القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
السبت 23 تشرين الثاني 2024

نموت وتحيا فلسطين ترافق شهيدي البص والبرج الشمالي

نموت وتحيا فلسطين ترافق شهيدي البص والبرج الشمالي
 
 
الثلاثاء 17 أيار 2011
حسين سعد - السفير

لم تكن رفقة الدرب من مخيم البصّ إلى مارون الراس أول من أمس، أقل حرارة من الوداع الأخير للشهيد محمود محمد سالم بين أهله ورفاقه أمس. فعلى وقع الصمت والوجوم، انتظر رفاق محمود وأبناء المخيم، الذي شارك بشيبه وشبابه في مسيرة العودة، خروج جثمان الفتى بعد الصلاة عليه محمولاً على الأكف، مخترقاً أزقة المخيم نحو رحاب مدينة صور، التي احتضنت جثمانه.

وتوحد الشباب والرجال والنسوة في السير وراء الجثمان، رافعين قبضاتهم وأعلامهم الفلسطينية والحزبية، وهتافات لم يمحها الدهر «يا شهيد ارتاح ارتاح نحن نواصل الكفاح، نموت وتحيا فلسطين»، وسط نثر الأرز والورود، وإطلاق زخات من الرصاص في الهواء.

أمس، استرجع الشاب مصطفى عبد الله، الذي أقلته مع رفيقه الشهيد حافلة واحدة إلى مارون الراس، حيوية وثورة رفيقه المتشوق للوصول إلى الحدود ورؤية فلسطين، التي تربى مع عائلته وأبناء شعبه على حمل أمانتها. «كان محمود مندفعا جداً، فتخطى كل الإجراءات المتخذة في الجانب اللبناني. وبلغ الشريط الشائك الذي يفصل فلسطينه عن لبنان»، كما يقول عبد الله، «هناك على الشريط، كان لمحمود ما أراد، فاستشهد برصاص العدو الذي هاب علمه وجسده النحيل». «تحول البصّ خلال ساعات، من مخيم، استنفر كل طاقاته للمشاركة في مسيرة العودة، إلى مخيم يودع شهيداً في مقتبل العمر»، كما تقول سلمى عبد الرازق، التي ما لبثت تمسح الدمع عن عينيها في وداع ابن المخيم محمود. تضيف: «المخيم حزين جدا على فقدان محمود. لكن مسيرة التحرير ما زالت تحتاج إلى المزيد من العطاء ومن الجميع».

وفي مخيم البرج الشمالي، الذي تعوّد على تقديم الشهداء، كان نصيبه في الذود عن فلسطين أول من أمس خسارة الشاب محمد سمير الصالح (17 سنة). وفي الجنازة المهيبة التي جابت شوارع المخيم الضيقة، ردد المشاركون من كل الطيف السياسي الفلسطيني شعارات العودة، التي عمدت بدم محمد ورفاقه في مارون الراس. ترك محمد حسرة كبيرة بين أبناء المخيم عموماً. واستعاض الصغار عن دوامهم المدرسي، بحصة في معنى الشهادة، بعدما مشوا خلف جنازة محمد، الذي هجر المدرسة مبكراً، متفرغاً لإعالة عائلته إثر وفاة والده. يقول جمال الصالح القيادي في «حزب الشعب الفلسطيني»، الذي كان مع ابن أخيه الشهيد، جنباً إلى جنب في مسيرة العودة: «إن شعبنا يشرب الشهادة كما يشرب الماء يومياً»، مشيراً إلى أن «الحزن على غياب الأحبة وفلذات الأكباد لهو الأصعب والأقسى».