الصفحة، عددهم ستة أشخاص، نتناوب معاً على إدارتها، بحيث نستطيع أن نغطي أخبار المخيم على مدار 24 ساعة متتالية. ونعمل أيضاً من خلال صفحة أخرى على إدارة الموقع مع مجموعة من الفريق التطوعي، حيث نعرض كل ما هو جديد في مخيم اليرموك، ونعرض كل المشاركات والخواطر والأشعار التي تتكلم على الوطن الأم، ثم نرفعها على صفحة المخيم، ونراقب الأداء يومياً من خلال إحدى الصفحات المغلقة التي تخص فقط الأعضاء المسؤولين عن إدارة الصفحة. وأردفت رشدان قائلة: لقد واجهنا في البداية صعوبات جمة تجلت في عدم قدرتنا على تغطية كافة مساحة مخيم اليرموك لقلة أعضاء فريق العمل التطوعي، ولكن بعد ذلك اجتزنا هذه العقبة وكونا فريق عمل تطوعي من كافة شباب مخيم اليرموك الذين قاموا بتغطية كافة أخبار المخيم. والحمد الله، اليوم بعد مرور عام على إطلاق الصفحة، وصل عدد المشتركين إلى 7500 شخص.
من جهته اختلف المدون خالد عمر مع الرأي القائل إن عالم الفاسبوك هو عالم افتراضي، ولا يمكن أن يتجسد في العالم الواقعي، وأكد أن الدعوات التي أُطلقت على الفاسبوك في الدول العربية كان نتيجتها ذاك الربيع العربي، وهذا دليل قاطع على أن مواقع التواصل الاجتماعي لها أثرها الكبير على أرض الواقع. وأضاف: نحن في صفحة مخيم يرموك نيوز كانت لنا تجربة في ذلك؛ إذ كنا أحد جناحي التنسيق في صفحة شباب الانتفاضة الفلسطينية الثالثة. ومن اللافت للنظر أننا كنا نعمل على الهدف نفسه، ولكن عبر مجموعتين منفصلتين. المجموعة الأولى تعمل باسم مخيم يرموك نيوز، والمجموعة الثانية تعمل باسم شباب الانتفاضة الفلسطينية الثالثة. وهنا لا بد من أن أذكر أن الفضل في توحيد العمل بين الفريقين يعود للشهيد عبيدة زغموت، الذي كان يعمل في الإمارات. عبيدة وحّد جناحي العمل في الصفحات الفلسطينية، وعرّفنا إلى المجموعة الثانية التي كانت تعمل في هذا المجال. انتقلنا بعد ذلك إلى نشر دعوات لرفع الأعلام الفلسطينية على شرفات المنازل والمحالّ وأسطح المباني، وإلى لبس الكوفية الفلسطينية في ذكرى يوم الأرض وحتى ذكرى النكبة 15/5/2011، وما تلا ذلك من أمور بعد 5/6/2011 مؤسفة في المخيم، فقمنا على الفور من خلال الصفحة بتوجيه نداء إلى أهالي المخيم نناشدهم فيه تهدئة النفوس حتى لا نضيع فرحة أهالي الشهداء، وحذرناهم من أن لا يكون المخيم وأبناؤه جزءاً من أي مشروع يستهدف اللاجئين والنيل من قضيتهم.
