موقف فتح من زيارة أردوغان
بقلم: د. حسن أبو حشيش
ما أن تم الإعلان عبر الإعلام عن احتمالية زيارة رجب
طيب أردوغان لقطاع غزة نهاية شهر مايو المُقبل حتى قامت ثورة حركة فتح والسلطة في الضفة
وحتى الآن لم تقعد. وعادت الأسطوانة المشروخة أن هذه الزيارة تمس بوحدانية التمثيل،وأنها
تُكرس الانقسام. موقف فتح ليس غريبا وليس جديدا, فهي لا ترى إلا نفسها ولا تعترف بغيرها،
ومازالت غير مقتنعة بأن سلوكها وموقفها هو من سبب الانقسام، ومازالت لم تدرك أن لها
شريكا،وتخشى من الحوار والتعاون.
وموقفها تكرر مع زيارة أمير قطر من قبل، وتكرر مع زيارة
وزراء مصريين، وأبطلت زيارة الرئيس التونسي... واعتبرت كل ذلك تعزيزا للانقسام, وتعديا
على الشرعية. وفي نفس الوقت تعتبر إقصاء الكل الفلسطيني من المشهد الدولي لا يعزز الانقسام،واستقبال
زعماء العالم بما في ذلك أوباما وكيري تثبيتا للشرعية, هذا استعلاء حزبي، وكبرياء سياسي،
وتزوير للمشهد الانتخابي، ومعاكسة لموازين القوى في الميدان, فلا ندري ما هو المُستند
القانوني والسياسي والنضالي الذي تستند إليه فتح حتى اللحظة في استمرار احتكارها للتمثيل
الفلسطيني ؟! ولو أن القوى تتفق على قيادة فتح ومنهجها وبرنامجها السياسي فعلام الخلاف
والانقسام، وما سبب الفرقة والتباين ؟! إن فتح غير متفقة داخليا، وتياراتها متناحرة
عبر الإعلام وفي الميدان، فهي لا تثق بنفسها ولا بقياداتها... فكيف تقبل على نفسها
فرض ذاتها على الكل الفلسطيني وفرض الوصايا.
ثم لا ندري كيف نُفسر هذا التحريض على قطاع غزة وعلى
حركة حماس، وفتح تُعلن وتتغنى ليلا ونهارا أنها مع المصالحة،وتطالب حماس بتطبيقها ؟!
هذا مؤشر لا يُبشر، ولا ينم عن تغيير في النوايا والمقاصد،ودليل على التوظيف السيئ
من قبل فتح للمُصالحة، حيث تثبت يوميا أنها تسعى إلى استرداد قطاع غزة إلى حضنها وحكمها،
وتُخرج غيرها من المشهد السياسي الحاكم.الأمر لا يستقيم البتة مع الشعارات الرنانة
التي تغرق فتح السوق بها.
موقف فتح يتطلب بصورة جلية وواضحة من كل الأطراف أن يفتحوا
ملف تمثيل الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج،والاتفاق على معيار ديمقراطي سليم، وإلى
حين على فتح أن تُلجم نفسها،وتقدم بوادر حسن نوايا والتي تفتقر إليها من أول يوم لنتائج
انتخابات عام 2006م.
وإن لم تتعظ فتح فأتوقع تهورا إعلاميا لا يليق من قياداتها
تجاه تركيا ورئيس وزرائها، كما حدث مع قطر، وستضطر في النهاية للاعتذار والمدح، والظهور
بمظهر المُنكسر والمتراجع. وأرى أنه من المُهم ألا يمر موقف فتح هذه المرة مرور الكرام
لأن الخطر على النسيج الاجتماعي والسياسي بات أكبر، ولأنها تجذبنا للوراء كلما تقدمنا
خطوة إلى الأمام.
فلسطين أون لاين، 20/4/2013