القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الأربعاء 27 تشرين الثاني 2024

ميناء غزة بين اللهفة والحذر

ميناء غزة بين اللهفة والحذر

بقلم: أغر ناهض الريس

لا ينبغي أن نفرط بالتفاؤل عند الحديث عن بناء ميناء غزة، وفك الحصار، وإعادة الإعمار؛ لأن سياسة عدونا في الترغيب والترهيب معروفة لنا، وذلك الجحر لدغنا منه قبلًا، ولكن لا يستطيع المرء أن يخفي فرحه، لاسيما أن الخبر أكدته مصادر مختلفة إذ يبدو أن قراره قد اتخذ ودخل حيز التنفيذ؛ فلعل الأمر حقيقة هذه المرة، ولكن إن كان كذلك فما هو الثمن الذي سيدفعه الشعب الفلسطيني في غزة؛ فالاحتلال لا يعطي شيئًا دون مقابل آني أو مستقبلي؟

ربما اقتنع الكيان العبري أخيرًا أن أسلوب الدمار والحصار لا ينفع مع الشعب الفلسطيني الذي ذاق الويلات وما زال صامدًا؛ فتقهقر العدو أمام المقاومة في جولات ثلاث، مع فرضه سبع سنين عجاف متمثلة بالحصار والدمار، دونما تحقيق لمراده في إخضاع المقاومة، أو دفعها إلى التخلي عن نهجها الذي زاد شعبية بمرور الوقت، وزيادة حدة القهر أصابته بالإحباط وزعزعت ثقته بنفسه. ربما ظن العدو أن إعطاء الشعب في القطاع الفرصة لالتقاط الأنفاس وانشغاله في إعمار ما هدمته يده الآثمة سيضعف من القاعدة العريضة التي تدعم المقاومة، ما سيتيح النيل منها بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، ولكنه نسي أن وعي الشعب، ونضجه السياسي، وإدراكه أن أي إنجاز على الأرض كان سببه قوة الردع التي خلقتها المقاومة المدعومة بصبر من الشعب المجرب هي ما أفشلت مخططاته حتى الآن.

أما الأسباب التي يحاول أن يروج لها بعض أن فك الحصار سيكون سببًا في ترسيخ الانقسام وفصل القطاع عن الضفة فهي تدعو للسخرية، لاسيما بعد أن عملت بعض تلك الأطراف جاهدة على ترسيخ الحصار ودعم جزء من الشعب دون الآخر، ما خلق حالة من الاستقطاب وتقسيم للمجتمع إلى مستفيد وغير مستفيد، وعزز انقسامه وأجج الكراهية بين أبنائه.

ويظل السؤال عن كيفية السفر عبر الميناء العائم الذي يرتبط بالعالم عن طريق الطرف التركي من جزيرة قبرص يعن على بال الكثيرين، فهل سيصل المسافرون إلى قبرص دون تأشيرة دخول؟، أم سيكون السفر عبرها حكرًا على البضائع وبعض الأفراد من أصحاب الإقامات والجنسيات الأخرى؟ لاشك أن وجود الطرف التركي في المعادلة يعطي شعورًا بالأمان بأن الترتيب سيكون في مصلحة الشعب الفلسطيني قدر المستطاع، ولكن لا ينبغي أن يكون هناك أوهام بأن سبب كون الميناء عائمًا، وأنه يبعد عن القطاع ثلاثة كيلو متر هو وضع قرار إغلاقه وفتحه تحت سيطرة الاحتلال، ولعل ذلك يحميه من مواجهة مصير كمصير المطار الفلسطيني، الذي نسفه العدو في جزء من حربه على الشعب الفلسطيني وتدمير بنيته التحتية.

كما بدأت مقالتي أنهيها بأن علينا ألا نفرط بالتفاؤل، وأن نحكم على الأمور بخواتيمها؛ فسر نجاح فك الحصار هو ألا يمس بسلاح المقاومة وتطويره وتعزيزه؛ لأنه يظل الضامن الوحيد لردع الاحتلال والورقة التفاوضية الأقوى التي يتعامل معها الاحتلال بجدية بدل أن يرمها في حاوية المخلفات.

المصدر: فلسطين أون لاين