القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
السبت 30 تشرين الثاني 2024

هكذا تتلاشى "الدولة" على حدود "الدولة”.. في برج البراجنة

هكذا تتلاشى "الدولة" على حدود "الدولة”.. في برج البراجنة

فادي شامية

روى مسؤول فلسطيني كبير في مخيم برج البراجنة لـ"المستقبل"، حقيقة الإشكال الذي وقع مساء الأحد الماضي، في محيط المخيم المذكور، بين عناصر من "حزب الله" وفلسطينيين من المخيم.

ووفق المسؤول إياه: "فإنه مساء ذلك اليوم، كانت عائلة لبنانية، تقيم في مخيم برج البراجنة منذ أربعين عاماً، تحتفل بزفاف ابنها، وكان موكب العريسين يهم بمغادرة المخيم، حين طلب والد العريس - القريب من جمعية إسلامية معروفة بصلاتها الوثيقة بالقيادة السورية- من ابنه الذهاب لحاجز حزب الله الذي يبعد مئتي متر، وإبلاغه بمرور الموكب تفادياً لأي إشكال. ذهب الشاب وأخبر عناصر الحاجز بمرور سيارة واحدة للعريس من أجل تسهيل مرورها، وتم الاستغناء عن السيارات الأخرى، لكن أفراد الحاجز تعاملوا بخشونة مع شقيق العريس، ولما مرت السيارة أوقفها عناصر الحاجز وطلبوا تفتيشها، فسمح لهم العريس بذلك، لكنهم طلبوا نزول العريس والعروس من السيارة وأصروا على تعبئة استمارة لهما، ما استفز الأهالي والأصدقاء، وحصل الإشكال، الذي تطور لقيام عناصر الحزب بإطلاق النار”.

يضيف المصدر: "تدخل أبو حسين عويتي، مسؤول جبهة التحرير العربية في المخيم لدى عناصر الحاجز، من أجل تطويق الإشكال، وعرّف عن نفسه، لكنه عومل بخشونة أيضاً، وأسمعه عناصر الحاجز إهانات كبيرة، لا سيما بعد أن تدخل مسؤول للحزب أعلى رتبةً، قائلاً: يجب ترحيل الفلسطينيين من الضاحية، ما أسهم في توتير الأجواء، وحصول مشادات كلامية وإطلاق نار من قبل عناصر الحزب، في الهواء وعلى الصائب، ما أدى إلى مقتل الفلسطيني محمد السمراوي، وإصابة ثلاثة آخرين، من بينهم محمد الأشوح، الذي هو الآن في حالة حرجة في مستشفى دار الحياة في بيروت”.

وفي معلومات خاصة بـ"المستقبل" أنه بعد مقتل السمراوي واستنفار مسلحين في المخيم؛ تكثفت الاتصالات بين قيادة "حزب الله" ولجنة المتابعة الفلسطينية لتهدئة الوضع، حيث شدد الحزب على أن ما جرى لا يعدو كونه حادثاً فردياً وسوء تقدير من مسؤول الحاجز، فيما اعتبر المسؤولون الفلسطينيون أن الإجراءات الأمنية التي يتخذها عناصر الحزب أصبحت لا تطاق، مطالبين بتسليم القاتل وإلا انفجر الوضع، وقد استمرت هذه الاتصالات إلى أن عُقد اجتماع بين الحزب ومسؤولي الفصائل الفلسطينية، وكان البند الأول في البيان الذي صدر بعد ذلك: "اعتبار ما حدث إشكالاً فردياً ولا خلفيات أو تبعات سياسية له على الإطلاق”.

اللافت أن البيان أسقط مطالب قادة الفصائل الفلسطينية بضرورة معاقبة القاتل لصالح "إدانة ورفض أي تحريض يؤدي إلى إشعال فتنة بين أبناء المخيم والجوار، والعمل على معالجة ذيول ما حدث وإعادة الأمور إلى ما كانت عليه... والتأكيد على العلاقة الأخوية اللبنانية الفلسطينية، ومتانة العلاقة بين المخيم والجوار”.

وبالعودة إلى المسؤول الفلسطيني فإنه يعتبر أنه "قد تمت معالجة ذيول الحادث، لكن هناك مخاوف كل لحظة من أزمة جديدة"، ما يعني أن الموضوع ليس مجرد إشكال فردي - برأيه كما رأي كثيرين من المخيم وخارجه-، إذ ثمة احتقان حقيقي موجود بين أبناء المخيم والجوار، تزيده التعبئة والاتهامات الشائعة في الضاحية حول تورط فلسطينيين في التفجيرات أو إطلاق الصواريخ مؤخراً، ثم تأتي إجراءات الأمن الذاتي، التي تتسبب كل يوم بعشرات الإشكالات بين أبناء الطائفة الواحدة أو الفريق الواحد لتفاقم الموضوع، فيما حدود الدولة تكاد تتلاشى كلياً على حدود الدولة الأخرى، لدرجة أن أحداً لم يسمع بعد بحصول توقيفات على أثر ما جرى رغم سقوط أربعة ما بين قتيل وجريح، ورغم غزارة إطلاق النار الذي سُمع ليلتها...

الأنكى أن أحداً لم يتجرأ بعد على مطالبة "حزب الله" بتقديم توضيح لما جرى، وتقديم المسؤولين عن هذا الإشكال إلى القضاء ليأخذ العدل مجراه، علماً أنه لو حصل الحادث على نحو معاكس، أي كان القتلى من طرفه، لكان اختلف الوضع كلياً (أصر الحزب على تسليمه مشتبهاً بهم من المخيم قبل أيام فكان له ما أراد، وإن بطريق ملتوٍ، رغم أنه ثبت عدم تورطهم بما اتهموا به من إطلاق صواريخ على الضاحية)، إذ يبدو أن عناصر الحزب صارت محصنة من الملاحقات القانونية، استتباعاً لـ"تفهم" و"تبرير" وزير الداخلية سابقاً إجراءات الأمن الذاتي في الضاحية وبقية مناطق نفوذ "حزب الله"!.

المصدر: المستقبل