القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الأحد 24 تشرين الثاني 2024

نزول الروح في صبرا

نزول الروح في صبرا

بين 16 و18 أيلول 1982، دخل الجيش الإسرائيلي وميليشيا القوات اللبنانية إلى مخيم شاتيلا ومنطقة صبرا فقتلا وخطفا المئات. هنا، استعادة مختلفة لتلك الليالي..

علاء العلي

يتململ شاهد عيان على كرسيه قبل أن يسأل من حوله: «سبعة ونص بنبلش»»، يجيبه مولوتوف «يلا». يرتفع صوت «أسلوب» وعبد الجبار بين الحضور «فدائي، فدائي يا أرضي يا أرض الجدود». تتجاوب الأصوات من حولهم في متابعة النشيد الوطني الفلسطيني. هذه الأسماء، بالمناسبة، هي الأسماء المستعارة لكتيبة خمسة.

لحظات قليلة وتظهر ظلال محمود درويش على لوحة بلاستيكية معلقة في المكان، قبل أن يعلو صوته «لا بد لنا أن نتذكر بين الحين والآخر صبرا وشاتيلا». تنشغل الأيادي التي بالكاد تظهر على اللوحة البلاستيكية بالتصفيق، فيما تنشغل أيادي العاملين في استوديو مخيمات بين توزيع القهوة العربية على الحاضرين وزرع الشموع بين جدران المقبرة وأشجارها. تتماهى ظلالهم مع ظلال أخرى رسمت في ليال سابقة بيدي جزار. تنطلق الدكتورة سوي أنج وإيلين سيجال الممرضة الأميركية والشاهدتان على آرييل شارون أمام لجنة كاهان بمرافقة الدكتورة عزيزة الخالدي لاستكشاف الفعل المخيمجي الأول.

في محاذاة البوابة، «جرافيتي» لعبارة من قصيدة في مديح الظل العالي لدرويش «صبرا هوية عصرنا». وتحتها تظهر لوحة ناجي العلي التي جسدت المجزرة. خطوات قليلة إلى الأمام عبارة أخرى أو رسالة لمن يطلب تسليم السلاح الفلسطيني في المخيمات. «لماذا أخذت السلاح بعيداً؟»، استبدل حرف الألف الأخير فيها برسم لبندقية فوهتها للأسفل. تعلق إيلين سيجال «مذهل».

يختفي صوت الموسيقى ليرتفع صوت شاهد عيان «هلق رح نكفي الشغل المخيمجي مع جزار، فيكم تساعدوا بالدهان أو توقفوا ليرسم خيالاتكم». يطلب جزار من أحد الصحافيين أن يكون المبتدئ. يتردد المدعو قليلاً قبل أن يسمع إصراراً «إحنا ما داعيين مشاهدين طلبنا مشاركة». يقترب أحد الأشخاص، معرفاً د. سوي بأسلوب. تبدي إعجابها بالموسيقى والعمل بصورة عامة. يشكرها ويخبرها عن مساهمة رفيقة دربه عازفة الفلوت نيسم جلال ويعرف بكتيبة خمسة، ثم يسأل: «شو متذكرة من أيام المجزرة؟». تبدأ بالحديث، فينصت باهتمام. لحظات وتقترب إحدى العاملات في استوديو مخيمات، مقترحة أن تتابع الدكتورة حديثها عبر «الميكروفون». تتولى الدكتورة عزيزة الخالدي الترجمة. يصغي الجميع باهتمام إلى وقائع الليالي الثلاث للمجزرة، أي كيف أُضيئت السماء بالقنابل المضيئة، وكيف دخل القتلة إلى مستشفى غزة حيث كانت تعمل مع «إيلين» طوال الوقت على إنقاذ الجرحى مع 20 متطوعاً أجنبياً، وكيف اقتيدوا من المستشفى إلى مكان قريب من المقبرة الجماعية. «فلولا جنسياتنا الأجنبية لكنا في عداد المدفونين هنا»، تقول. أما الدكتورة عزيزة والفريق الطبي الفلسطيني فقد نجوا لخروجهم من المستشفى قبل دخول المجرمين بسويعات قليلة. هكذا، أصبح لسوي وإيلين موعد سنوي كل أيلول مع لقاء الفلسطينيين في صبرا وشاتيلا. تنهي الدكتورة حديثها، بينما يتولى حسين ديماسي، من استوديو مخيمات، شرح فكرة الفعل المخيمجي لفلسطيني آتٍ من السويد «لازم نغير الطريقة يلي منحكي فيها عن المخيم ومشاكله ونشتغل بدل ما نحكي». يستمع بعدها الجميع إلى إحدى الناجيات من المجزرة، ومن ثم لأحد المقاتلين المدافعين عن بيروت أثناء الحصار الإسرائيلي. ينهي جزار آخر رسومه الأطفال. يرتفع صوت شاهد عيان شاكراً المشاركين والراعين لهذا الحدث.

------------------------------------------------------------

فعل مخيمجي

«نزول الروح»، هو عنوان الفعل المخيمجي الأول والمستوحى من كلمات لمحمود درويش. ويطمح العاملون في استوديو مخيمات إلى تحويل مكان المقبرة الجماعية لشهداء المجزرة إلى متحف أو معرض يستقبل الزائرين على مدار العام ليعايشوا جزءاً من التاريخ الفلسطيني في لبنان وجرائم العدو الصهيوني وعملائه بحق اللبنانيين والفلسطينيين عبر الصوت والصورة الموثقة. فكرة تحتاج إلى أكثر من مبادرة فردية.

المصدر: جريدة الأخبار اللبنانية