نحو حركة ثقافية فلسطينية فاعلة
بقلم: ياسـر عـلي
من نافل القول الحديث عن أهمية الثقافة في ترسيخ المبادئ والمفاهيم لدى الشعوب، كأحد دروب النضال من أجل الأهداف المنشودة.. ومن نافل القول الحديث عن أهمية الثقافة لدى الفلسطينيين، وخصوصاً شريحة اللاجئين منهم.
ويتفاخر الفلسطينيون في تأريخ ثوراتهم المتعددة بدور المثقفين والشعراء في قيادة الثورة وتأجيج لهيبها وتسعير نارها ومقاومتها، منذ إبراهيم طوقان وعبدالرحيم محمود مروراً بنوح إبراهيم شاعر ثورة القسام..
وفي عصر الثورة الفلسطينية الحديثة، برز دور المثقفين، وكان واضحاً أن نسبة كبيرة من القيادات الأولى لمنظمة التحرير الفلسطينية والمجالس الوطنية هم من المثقفين والشعراء والأدباء، إلى أن شهدت الثورة الفلسطينية في بيروت ريادة المثقفين لها في بيروت إبّان الحرب اللبنانية، وكان الدور الأميز هو لاتحاد الكتاب والصحفيين الفلسطينيين..
ويمرّ اليوم شعبنا بمخاض عسير وتحديات كبيرة، يحتاج فيها إلى كل الكفاءات وبجهود استثنائية للخروج من عنق الزجاجة والمراوحة بالقضية في مكان واحد كالمعلّقة.. وبات من الضروري أن تطفو على السطح النتيجة الطبيعية لهذا المخاض، وأن تتصدر قيادات ثقافية واعية للمشهد الثقافي الفلسطيني في لبنان على الأقل.
ولكن ما هو الإطار المناسب الذي يُفترض أن يضم هؤلاء المثقفين؟
تاريخ الاتحاد العام للكتاب والصحفيين الفلسطينيين يشهد له بالريادة، ولكن الفرع في لبنان يحتاج إلى «نفضة»، فالفرع تأسس في أواسط التسعينيات باسم «اتحاد كتّاب فلسطين»، وتم ترسيمه في مؤتمر الاتحاد العام في دمشق سنة 1998، ونشط لعدة أعوام وأصدر نشرة «زهرة المدائن»، وواكب انتفاضة الأقصى، وفي عام 2004 غطّ في سبات عميق، له أسبابه التي لا يتسع المقام لها. وقد حاولنا عدة مرات تنشيطه، ولكن لم نفلح بذلك بسبب تمسك البعض بالكرسي ولو كان محطماً..
في الآونة الأخيرة، جرى تشكيل عدة أطر فلسطينية، إعلامية وأدبية، منها رابطة الإعلاميين الفلسطينيين، التي تركزت بشكل رئيسي على صفحات التواصل الاجتماعي، وجغرافياً في الشمال. ثم تأسس منتدى الإعلاميين الفلسطينيين، الذي تركز في مدينة صيدا، وأطلق الاسم في حفل التأسيسي في بلدية صيدا.. وملتقى الأدباء الذي يقيم على ما يبدو في مدينة صور، وسمعنا عنه بنشاط يتيم عن بعد. ما يعني أن التوجهات الفلسطينية ذاهبة باتجاه توحيد جهود المثقفين والأدباء والإعلاميين إدراكاً لأهمية دورهم في تنشيط وتفعيل حضور القضية الفلسطينية عموماً وقضايا اللاجئين الفلسطينيين في لبنان خصوصاً.
بعد سبات دام نحو ثماني سنوات، بات لزاماً وضرورياً، بل ومتأخراً، العمل على تنشيط اتحاد الكتّاب والصحفيين، وإذا لم ينجح تنشيط الاتحاد، سوف يُعذر من أنذر، ويصبح مبرراً إعادة تأسيس الاتحاد بعيداً عن هيئته الإدارية السابقة (وقد كنتُ عضواً فيها، وأعتقد أن ثمانية أعضاء من عشرة في الهيئة باتوا يطالبون بإعادة إنشائها بعيداً عن التفرد القائم الآن، والذي يقتل الاتحاد كل يوم).
أيها الكتّاب والأدباء الفلسطينيون في لبنان: آن أوان البدء بالتحرك والتجمع والتصنيف وتحضير الاستمارات من أجل الانتساب إلى الاتحاد من جديد، في خطوة باتجاه إعادة تأسيس ونهضة الاتحاد من جديد، فهو لنا ولفلسطين، وآن الأوان لكي يعود بنا إلى فلسطين.
المصدر: البراق – بصراحة – عدد تشرين الأول 2012