أما المدون محمد يحيى، فرأى أن صفحة (اليرموك نيوز) وغيرها من الصفحات في مواقع التواصل الاجتماعي حققت الهدف الذي أنشئت من أجله، وعارض فكرة أن يكون الانجذاب الهائل للفلسطينيين نحو الفاسبوك هو فقط نتيجة انبهارهم بتلك التكنولوجيا. ودحض مقولة أن استخدامهم لهذه التقنية لم تتجاوز كثيراً التواصل الاجتماعي والترفيه. وأشار محمد يحيى إلى أن هناك صفحات قد تكون وضعت للترفيه والتسلية، إلا أن هناك صفحات جادة ومحترمة حملت الهمّ الوطني الفلسطيني وعالجت الكثير من القضايا المهمة، وعلى رأسها قضية اللاجئين والقدس والاستيطان، وفضحت الأفعال المستمرة التي يمارسها الكيان الصهيوني بحق أبناء شعبنا الفلسطيني. وشدد يحيى على أن الفاسبوك قام بدوره في التواصل الاجتماعي ما بين الكوادر الفلسطينيين الموجودين في أغلب المناطق الفلسطينية، بالإضافة إلى دوره في تنسيق الأمور الفلسطينية؛ فنحن في صفحة (اليرموك نيوز) نسقنا في الفترة الماضية مع بعض الصفحات من أجل الانتفاضة الفلسطينية الثالثة، واليوم نخوض حرب الأمعاء الخاوية، معركة الأسرى، حيث جرى التنسيق بيننا وبين أغلب الصفحات الفلسطينية الموجودة في الفاسبوك لدعم قضية الأسرى في معركتهم (معركة الأمعاء الخاوية). وكذلك ننسق مع صفحة شباب العودة للقيام بأنشطة متزامنة في المخيمات والتجمعات الفلسطينية على امتداد العالم. أما في مسيرة العودة الأولى، فكانت صفحتنا المرجع الإخباري الوحيد الموثوق على الشبكة العنكبوتية.
وعن أهمية وسائل الإعلام والمواقع الإلكترونية في التعريف والدفاع عن قضية اللاجئين الفلسطينيين في الداخل والخارج، قال المدون محمد زغموت: إن حربنا مع العدو الصهيوني باتت مشرعة على كل الأبواب، والكيان الصهيوني يدرك خطورة هذه المواقع وتأثيرها عليه. لذلك، أولت سلطات العدو أهمية كبيرة لكل ما ينشر على صفحات الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي بخصوص القضية الفلسطينية، حتى إنها ضغطت على مديري مواقع التواصل الاجتماعي لإغلاق أي صفحة تفضح جرائمها، تحت ذريعة معاداة السامية. وخير مثال على ذلك صفحة مسيرة العودة 15/5 التي أُغلقت عشرات المرات بطلب من سلطات العدو الصهيوني. واشار زغموت إلى أن صفحة (اليرموك نيوز) تعرضت للعديد من محاولات الاختراق والدخول إليها من قبل المستعربين اليهود ومجموعات صهيونية، إلا أننا قمنا بتحصينها من هذه الهجمات، وهنا استشعر فريق عمل إدارة صفحة (اليرموك نيوز) بأن استهداف الصفحة هو استهداف لكل اللاجئين الفلسطينيين. وأضاف زغموت: نحن بدورنا قمنا من خلال تواصلنا مع مجموعات فلسطينية وعربية تعمل في مجال الهاكر بإنشاء ما يسمى "الجيش الفلسطيني الإلكتروني"، فقمنا باختراق ونسف عدد من الصفحات لكبار رجال الأعمال "الإسرائيليين"، واخترقنا كذلك موقع لحجوزات الطيران "الإسرائيلي" وعطلناه عدة أيام، ما كبده خسائر كبيرة.
ولدى سؤالي عن طموح إدارة صفحة (اليرموك نيوز) المستقبلية، أجاب الجميع بعفوية: إننا نطمح إلى تأسيس صفحة جامعة لكل اللاجئين الفلسطينيين في أماكن وجودهم، وإلى التعاون والتنسيق مع كل الفاعليات والنخب الفلسطينية في دول اللجوء، من أجل إدارة صفحة موحدة تحت عنوان (مخيم نيوز) أو (لاجئ نيوز)، علّ الفاسبوك يجمعنا ويوحد جهودنا من أجل العودة إلى فلسطين.
المصدر: مجلة العودة – العدد الخمسون