القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
السبت 23 تشرين الثاني 2024

نحو مشروع فلسطيني موحد يحلّ أزمة «نهر البارد»

بصراحة
نحو مشروع فلسطيني موحد يحلّ أزمة «نهر البارد»
 

ياسر عزام

منذ 20 أيار من عام 2007 حتى اليوم، والحال على حاله، دُمّر المخيم، ولكنه لم يعد إلى ما كان عليه.. اشتعلت الحرب فيه بأيدٍ غير فلسطينية، ولكن الفلسطينيَّ هو من دفع ثمن ما جرى.. وما زال حتى اليوم..

قبل ذلك، دخلت مجموعات من تنظيم «فتح الإسلام» إلى لبنان، واتَّهم أطرافُ السياسة اللبنانيون بعضهم بإدخالهم.. ولا أحد يعرف بالتأكيد حقيقة الأمر.. ولكن الأمر الواضح والحقيقي، هو أن الفلسطينيين هم من دفع الثمن في كافة مراحل هذه القضية.

هم 169 لبنانياً، و144 فلسطينياً من خارج لبنان، فقط ستة فلسطينيين من مخيم نهر البارد، والباقون من جنسيات عديدة، شكّلوا تنظيم «فتح الإسلام» في معركته مع الجيش اللبناني. فدفع الفلسطينيون الثمن!

· دفعوا الثمن عندما خرجوا من بيوتهم، بقصد التعاون مع الجيش اللبناني!

· دفعوا الثمن عندما صدقوا أن «الخروج مؤقت والعودة مؤكدة والإعمار حتمي».

· دفعوا الثمن عندما هُجّروا طوال أربعة أشهر من المعارك، ثم سنة لأهالي المخيم الجديد. أما أهالي المخيم القديم فلم يعودوا حتى الآن.

· دفعوا الثمن عندما تفقّدوا بيوتهم وكانت بحالة جيدة، وعندما عادوا وجدوها قد نُهبت أو هدمت أو أحرقت.

· دفعوا الثمن عندما اعتقدوا أنهم العائدون، ولكنهم أُسكنوا في البراكسات.

· دفعوا الثمن عندما أصبحوا مادة انتخابية تفوح منها عنصرية مقيتة تتنافس عليها الجهات اللبنانية في الانتخابات.

· دفعوا الثمن عندما (اكتُشفتْ!) «مدينة أرتوزيا» وتأخّر الإعمار.

· دفعوا الثمن عندما اتُّخذ القرارُ (العشوائي – في أحسن الظن!) بهدم المخيم كله وإعادة إعماره المشكوك فيها.

· دفعوا الثمن عندما قررت الأونروا تلزيم الإعمار لجهات سياسية. فلا هي تستطيع رفع دعوى على المتأخرين بالإعمار، ولا هي تستطيع توزيع التلزيمات على متعهدين جزئيين بالطريقة التي تقوم به هذه الشركات.

· دفعوا الثمن عندما بدأت تظهر ملامح «علب السردين» المسماة رزماً وقطاعاتٍ تقوم بإعمارها الأونروا.

· دفعوا الثمن بسبب الهدر الذي تسبب به فساد الأونروا، من إسكان موظفيها في فندق خمس نجوم وبدَلات ورواتب عالية جداً، لإشرافهم على إعمار نهر البارد.

· دفعوا الثمن عندما مُنعوا من توريث بيوتهم في المخيم الجديد إلى أبنائهم.

· دفعوا الثمن عندما تبيّن أن البيوت في المخيم القديم لم تعُدْ لهم.. بل أصبحوا مستأجِرين عند الدولة في عملية رأى البعضُ أنها مرتّبة منذ البدايات لتصبح على الترتيب الآتي: حرب، فتهجير، فتدمير، فقرار هدم، فمصادرة أرض، فإعادة إعمار بملكية جديدة. ما يعني سلب آلاف الفلسطينيين بيوتهم من دون مسوغ قانوني سوى الاستيلاء بالقوة.

· دفعوا الثمن عندما أصروا على التمسك بالمخيم، فإذا بهم في سجن كبير تحت مسمى منطقة عسكرية.

· دفع الفلسطينيون الثمن وما زالوا يدفعونه، في حرب لا ناقة لهم فيها ولا جمل.

* * *

أمام هذه الأثمان، بات واضحاً أن سيناريواً واضحاً قد جرى رسمُه من البدايات، من غير علم أدواتِهِ، وصل بنا إلى إحدى حالتين:

- الأولى، مشروع تهجير أهالي أحد أكثر المخيمات استقراراً.

- الثاني، استملاك هذه البقعة الاقتصادية المستقرة لجهات نافذة، وبالتالي الإنهاء الرابع لأحد المخيمات في لبنان وإفقاده شكله الرمزي للجوء.

مقابل كل هذا، أين هو المشروع الفلسطيني الذي يواجه هذا المخطط؟ وأين هو التعاون الفلسطيني الذي يجب أن يكون الرائد في التخطيط والتفاوض والوعي المبكر لهذا السيناريو الذي بين أيدينا؟ هل سبقتنا الأحداث؟ أم أنها مرّت أمامنا من غير أن ندرك ما يجري؟

بتلك الشكاوى وهذه الأسئلة التي حاولنا فيها تحريك الراكد وإثارة الفكر وتحريض الوعي كمدخل لهذا المؤتمر، نطلق معها الصرخة.. ليست هي صرخة البداية، فقد بدأناها مع مأساة المخيم منذ سنوات.. وليست صرخة الذروة، فعملنا التراكمي لم يصل إلى الذروة بعد.. ولكنها صرخة المخاض.. وآلام المخاض مهما اشتدت فإنها لا تلغي حتمية الولادة.. ولادة مخيم نهر البارد من جديد.. وإن غداً لناظره قريب.
 
المصدر: البراق - العدد الـ86