نبض الحياة - محاولات الالتفاف على حق العودة
بقلم: عادل عبد الرحمن
قبل فترة وجيزة هذا العام بادرت مجموعة من الحزبين الجمهوري والديمقراطي في الكونغرس الاميركي للانتقاص من العودة للاجئين الفلسطينيين، والسعي التدريجي لتصفيته. وما زالت محاولات القوى المعادية للسلام في المؤسسات التشريعية والتنفيذية الأميركية تنسق حملتها المضادة لحق العودة للاجئين الفلسطينيين على أساس القرار الدولي 194 مع حكومة اقصى اليمين الصهيونية وخاصة وزارة الخارجية. التي بادرت يوم الثلاثاء الماضي لشن جولة جديدة لخدمة الهدف الاسرائيلي.
بادر داني ايالون، نائب وزير خارجية إسرائيل للحملة الجدية بعنوان :" انا لاجئ يهودي", ودعا اليهود، الذين دفعتهم الحركة الصهيونية ودولة إسرائيل رغما عنهم الى مغادرة بلدانهم الى دولة الابرتهايد في نطاق الشعار الصهيوني التاريخي " شعب بلا ارض, لأرض بلا شعب", وتجسيدا لوعد بلفور، الذي دعى لإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين، وعلى حساب حقوق ومصالح الشعب العربي الفلسطيني، الذي تكرس في نكبة 1948، حيث تم تشريد وطرد ما يزيد على (750,000) فلسطيني عبر خطة التطهير العرقي، التي نفذتها عصابات "الهاجاناة" و"شتيرن" الصهيونية، وفي نفس الوقت إحلال يهود من دول وقوميات العالم المختلفة, مستغلة الحركة الصهيونية جرائم الفاشية والنازية في الحرب العالمية الثانية ضد اليهود، بالإضافة الى قيام عصاباتها (الصهيونية) بعمليات ضد مصالح اليهود العرب في مصر والعراق واليمن والخليج وسوريا ولبنان والمغرب العربي لدفعهم للسفر الى إسرائيل "بلد المن والسلوى!".
تهدف الحملة الصهيونية الجديدة الى دفع يهود الدول العربية الى "نشر شهادات توثيقية على شبكة الانترنت" تهدف الى نشر اكاذيب عن "سلب اموالهم وممتلكاتهم" من قبل الدول العربية. كما سيترافق مع عملية التزوير المذكورة، انتاج فيلم بعنوان "القصة الحقيقية للاجئين لمناسبة مرور (60) عاما على تأسيس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين، الهدف منه، تزوير موقف اللاجئين الفلسطينيين، من حيث الادعاء بأن "الفلسطينيين هم الوحيدون، الذين يرفضون ومعهم الدول العربية إنهاء ملف اللاجئين. وان اللاجئين الفلسطينيين، هم الوحيدون في العالم الذين توارثوا اللجوء ويرفضون التوطين!؟"
اهداف الحملة الاسرائيلية ? الاميركية تتمثل في الآتي:
اولا: تزوير الحقائق بشأن اليهود العرب، الذين سافروا الى دولة الاحتلال والعدوان الاسرائيلية بإرادتهم، او عبر حملات التسفير، التي نظمتها الحركة الصهيونية بالإكراه او من خلال حملات الاقناع الايديولوجية. والادعاء الان, ان العرب قاموا ب"طردهم", وهو ما لا يتوافق مع الوثائق والوقائع الملازمة لإقامة الدولة العبرية عام 1948.
ثانيا: العمل على الوصول الى هدف "التوطين " للفلسطينيين في الدول العربية من خلال طرح خيار "المبادلة". حيث تشير الحملة الاسرائيلية الى ان عدد اليهود، الذين تركوا البلدان العربية يبلغ (865,000) يهودي.
ثالثا: نفي حق الابناء الفلسطينيين في العودة، من خلال الادعاء بعدم جواز "توريث" العودة للأبناء. وهذا ما يتناقض مع الشرائع والقوانين الدولية وخاصة قوانين حقوق الانسان. وايضا للالتفاف على عدد اللاجئين الفلسطينيين، الذين يحق لهم العودة، والذي يفوق عدد اليهود، الذين ولدوا بعد النكبة، هذا في حال تم "التساوق" مع الرؤية الصهيونية ? الاميركية المعادية لحق العودة للفلسطينيين.
رابعا: "تحميل الفلسطينيين والدول العربية المسؤولية عن استمرار ملف اللاجئين قائما حتى الآن، وبالتالي "تبرئة" الحركة الصهيونية ودولة الابرتهايد الاسرائيلية من مسؤوليتها التاريخية السياسية والقانونية والاقتصادية تجاه ابناء الشعب الفلسطيني، الذين طردوا من مدنهم وقراهم وبساتينهم ومصانعهم ومصالحهم في نطاق حملة التطهير العرقية، التي كشف عنها الكاتب اليهودي " الآن بابيه" وغيره من الكتاب واصحاب الرأي اليهود.
مع ان الوقائع وقرارات الشرعية الدولية والمنظمات الأممية المختلفة، واستمرار دوامة الصراع، ورفض دولة إسرائيل خيار السلام وتطبيق القرار الدولي 194، الذي ربط بين عودة اللاجئين الفلسطينيين والاعتراف بالدولة العبرية، جميعها تؤكد، ان اسرائيل وحدها ومن يقف خلفها، هم المسؤولون عن حرمان الفلسطينيين من حق العودة لوطنهم الام.
الحملة الاسرائيلية ? الاميركية ستبوء بالفشل. ولن تفلح في العبث بحقوق اللاجئين الفلسطينيين. ولن تجد قائدا فلسطينيا مهما كانت خلفيته السياسية وبراغماتيته، يمكنه القفز عن هذا الحق التاريخي لأبناء جلدته، لا يمكن أيضا لاي قيادة عربية رسمية، مهما تساوقت مع التوجهات الاسرائيلية والاميركية تجاوز حق الشعب الفلسطيني في العودة لوطنهم. كما لا يمكن لاي عملية تجنيس إسقاط حق العودة للاجئين الفلسطينيين العرب لديارهم ووطنهم الأم. والابناء اكثر تمسكا من الاباء بحق العودة. ولا يمكن للأجيال الفلسطينية الجديدة إسقاط حقها في العودة الى ارض الوطن الأم حتى لو لم تتحدث اللغة الام, اللغة العربية. ومن يعود ويراقب الريبورتاجات، التي أجرتها وسائل الاعلام مع ابناء الشعب العربي الفلسطيني في دول الشتات، يستطيع تلمس ذلك بالعين المجردة.
لذا على داني ايالون وافيغدور ليبرمان وزعيم حكومتهم نتنياهو وغيره من قادة الائتلاف الاكثر تطرفا في تاريخ الدولة الاسرائيلية, وعلى حلفائهم الاميركيين من الحزبين الديمقراطي والجمهوري التوقف عن العبث بالملف الاكثر حساسية عند الفلسطينيين، لان جذر القضية الوطنية ينحصر في عودة الارض واصحاب الارض اللاجئين.
المصدر: الحياة الجديدة